من المها العربي إلى الباندا العملاقة.. قطر تضاعف الجهود لحماية الحيوانات البرية

منذ 1 سنة 354

قطر، الدولة المعروفة بهندستها المعمارية المذهلة وتراثها الثقافي الغني، تخطو خطوات كبيرة في مجال الحفاظ على الحياة البرية. تُظهر الجزيرة التزاماً ثابتاً بالحفاظ على أنواع الحيوانات المعرضة للخطر، بما فيها المها العربي، ومؤخراً الباندا العملاقة.

ففي محمية المها الحكومية التي تقع غربي الدوحة، يعمل طاقم من المختصين بشكل شبه دائم من أجل إعادة المها العربي إلى الحياة البرية، بعدما كادت هذه الحيوانات التي تمتلك رمزية كبيرة، تنقرض في سبعينيات القرن الماضي. 

ويقول أندريا دوغلييرو، أحد البيطريين العاملين في المحمية، إنهم يحاولون حماية المها، التي تعرف أيضاً باسم الوضيحي في شبه الجزيرة العربية، من الاحتكاك المفرط بالبشر لأن برنامج إعادة إدخالها إلى الحياة البرية لا يزال يافعاً. 

ومنذ نحو خمسين عاماً، أعلن انقراض هذه الحيوانات الجميلة من البرية لأسباب عدّة بينها الصيد الجائر الذي أثر كثيراً على أعدادها خصوصاً وأنه لا يمكن لأنثى المها إلا أن تضع صغيراً واحداً كل عام، بينما كانت في الواقع تقتل بالمئات سنوياً. 

ومنذ فترة أطلقت عملية دولية سمّيت بـ"عملية المها" من أجل الحفاظ على هذا الحيوان الجميل وتبلغ أعدادها حالياً نحو 18.000 في قطر، 3500 بينها في محمية المها وحدها. وحالياً، لم تعد تلك الحيوانات الناصعة البياض مهددة بالانقراض، ولكن فقط معرّضة للخطر. 

ويأمل دوغلييرو في أن تقل أعداد الحيوانات المحجوزة، وأن تعود إلى البرية ليتمكن الأطفال من رؤية "المها المهيب" الذي لم يروه قبلاً.  

الصورة المُلهمة

مع سعي الدولة الغنية بالغاز لحماية الأصناف الحيوانية والبيئة، يبدو العمل الفني وتصوير الحياة البرية جزءاً مكملاً لهذا السعي، إذ يلعب دوراً توعوياً لا جمالياً فقط. 

حمد آل خليفة، أحد المصورين البارعين الذين يسعون إلى إظهار التنوع الحيواني في الجزيرة، يمضي أحياناً ساعات أو أياماً أو أسابيع في البرية بانتظار أن تمنحه الطيور ثقتها، ليأخذ اللقطة المثالية.  

يقول آل خليفة إنه بدأ كجميع المصورين، يأخذ الصور "العادية والجميلة" للطيور، الصور التي تبرز فيها ألوانها. ولكنه أدرك لاحقاً أن لها حياة في الحقول، ومنذ ذلك الحين سعى إلى توثيق ذلك وإلى نقل "القصة كاملة" للمشاهد. 

ويعتقد آل خليفة أن المهمة الأساسية والأصعب هي الحصول على ثقة الطيور ليتمكن من تصويرها كما يريد حقاً. ولذا فهو ينتظر ساعات وأياماً وأسابيع أحياناً. 

وقطر، على الرغم من صغر مساحتها، تقع تماماً في درب أسراب كبيرة وأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة بالاتجاهين: إما من الشمال إلى الجنوب، أو العكس. 

ولذا، تسجل الجزيرة في السنوات الأخيرة مرور أنواع كثيرة فيها، بلغت العام الماضي أكثر من 400 نوع من الطيور المهاجرة.  

الباندا العملاقة

لا تقتصر المساعي القطرية لحماية الحيوانات على المها العربي، إنما تشمل أيضاً الباندا العملاقة التي يعدّ تكاثرها أمراً معقداً في الواقع. 

منذ فترة أهدت الصين البلاد زوجين من الباندا العملاقة وهما ثريا وسهيل، اللذين يعيشان حالياً في مساحات هائلة مخصصة لهما في Panda House على بعد 50 كيلومتراً إلى شمالي الدوحة. 

الحيوانان قادمان من منطقة سيتشوان في الصين، ولكي لا يتغيّر الجوّ عليهما كثيراً، شيّد المهندسون Panda House [بيت الباندا] بطريقة يقلّد جبلاً في سيتشوان، حيث يمكن تعيير درجات الحرارة وتقليدها خلال الفصول الأربعة، بحسب ما تقوله سيسي كوو، إحدى المسؤولات. 

وتعيش الباندا العملاقة بطريقة انفرادية، وفترة الإباضة لدى الأنثى قصيرة جداً [يوم واحد فقط]، ما يعني أنّ على الأطباء البيطريين العاملين هناك تحديد هذا اليوم عبر مراقبة سلوكها وإجراء الفحوص الطبية اللازمة بشكل دوري، علّ ثريا وسهيل المحبوبين جداً، يتكاثران. 

وعلى الرغم من أن تكاثر الباندا العملاقة مسألة معقدة وبحاجة إلى متابعة دائمة، إلا أن برامج حماية هذا الحيوان تعتبر الأنجح عالمياً. وتأمل كوو في أن يبنى عليها من أجل حماية أنواع أخرى.