قُتل ما لا يقل عن 71 رجلا 31 جنديا و40 متطوّعا في قوة رديفة في ثلاث هجمات جهادية مفترضة شنت الاثنين في بوركينا فاسو، بحسب الجيش وقوات الأمن. كما أنهى مجلس الأمن الدولي الجمعة مهمة حفظ السلام الأممية في مالي (مينوسما) استجابة لرغبة باماكو، ما يغرق في المجهول بلدا ما زال عرضة لهجمات جهادية.
قال الجيش في بيان الجمعة "الاثنين تصدى المتطوعون دفاعا عن الوطن في نواكا في محافظة سانماتنغا (وسط شمال) ببسالة لهجوم إرهابي استهدف مواقعهم"، وأضاف قوله: "للأسف ضحى 33 متطوعا بحياتهم في هذه العملية" مشيرا إلى أنهم "قاموا بتحييد حوالى خمسين إرهابيا وضبطوا كمية كبيرة من المعدات".
قال الجيش في بيانه الجمعة إن هجوما جديدا استهدف جنودا في غرب البلاد مضيفا أن "وحدة عسكرية من مجموعة قوى القطاع الغربي (GFSO) تعرضت ظهرا لكمين بالقرب من بلدة تيا".
وذكر الجيش أنه "خلال المعارك قتل ثمانية جنود واصيب تسعة آخرون" مضيفا أنه "تم تحييد أكثر من 30 إرهابيا". وشأنها شأن بوركينا فاسو تعامي مالي أيضا من هجمات جهادية، واستبدلت باماكو القوات الفرنسية هناك بقوات فاغنر الروسية، واليوم، أنهى مجلس الأمن الدولي مهمة حفظ السلام الأممية في مالي (مينوسما) استجابة لرغبة باماكو، ما يغرق في المجهول بلدا ما زال عرضة لهجمات جهادية.
في 16 حزيران/يونيو، ألقى وزير خارجية مالي عبدالله ديوب خطابا أمام مجلس الأمن الدولي كان له وقع الصدمة، طالب فيه بسحب بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) "من دون تأخير" منددا بـ"فشلها".
"ضرر يترصد بمالي"
في ظل هذه الظروف وفي حين كان مجلس الأمن يستعد للبحث في تجديد تفويض البعثة مع احتمال تعديلها، أنهى مهمة أكثر بعثات الأمم المتحدة كلفة (1,2 مليار دولار سنويا).
وينصّ القرار الذي تبناه بالإجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر على "إنهاء تفويض مينوسما... اعتبارا من 30 حزيران/يونيو".
تتوقف مهام جنود السلام الدوليين اعتبارا من الأول من تموز/يوليو وتتركز الجهود على رحيلهم "مع هدف إتمام العملية بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2023"، غير أنه يبقى بإمكانهم حماية المدنيين "في الجوار المباشر" لمواقعهم حتى نهاية أيلول/سبتمبر.
أنشئت البعثة التي أقامت نحو عشر قواعد موزعة في أرجاء مالي عام 2013 للمساعدة على إرساء الاستقرار في دولة مهددة بالانهيار تحت ضغط الجهاديين، وحماية المدنيين والمساهمة في جهود السلام والدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي ضوء آخر تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن وضع حد لها الآن سيكون مبكرا، واعتبر غوتيريش قبل بضعة أيام من صدور موقف المجلس العسكري المالي، أن وجود مينوسما "لا يثمّن" موصيا بإبقاء عديدها ثابتا وإعادة تركيز مهمتها على أولويات محدودة.
وذكر في تقريره أن عدة بلدان في المنطقة "قلقة من توسع المجموعات المتطرفة" ومن "مخاطر انتشار انعدام الاستقرار"، دعت إلى تعزيز تفويض البعثة الأممية.
وقال الدبلوماسي الأميركي جيفري ديلورينتيس لمجلس الأمن "نأسف بشدة لقرار الحكومة الانتقالية التخلي عن مينوسما وللضرر الذي سيلحقه ذلك بشعب مالي"، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة صوتت لصالح القرار لأنها وافقت على الجدول الزمني للانسحاب.
مقتل 174 جنديا من قوات حفظ السلام
تدهورت العلاقات بين باماكو والبعثة الدولية بشكل كبير منذ أن سيطر العسكريون على السلطة في انقلاب عام 2020.
ونددت الأمم المتحدة بانتظام بالقيود التي تفرضها السلطات العسكرية على حركة الجنود الدوليين، وواجهت انسحاب دول مساهمة في القوة جراء تزايد الهجمات على البعثة التي قتل 174 من عناصرها منذ 2013.
وكان المجلس العسكري يطالب بأن تركز القوة الدولية على التصدي للمجموعات الجهادية بدون التطرق إلى مسائل حقوق الإنسان.
وهو موقف أكدته روسيا التي توجه إليها المجلس عسكريا وسياسيا مع ابتعاده عن فرنسا، قوة الاستعمار السابقة.
ويتحتم الآن تنظيم عملية ضخمة ومعقدة لسحب حوالى 13 ألف عسكري وشرطي مع معداتهم من ضمنها مروحيات ومدرعات.
وقال ناطق باسم عمليات حفظ السلام أن "ضمان تعاون بناء من السلطات المالية سيكون أمرا أساسيا لتسهيل العملية".
لكن الجدول الزمني لهذا الانسحاب كان موضع مفاوضات شاقة في الأيام الأخيرة.
طالبت مالي مدعومة من روسيا بانسحاب سريع، بحسب مصادر دبلوماسية، فيما يخشى بعض أعضاء مجلس الأمن أن تكون مهلة ستة أشهر غير كافية لترتيب الانسحاب الآمن لجنود حفظ السلام، كما يثير هذا الانسحاب مخاوف على سلامة المواطنين الماليين.
وعلقت جولي غريغوري من "مركز ستيمسون" الأميركي للدراسات "من المرجح أن يغتنم المتطرفون هذه الفرصة لتكثيف أعمال العنف".
ولفت ريتشارد غوان من "مجموعة الأزمات الدولية" إلى أن "مسؤولي الأمم المتحدة يخشون بعد انسحاب جنود حفظ السلام من قواعدهم، أن تسيطر مجموعة فاغنر ببساطة على المنشآت".
وأكدت موسكو بعد التمرد الفاشل الذي خاضه قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين في 24 حزيران/يونيو في روسيا، أن المجموعة الخاصة ستواصل نشاطها في مالي حيث تتهم بانتظام بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وحذر مساعد السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي مؤخرا "لنكن واضحين، مجموعة فاغنر، سواء نشطت بصورة مستقلة أو تحت سيطرة موسكو المباشرة، ليست الحل. لا في مالي ولا في أي مكان آخر".