ملاجئ الحيوانات في الضفة إيواء ووسيلة علاج نفسي للأطفال

منذ 1 سنة 122

"منذ عام 2016 وأنا أطعم القطط والكلاب، وأصطحب المريضة منها للطبيب البيطري، ومن ثم أعيدها إلى مكانها في الشارع بسبب عدم وجود مكان أضعها فيه"، يقول طارق المطور صاحب ملجأ للحيوانات في بلدة بيرزيت قرب رام الله، وتابع أنه أثناء عمله كعامل نظافة في جامعة بيرزيت، كان يحرص على أخذ القطط والكلاب التي في الشارع إلى طبيب بيطري لإجراء عمليات تعقيم لها وتطعيمها ضد الأمراض، ومن ثم إعادتها لمكانها مستعيناً بمساعدة الناس المالية، فكان المواطنون يتبرعون لإجراء مثل هذه العمليات، وهو بدوره كان يرسل إليهم وصل الدفع من الطبيب البيطري. أما الحالات الصعبة، فكان وما زال يرسلها إلى العلاج في إسرائيل، حيث تشفى ويتم تبنيها والاعتناء بها بعد علاجها.

ملجأ للقطط وآخر للكلاب

على إثر انتشار فيروس كورونا، بدأ بعض الناس التخلص من القطط، مما دفع المطور إلى جمعها ووضعها في إحدى الشقق من أجل تقديم الطعام لها وتوفير العلاج للمريضة منها، ومن هنا بدأت فكرة الملجأ الأول وهو خاص بالقطط فقط.

ملجأ_الحيوانات_4.jpg

تنتشر على مواقع التواصل دعوات إلى قتل الكلاب الضالة خوفاً من ضررها (اندبندنت عربية)

لم يكن إيجاد مكان لها صعباً، بل تمثل التحدي الأكبر للمطور في إنشاء ملجأ للكلاب، بخاصة أنه لم يعد يعلم ماذا يفعل بتلك التي ينقذها، إذ وضع جزءاً منها في مكان خاص لكنه كان باهظ الثمن، والجزء الآخر تركه ينام في سيارته، ولكن تحويل هذه الفكرة إلى حقيقة لم يكن سهلاً لأن الكلاب تحتاج إلى مساحة واسعة وعناية فائقة.

تحديات مالية ومجتمعية

وعلى رغم أن المطور وجد أرضاً بمساحة كبيرة وبدأ بجمع الكلاب وعلاجها ووضعها فيها، إلا أن هناك عدداً من الصعوبات التي تواجهه، أبرزها أن المصاريف العالية للملاجئ تدفعه إلى العمل في جمع الزجاج وعلب المشروبات الغازية وغيرها، أو الاستدانة من بعض المحال من أجل توفير المبالغ التي تحتاج إليها إدارة هذا المكان والحيوانات من علاج وغير ذلك، إضافة إلى الوقت المخصص للعناية بهذه الحيوانات، إذ يحاول هو وعائلته إعطاءها أكبر وقت ممكن خلال النهار. ومن الصعوبات التي تواجهه أيضاً، الإجراءات المعقدة والمبالغ المرتفعة لإعطاء ترخيص لمثل هذه الأماكن، مما يجعل الحصول عليه شبه مستحيل.

thumbnail_ملجأ_الحيوانات_3.jpg

بدأ بعض الناس التخلص من القطط والكلاب بعد انتشار فيروس كورونا (اندبندنت عربية)

بالنسبة إلى المطور، تعتبر الملاجئ مهمة لأنها توفر للحيوانات، لا سيما القطط والكلاب، مكاناً آمناً من السيارات المسرعة أو السموم التي يضعها بعض الناس لقتلها وإبعادها من الأماكن السكنية، إضافة إلى حمايتها من الأمراض وتوفير الطعام والشراب لها.

المكبات وسيلة جذب

أما في قرية عصيرة الشمالية قرب نابلس، فكان الهدف من إيجاد ملجأ للحيوانات هو استخدامها للعلاج النفسي للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تم تنظيم عدد من الأنشطة لإعطاء الأطفال فرصة التعرف إلى الحيوانات عن قرب والتفاعل معها، في محاولة للتخفيف من بعض المشكلات لديهم، ولاحقاً قرر القائمون على الملجأ إحضار الحيوانات من الشارع وعلاجها وإعطاءها التطعيمات اللازمة ووضعها في الملجأ وعرضها للتبني بدل شرائها، بحسب ما أوضح أسامة حمادنة أحد مؤسسي الملجأ، مشيراً إلى أن المركز لا يضم الكلاب فقط، بل الحمير أيضاً التي يتركها أصحابها عند هرمها وعدم قدرتها على العمل في حراثة الأرض أو نقل الأشياء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يتعامل الناس مع فكرة وجود الملجأ بطرق متشابهة، إذ يوضح حمادنة أن هناك كثيرين من الأشخاص الداعمين لهذه الفكرة معنوياً ومادياً، إما عن طريق دفع المال بشكل مباشر للقائمين على المكان أو نشر معلومات حول الملجأ على مواقع التواصل الاجتماعي، أو شراء زيت الزيتون المزروع في أرض الملجأ ليذهب ريعه لدعم الاستمرار في العناية بهذه الحيوانات، وبالنسبة إلى حمادنة، الصعوبات الأساسية في هذا المشروع هي تقبل الناس له، ويلفت إلى أهمية الحد من قتل الكلاب وتسميمها وعدم التخلص من نفاياتها بشكل صحيح، مما يزيد من وجود الكلاب الضالة داخل المناطق السكنية.

وجود هذه الملاجئ يتزامن مع انتشار صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لكلاب ضالة تهاجم أطفالاً أو تنتشر بين المنازل، وتقدم الناس بالشكاوى للبلديات من أجل التخلص منها الذي غالباً ما يتم بوضع السم لها أو إطلاق النار عليها. وفي الوقت نفسه، هناك من يرى أن هذه حلول موقتة لأن مكبات النفايات ستبقى وسيلة لجذب هذه الحيوانات بشكل دائم.