استمرت الاعتصامات والاحتجاجات في عدة جامعات ومعاهد عليا في أنحاء مختلقفة من الولايات المتحدة، احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على غزة. وتوسعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى وسط البلاد وحتى الساحل الغربي في كاليفورنيا، فيما وردت أنباء عن أن جامعة كولومبيا قد تستعين بالحرس الوطني لفض مخيم الاعتصام.
تصاعدت التوترات في الجامعات الأمريكية التي تشهد اعتصامات واحتجاجات للطلاب المناصرين لفلسطين، وذلك امتدادًا من الساحل الشرقي للبلاد مرورًا بجامعات النخبة في الولايات الداخلية ووصولًا إلى الساحل الغربي في ولاية كالفورنيا.
ومنذ عدة أيام، يعتصم ويحتج مئات الطلاب في بعض من أعرق وأشهر الجامعات الأمريكية في جميع أنحاء البلاد ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، مطالبين جامعاتهم بقطع العلاقات المالية مع إسرائيل وسحب الاستثمارات من الشركات التي تتعاون معها في الحرب المستمرة منذ ستة أشهر.
وقد تم حتى الآن اعتقال عشرات الطلبة منهم بتهمة التعدي على ممتلكات الغير أو السلوك غير المنضبط.
قلق إسرائيلي
ويأتي ذلك التصعيد تزامنًا مع موافقة مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي على حزمة مساعدات جديدة لإسرائيل. وينص القانون الذي أقره أعضاء المجلس في تصويت مساء أمس الثلاثاء على إرسال 26 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل في حربها وإغاثة إنسانية لمواطني غزة.
وكان يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب "يش عتيد" قد وصف الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية بأنها أمر "لا يُغتفر". وكتب في تغريدة على منصة "إكس": "إنها معاداة للسامية ودعم للإرهاب"، ودعا الإدارة الأمريكية أن تتدخل وألا تقف مكتوفة الأيدي.
ويبدو أن اتساع رقعة الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل وحربها على غزة قد بدأت تقض مضاجع السياسيين والمراقبين في إسرائيل. وفي مقال رأي نشرته جريدة "معاريف" العبرية، تقول الصحيفة إن هناك قلقًا في إسرائيل من هذه الموجة الاحتجاجية، لأن جامعات النخبة الأمريكية، ومنها كولومبيا وهارفارد وييل، هي التي في العادة ما تُخرّج الرؤساء المستقبليين للولايات المتحدة الأمريكية، الحليفة التقليدية الوثيقة لتل أبيب.
ما يعني أن ليس من مصلحة إسرائيل أن يترعرع الجيل الحالي في المؤسسات الأكاديمية التي تخرج منها النخبة السياسية والاقتصادية للبلاد في ظل بيئة ناقدة لإسرائيل.
في جامعة كولومبيا بنيويورك، انقضت المهلة التي حددتها رئيسة الجامعة نعمت (مينوش) شفيق للطلاب في منتصف ليلة الثلاثاء على الأربعاء، للتوصل إلى اتفاق مع الطلاب لإخلاء المعسكر، وهددتهم: "سنضطر إلى النظر في خيارات بديلة".
وقال الطلاب إن الجامعة هددتهم بأن تستدعي قوات الحرس الوطني عناصر الشرطة لإخلائهم وفض الاعتصام إذا لم يرحلوا طوعًا عند انقضاء المهلة.
وانقضت تلك المهلة دون التوصل إلى اتفاق. وانتشرت شائعات بأن الموعد النهائي قد تم تأجيله إلى صباح الأربعاء، لكن الجامعة رفضت التعليق على ما إذا كان ذلك صحيحًا.
"لسنا خائفين منكم!"
وعلى الجانب الآخر من البلاد، بدأ المتظاهرون في جامعة ولاية كاليفورنيا للعلوم التطبيقية في هومبولت، والتي تبعد حوالي 480 كيلومترًا شمال سان فرانسيسكو، باستخدام الأثاث والخيام والسلاسل والحبال لإغلاق مداخل مبنى الجامعة مساء الإثنين.
وهتف المتظاهرون "لسنا خائفين منكم!" قبل أن يقتحمهم ضباط يرتدون معدات مكافحة الشغب عند مدخل المبنى، كما يظهر الفيديو. وقالت الطالبة بايتون ماكينزي إنها كانت تسير في الحرم الجامعي يوم الإثنين عندما رأت الشرطة تمسك إحدى الطالبات من شعرها، وطالبة أخرى تم تضميد رأسها بسبب إصابة.
تم اعتقال ثلاثة طلاب، وفقًا لبيان صادر عن جامعة كال بولي هومبولدت، التي أغلقت الحرم الجامعي حتى يوم الأربعاء. وكان عدد غير معروف من الطلاب قد احتلوا مبنى آخر للحرم الجامعي يوم الثلاثاء.
ترك تصاعد المظاهرات الجامعات تكافح من أجل تحقيق التوازن بين سلامة الحرم الجامعي وحقوق حرية التعبير. لطالما تسامح العديد منها مع الاحتجاجات، التي طالبت إلى حد بعيد بأن تدين الجامعات العدوان الإسرائيلي على غزة وأن تسحب استثماراتها من الشركات التي تبيع الأسلحة لإسرائيل.
والآن، تقوم الجامعات بفرض المزيد من الانضباط الشديد، متذرعةً بمخاوف تتعلق بالسلامة حيث يقول بعض الطلاب اليهود إن انتقاد إسرائيل قد انحرف إلى معاداة السامية.
كانت الاحتجاجات تتصاعد منذ شهور، لكنها ارتفعت وتيرتها بعد اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين كانوا قد خيموا في حرم جامعة كولومبيا يوم الخميس.
وبحلول وقت متأخر من يوم الإثنين في جامعة نيويورك، قالت الشرطة إن 133 متظاهرًا تم احتجازهم وتم إطلاق سراحهم جميعًا مع استدعاءات للمثول أمام المحكمة بتهم السلوك المخل بالنظام. وفي ولاية كونيتيكت، اعتقلت الشرطة 60 متظاهرًا - من بينهم 47 طالبًا - في جامعة ييل، بعد أن رفضوا مغادرة مخيم في ساحة في وسط الحرم الجامعي.
وفي الغرب الأوسط، وصل حجم الاعتصام وسط حرم جامعة ميشيغان إلى حوالي 40 خيمة، كما اعتُقل تسعة متظاهرين مناهضين للحرب في جامعة مينيسوتا بعد أن أزالت الشرطة مخيمًا أمام المكتبة. واحتشد المئات في حرم جامعة مينيسوتا بعد الظهر للمطالبة بالإفراج عنهم.
وحاولت جامعة هارفارد في ماساتشوستس أن تتفادى الاحتجاجات عن طريق إغلاق معظم بوابات ساحة هارفارد الشهيرة واقتصار الدخول إليها على من يحملون بطاقة هوية الجامعة. كما نشرت الجامعة لافتات تحذر من نصب الخيام أو الطاولات في الحرم الجامعي دون إذن.
وفي كاليفورنيا، اتخذ الطلاب في جامعة كاليفورنيا في بركلي من الحركة الاحتجاجية في كولومبيا قدوة لهم، ونصبوا مخيما للاعتصام في الجامعة مكونا من 30 خيمة.