توضح الإذاعة العامة الكندية، أن "الأحداث الرياضية الكبرى غالبًا ما تكون الفرصة الوحيدة للسفر للرياضيين، والمدربين، والصحفيين، وحتى المواطنين العاديين، مما يجعل أي منافسة من هذا النوع فرصة لهم لمغادرة بلادهم".
لم يعد أعضاء الوفدين الكونغولي والكوبي إلى بلديهما في نهاية دورة الألعاب الأولمبية في باريس. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة أصبحت شبه عادية، فإن الألعاب الأولمبية تظل منذ عقود فرصة نادرة للرياضيين للفرار من انعدام الأمن أو الفقر أو الأنظمة الشمولية في بلادهم.
ويشير إلى أنه "في الواقع لم يتبق من الرياضيين من جمهورية الكونغو الديمقراطية سوى ثلاثة فقط في العرض الختامي يوم 11 أغسطس، بينما كانوا ستة في مراسم الافتتاح يوم 26 يوليو".
ووفقًا لقناة التلفزيون الكونغولية، فإن حصيلة الكونغو الديمقراطية في الأولمبياد "سلبيّة إلى حد كبير"، سواء بسبب عدم إحراز أي ميدالية أو بسبب "فرار" عدد من اللاعبين.
وأضافت وسائل الإعلام أن "من أصل 36 شخصًا يشكلون وفد جمهورية الكونغو الديمقراطية، عاد فقط 33 إلى الوطن"، دون تقديم تفاصيل عن الثلاثة المفقودين. ويُحتمل أن يكون سبب هذه الانشقاقات هو الأزمة الأمنية المستمرة في البلاد.
لكن الوفد الكونغولي ليس الوحيد الذي شهد انشقاقات: لاعبة الجودو الكوبية دايلي أوجيدا، التي لم تتأهل للأولمبياد ولكنها كانت عضوًا في الفريق الفني، غادرت باريس قبل بدء الألعاب، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الكوبية "دياريو دي كوبا".
ومنذ ذلك الحين، لم يعثر على أي أثر لها. وهذا التصرف يعكس أيضا الوضع في بلدها الأصلي، حيث "تواجه الجزيرة في السنوات الأخيرة نقصا حادا وتضخما مفرطا، في حين أن الحصار الأميركي المفروض على البلاد منذ أكثر من ستين عاما يفاقم الأزمة"، كما يوضح "راديو كندا".
وهذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها الرياضيون أو أعضاء الوفود الألعاب الأولمبية للهرب من بلدانهم الأصلية. يحدث هذا تقريبًا في كل دورة أولمبية، حيث "يستغل العديد من الرياضيين المنافسات الدولية، مثل الألعاب الأولمبية، كوسيلة للفرار من انعدام الأمن والفقر أو الأنظمة الشمولية في بلدانهم"، كما يذكر موقع "راديو كندا".
ووفقًا لوزارة الداخلية البريطانية، قدم 82 شخصًا طلبات لجوء في لندن خلال الألعاب الأولمبية لعام 2012.
76 عاما من الانشقاقات
تعود صحيفة "لو ديفوار" الكندية إلى دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 1948 لتوثق "قائمة طويلة من حالات الفرار" التي شهدتها الألعاب.
في ذلك الوقت، رفضت مدربة فريق الجمباز التشيكوسلوفاكي ماريا بروفازنيكوفا مغادرة المملكة المتحدة، وانتهى بها المطاف في الولايات المتحدة.
وخلال فترة الحرب الباردة، "تكررت هذه الخطوة من قبل العديد من الرياضيين من دول الكتلة الشرقية". فقد طلب 45 رياضيا من الوفد المجري اللجوء في أستراليا بعد ألعاب 1956، بينما كان الشعب المجري ينتفض ضد سيطرة الاتحاد السوفيتي على بودابست.
ومؤخراً، في عام 2021، أثار هروب العداءة البيلاروسية كريستسينا تسيمنوسكايا ضجة في الصحافة الدولية.
وذكرت "لو ديفوار"، أن تسيمنوسكايا حصلت في النهاية على تأشيرة إنسانية في بولندا بسبب مخاوفها من التمييز السياسي في بلدها الأم، وشاركت في الألعاب الأولمبية في باريس تحت ألوان العلم البولندي.
ولكن الرياضية التي أصبحت لاجئة لم تكن الوحيدة التي حاولت الفرار خلال دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو.
ففي الأيام الأولى، اختفى لاعب رفع الأثقال الأوغندي يوليوس سيكيتوليكو من معسكر التدريب. وهو الآن محتجز لدى سلطات بلاده بعد أن أعيد بالقوة إلى أوغندا بعد ثلاثة أيام.
واضطر سيكيتوليكو إلى تقديم اعتذار علني، وسلطت وسائل الإعلام الأوغندية، مثل الوسيلة الحكومية "نيو فيجن"، الضوء على عودته إلى المنافسة في يناير.
ومع ذلك، لم يتمكن من السفر إلى دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس.
كوبا’.. البلد الذي يشهد أكبر نسبة هروب بين اللاعبين
قبل شهرين من دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، استغل الرياضي الكوبي جوردان أليخاندرو دياث فورتون فرصة تواجده في إسبانيا للهروب. ومنذ أن حصل على الجنسية الإسبانية، أصبح بطلًا أولمبيًا في القفز الثلاثي تحت علم إسبانيا في دورة باريس هذا الصيف، متفوقًا على رياضيين آخرين وُلِدوا أيضًا في كوبا لكنهم كانوا يمثلون البرتغال وإيطاليا.
وبحسب موقع "راديو كندا"، نادرا ما تعود الوفود الكوبية إلى البلاد بشكل كامل.
وقد أصبحت ظاهرة هروب الرياضيين الكوبيين خلال المنافسات الدولية "شائعة" منذ وصول فيدل كاسترو إلى السلطة في عام 1959، وفقًا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست".
وخلال العقد الماضي، فرّ 1,053 رياضيًا كوبيًا، معظمهم للانضمام إلى أندية أجنبية، وفقًا لتقرير صدر عام 2023 عن المعهد الوطني الكوبي للرياضة والتربية البدنية والترفيه وحسابات وسائل الإعلام المحلية.
وتوضح الإذاعة العامة الكندية، أن "الأحداث الرياضية الكبرى غالبًا ما تكون الفرصة الوحيدة للسفر للرياضيين، والمدربين، والصحفيين، وحتى المواطنين العاديين، مما يجعل أي منافسة من هذا النوع فرصة لهم لمغادرة بلادهم".