ملايين مردوخ ومواعدات زوكربيرغ في اتفاقية ما قبل الزواج

منذ 1 سنة 161

يشاركوننا أخبارهم السعيدة عن طريق نشر صور على إنستغرام، أو عبر الظهور على غلاف مجلة OK!، أو على غرار ما فعل العريس التسعيني روبرت مردوخ، عبر مقابلة حصرية لصحيفة يصدف أنه يملكها. وبغض النظر عن الطريقة التي يختار فيها المشاهير الإعلان عن ارتباطهم، لا يخفى على أحد أن وراء الكواليس يكمن جيش من المحامين يسعون جاهدين لصياغة اتفاقية ما قبل الزواج التي تعرف بأنها وثيقة قانونية توضح تقسيم ممتلكات الزوجين في حال انفصالهما. 

وشرحت شارلوت ليشون، مديرة مكتب "Lux Family Law" التي كانت محامية متدربة وعضواً في الفريق الذي عينته ميغ ماتيوز في دعوى طلاقها من نويل غلاغر، قائلة "لا يعقل ألا يكون هناك اتفاقية ما قبل الزواج ذات أسس متينة عندما يتعلق الأمر بعملائنا الأثرياء إذ يترتب عن زواجهم قضايا قانونية متشعبة ومسائل متعلقة بالثقة"، كما أن الصراحة ما بين الزوجين في شأن الترتيبات المالية أمر لا بد منه، وبناء على ذلك عليهما وهما يستعدان لليوم الكبير أن يمعنا التفكير في ما قد تؤول إليه علاقتهما في حال انتهت يوماً ما (عادة، يأتي الحافز لإبرام مثل هذه الاتفاقية من الطرف الأكثر ثراء وهذا ليس بالأمر المفاجئ). 

تقدم الملياردير والقطب الإعلامي روبرت مردوخ بطلب يد آن ليسلي سميث يوم عيد القديس باتريك، وقد خص صحيفة نيويورك بوست بالخبر الذي نشر على شكل سبق صحافي بعد طلب اليد بوقت قصير. ويقال، إن روبرت وزوجته السابقة جيري هول التي طلقها في صيف العام الماضي، عقدا اتفاقاً لإبقاء خطة التعاقب على إمبراطورتيه الإعلامية كما هو. ويزعم أن هول حصلت على تسوية مالية بقيمة ملايين عدة من الجنيهات بعد طلاقها إضافة إلى ملكية هولموود هاوس Holmwood House في أوكسفوردشير الذي كان منزل الزوجين قبل الطلاق (وأكد الموقع الإلكتروني المعروف Deadline بأنه ينشر جميع أخبار السينما لزواره بحزم أن ثروة روبرت مردوخ لم تتأثر حتى بعد الانتهاء من التفاصيل المالية المتعلقة بطلاقه من هول)، كما وردت أخيراً تقارير حول اتفاقية ما قبل الزواج الصارمة جداً التي أبرمت بين جيزيل بوندشين وتوم برادي والتي ستمكنهما من إتمام إجراءات دعوى الطلاق بسرعة.

وصرح ريتشارد هوغوود، الشريك والمحامي في مكتب ستيوارت للمحاماة، الذي تولى الفريق المسؤول فيه عن قضايا الطلاق والشؤون العائلية في السابق ملفات مثل قضية غاي ريتشي وأندور لويد ويبر، قائلاً إنه عادة يدعو العملاء إلى اعتبار اتفاقية ما قبل الزواج "على أنها بمثابة بوليصة تأمين تجنب اللجوء إلى المحامين. فمثلما تكتب في بوليصة تأمين على منزلك وأنت تأمل ألا يطفو بالماء أو تلتهمه النيران، هكذا تأمل أن ينجح الزواج، ولكن في حال لم ينجح، فلا داعي لأن تنفق أموالاً طائلة على الدعاوى القضائية." بعبارة أخرى، تجسد الاتفاقية سبيلاً (تأمل) أن يجنبك أي نزاع قانوني مكلف مادياً يضاف إلى فشل زواجك. وهذا ما أكدته شارلوت ليشون عندما قالت "إنك تنفق أقل بكثير على أتعاب المحامين عندما تبرم اتفاقية قبل أن تتزوج مقارنة مع ما قد تنفقه بعد وصول الزواج إلى حائط مسدود، أي عندما يظن كلا الطرفين أن كل الممتلكات مباحة بالمطلق".

وفي هذا الإطار، عقب هنري هوود، الشريك الرئيس ورئيس قسم الشؤون العائلية في مكتب هنترز للمحاماة، على اتفاقية ما قبل الزواج واصفاً إياها "بالمفهوم الحديث نسبياً" في المملكة المتحدة على عكس أميركا وأوروبا حيث يسري تطبيقها منذ عقود من الزمن. على مر وقت طويل، كانت اتفاقية ما قبل الزواج لا توازي بقيمتها في إنجلترا ثمن الورق الذي تكتب عليه". إلا أن الأمر تغير في عام 2010، بفضل قضية الطلاق الشهيرة التي رفعتها الوريثة الألمانية كاترين رادماشر ضد طليقها الإيطالي نيكولاس جراناتينو لمنعه من وضع يده على ثروتها. ويشرح هنري هوود أنه وعلى رغم من أن اتفاقية ما قبل الزواج ما زالت غير ملزمة تماماً اليوم، فإن المحكمة تعتمد على أي اتفاقية مبرمة بالشكل القانوني الصحيح لا سيما إن كانت غير جائرة بالنسبة إلى الطرفين".

عادة، تطبق أحكام اتفاقية ما قبل الزواج إذا كانت تلبي حاجة الزوجين. إلا أن الصعوبة تكمن في تحديد ماهية هذه الحاجات. وطرح أليستير مايلز، الشريك المؤسس في مكتب ريبت مايلز Ribet Myles LLP، الأسئلة التالية، "ما هو الثمن المعقول لبيت؟ هل ثمة حاجة إلى خمسة ملايين أو 20 مليون جنيه؟ هل ثمة حاجة إلى حوض سباحة؟" وسلط مايلز الضوء على أن حالات الطلاق التي تكون محل اهتمام الصحافة "هي عادة تلك التي يطلب أحد الزوجين تطبيق اتفاقية ما قبل الزواج، فيما يدعي الطرف الآخر بأنها غير عادلة".

وتابع هوود شارحاً، "في حالات الزيجات الثانية أو أكثر، تفيد اتفاقية ما قبل الزواج في أن تسلط الضوء على أي مخاوف إزاء ما يمكن أن يرثه الشريك الجديد. فبوجود أولاد في سن يتوقعون الحصول على بعض الأمور المادية، تشكل زوجة الأب تهديداً إلا في حال أبرمت اتفاقية ما قبل الزواج تحدد ما يمكن أن يطالبوا به في المحكمة بعد الطلاق".

قد لا يملك الزوجان ثروة وفيرة في وقت عقد الزواج، ولكنهما قد يستبقان مراثاً كبيراً أو يعدان خطة لجني أموال مستقبلاً. وعلقت ريبيكا كوكروفت، رئيسة فريق الشؤون العائلية في مكتب Payne Hicks Beach "على رواد الأعمال الذين يعتقدون أنهم سيجنون مالاً كثيراً في المستقبل أن ينفقوا على إبرام اتفاقية ما قبل الزواج." وأضافت "قد يفكر أحد الزوجين بأنه سيجني 100 مليون باوند وهو لا يرغب في تقاسم نصفه مع الشريك في حال وقع الطلاق". بعض الأزواج يطالبون حتى بالاحتفاظ بكلبهم العزيز عند الطلاق. وعلق هوغوود على الأمر قائلاً إنه "غالباً ما يمازح زميله في شأن ذكر الحيوانات الأليفة في اتفاقيات ما قبل الزواج. لقد حصل في بعض المرات ولكن الأمر ليس شائعاً. وقد ينتهي الأمر بالأزواج الفاحشي الثراء الذين يملكون معارف كثيرة في دول متعددة بأن يبرموا اتفاقية شاملة مليئة بالنصائح من مختلف بقاع الأرض. فالفكرة هي ألا تحفز اتفاقية ما قبل الزواج أياً من الشريكين على طلب الطلاق لما تضمنه من أرباح".

كما استرسلت كوكروفت بالشرح فقالت "إذا تم التوقيع على أي اتفاقية بالإكراه، سيطلب العودة عنها على الأرجح، ويوصي المحامون بأن تبرم الاتفاقية قبل 28 يوماً من موعد الزفاف على الأقل إن لم يكن قبل. لا بد من أن تشرع في المناقشات قبل أشهر عدة وحتى قبل أن ترسل دعوات الزفاف كي لا ينفد الوقت". طبعاً، قد لا تسير الأمور على النحو المطلوب. وتذكر مايلز قائلاً  "قبل سنوات، استلمت قضية وكان الزوجان قد أقاما حفلاً ضخماً لضيوفهما في بابينغتون هاوس قبل موعد زفافهما المقرر يوم السبت. سحب الزوج الورقة من بين يدي المحامين وسلمها لزوجته لتوقعها، ولكنها بطبيعة الحال لم تفعل".

ولا يمكننا القول، إن اتفاقية ما قبل الزواج كانت دائماً وثيقة إيجابية، إذ غالباً ما يتبادر إلى الذهن صور الزوجات المتروكات من دون أي فلس، ولكن هذه الصورة لا تمثل فعلياً الواقع. وعلق هنري هوروود قائلاً "إن الفكرة السائدة عن اتفاقية ما قبل الزواج هي أنها انتصار الأكثر ثراء على الأقل ثراء، لكن الحقيقة هي أنك كلما كنت كريماً احتجت إلى الضمانات التي تعطيها هذه الاتفاقية. يمكن للطرفين أن يكونا كاسبين إذا كانا كريمين في البداية".

ويمكن أن تشتمل اتفاقية ما قبل الزواج على بنود غير اعتيادية، كمثل "بند الخيانة" في اتفاقيات المشاهير وهذا كان واقع جاستن تمبرليك ومايكل دوغلاس وموافقتهما على شرط عدم الخيانة وفي حال وقوعها فعليهما تعويض زوجاتهما مادياً. وعلق مايلز قائلاً "ليس أمراً معتاداً ولكني رأيت اتفاقية نصت على تدابير مختلفة ومبنية على السبب الذي قد ينهي الزواج". هذه المصطلحات مألوفة أكثر في النظام الأميركي، ولكنها صعبة التطبيق في القانون الإنجليزي وتصنف على أنها تسويات "غير مطبقة على نطاق واسع". قد يؤدي هذا الوضع إلى خلق مزيد من المنازعات مستقبلاً بالتالي "ماذا سيحدث إذا لم يوافق أحد الطرفين على بند الخيانة؟" وأكمل "وهل سينتهي المطاف بالزوجين متنازعين على هذه النقطة في إجراءات قانونية قد لا تنتهي قط؟ ولا بد من أن أنوه أن الحد من الخلافات هو الهدف الأول من اتفاقية ما قبل الزواج وليس خلق منازعات أخرى تتفرع عنها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الولايات المتحدة، قد تشتمل بنود "أسلوب الحياة" هذه على أي أمر، من تعاطي المخدرات إلى بنود مقززة تتعلق بزيادة الوزن. فبعد عقد خطوبته على جيسيكا سمبسون، أضاف لاعب كرة القدم الأميركي توني رومو من رابطة كرة القدم الوطنية، على بند في اتفاقية ما قبل الزواج على إجبار جيسيكا بدفع مبلغ بقدر 500 ألف دولار مقابل كل كيلو تزيده في حال تعدى وزنها 61 كيلوغراماً (الثنائي لم يتزوجا أبداً والأمر ليس مستغرباً). وبعض البنود تأتي لطيفة، كأن تطلب بريسيلا تشان موعداً غرامياً مع زوجها مارك زوكربيرغ مرة في الأسبوع إضافة إلى قضاء 100 دقيقة وحدهما أسبوعياً. وخلال هذا الوقت المخصص لهما فقط، يمنع على الزوجين استخدام فيسبوك. نأمل أن يكونا قد عدلا بالبند ليشمل عدم التسكع في ميتافيرس مع نيك كليغ. أما بالنسبة إلى ليشون، فتشير هذه الخصوصية إلى كيفية النظر إلى هذه الاتفاقيات في أميركا: "هي ليست سوى عقود، بكل بساطة".

وفي بعض الأحيان، يشعر المحامون كما لو أنهم مفسدو الحفلات، لأنهم يطلبون من الأزواج التفكير في وضعهم في حال الانفصال وهم في أول الطريق. وتفيد كوكروفت بأن بعض الأشخاص يعتبرون الأمر نذير شؤم ويصفونه بأنه غير رومانسي وغير منصف. "بكل بساطة، هم لا يريدون التوقيع على مثل هذه الاتفاقية، إذ يعتبرون الفكرة مقززة فحسب". وتشرح ليشون أن الذين هم في غاية الثراء يعتبرون هذه الترتيبات مجرد روتين. أما بالنسبة إلى لاعبي كرة القدم أو الروغبي والمشاهير، فيمكن أن تكون مثل تلك المناقشات أكثر حساسية. "فأنت تعمل لإنجاح هذا اليوم السعيد الذي سيجمعكما، ومن ثم يترتب عليك الغوص في أسئلة مماثلة: "ماذا ستعطيني، أنت الطرف الأقوى، لي أنا الطرف الأضعف، في حال انفصلنا؟ وهذه الأسئلة يمكن أن تكون مزعجة فعلاً". إلا أنها تشجع العملاء على بعض البراغماتية. إن لم تتمتع ببعض الإرادة، ستعتبر ساذجاً وسخيفاً".

وبالفعل، تزداد رقعة انتشار اتفاقيات ما قبل الزواج، حتى بين متوسطي الدخل منا. في عام 2022، وقد لحظ مكتب هوغوود للمحاماة ارتفاع بنسبة 51.2 في المئة في الطلب على مثل هذه الاتفاقيات مقارنة مع العام الماضي، في حين ترى بيانات حديثة من يوغوف أن 47 في المئة من النساء يعتبرن اتفاقية ما قبل الزواج فكرة جيدة مقابل 38 في المئة من الرجال. "أعتقد أن مزيداً من الناس يقرون بأن هذه الاتفاقيات ليست مخيفة، ولا تعني المشاهير فقط". ويضيف هوغوود، "أنها بمثابة كتابة وصيتك أو توكيل محام بشؤونك. مجرد إجراء إداري تافه من إجراءات الحياة اليومية يجدر بنا أقله التفكير به". ربما بعد مرور عقد من الزمن مثلاً، لن يبقى اتفاقية ما قبل الزواج محصورة بالأثرياء أصحاب الملايين المتعددةـ بل ستصبح تدبيراً طبيعياً كمثل فتح حساب سبليت وايز Splitwise مع الشريك.