معركة مجلس النواب الأميركي في مهب الريح

منذ 2 أسابيع 40

باتت السيطرة على مجلس النواب على حافة الهاوية، حيث يتنافس الديمقراطيون والجمهوريون من الساحل الليبرالي إلى قلب البلاد في السباقات الرئيسية التي ستقرر أي حزب سيحتل الأغلبية في الكونغرس المقبل.

تشير استطلاعات الرأي العامة والخاصة، فضلا عن المقابلات مع الاستراتيجيين والعاملين في كلا الحزبين، إلى واحدة من أشد المنافسات حتى الآن على الأغلبية في مجلس النواب، والتي يحتفظ بها الجمهوريون الآن بأربعة مقاعد فقط. وفي حين أن الغالبية العظمى من المقاعد ال 435 في مجلس النواب ليست في المنافسة، إلا أن ما يقرب من 20 مقعدا من المقاعد التي يجري التنافس عليها هي حقا مفتوحة للمنافسة. ومن بين 22 سباقا صنفها «تقرير كوك السياسي» غير الحزبي بأنها الأكثر تنافسية، هناك 20 سباقا تقع ضمن هامش الخطأ في استطلاعات الرأي الديمقراطية الداخلية.

يقول إيان راسل، نائب المدير التنفيذي السابق لجهاز حملة الديمقراطيين في مجلس النواب، الذي يقدم المشورة هذا العام للنائب الجمهوري جاريد غولدن من ولاية مين، وهو أحد أكثر شاغلي المناصب ضعفا في الحزب: «لقد بدأنا بهامش ضيق، وننتهي بهامش ضيق. إنها متقاربة لأنها سنة رئاسية وستكون متقاربة على المستوى الرئاسي».

تشمل ساحة المعركة المرشحين الديمقراطيين الوسطيين في ولايات مين، وواشنطن، وألاسكا، وبنسلفانيا الذين يحاولون الصمود في مناطقهم الريفية التي تفضل الرئيس السابق دونالد ترمب والجمهوريين في الغرب الأوسط الذين يواجهون تحديات حادة غير متوقعة في نبراسكا، وأيوا، وويسكونسن.

لكن السيطرة على مجلس النواب قد تنخفض في نهاية المطاف إلى نحو 9 سباقات تنافسية في الولايات الزرقاء على الساحلين الشرقي والغربي، حيث يحاول الجمهوريون في المناطق ذات الميول الليبرالية درء التحديات الديمقراطية وحماية 5 مقاعد في كاليفورنيا و4 مقاعد في نيويورك.

عمل الديمقراطيون بقوة على حماية الحقوق الإنجابية، سيما في المناطق الأكثر محافظة التي يتعرض فيها شاغلو المناصب للخطر، وأكدوا على التدابير التي تم إقرارها في قانون الرئيس جو بايدن التاريخي لخفض التضخم، بما في ذلك خفض سعر الأنسولين.

وركزت رسالة الجمهوريين بدلا من ذلك على التضخم، والسلامة العامة، والهجرة.

قال ديفيد وينستون، وهو خبير استراتيجي مخضرم في استطلاعات الرأي الجمهورية، إن أكبر عقبة أمام الديمقراطيين الذين يسعون للسيطرة على مجلس النواب هى أن استطلاعات الرأى تشير إلى أن أغلب الأميركيين يعتقدون أن البلاد تسير في المسار الخاطئ. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالاشتراك مع كلية سيينا في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول أن 61 بالمائة من الناخبين المحتملين قالوا إن البلاد تسير في الاتجاه الخطأ.

وأضاف وينستون أن «التحدي الذي يواجه الديمقراطيين هنا في هذه البيئة - والتضخم هو الذي يدفع هذه البيئة - هو، كيف لا يمثلون الوضع الراهن بأنفسهم؟ وما الذي سيفعلونه لتغيير الأمور وتحقيق بعض الانفصال عن بايدن؟»

في العديد من الدوائر الانتخابية، قد يتوقف مصير المرشحين على أداء ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. وقد أظهرت استطلاعات الرأي سباقا متقاربا للغاية بين المرشحين في الولايات التي تدور فيها المعارك، ولكن الخبراء الاستراتيجيين في كلا الحزبين يقولون إن ترمب يسير عموما على نفس مسار أدائه لعام 2020 أو أنه يحقق أداء أفضل قليلا في دوائر المعارك في الولايات الزرقاء، في حين أن هاريس على الطريق الصحيح لمضاهاة أداء بايدن لعام 2020 في الدوائر الرئيسية في الغرب الأوسط. وفي الوقت نفسه، يتوقعون أن يواصل الناخبون في الضواحي الابتعاد عن ترمب، وهو تحول ساعد الديمقراطيين على استعادة مجلس النواب عام 2018.

اتسمت الدورتان السابقتان اللتين عقدهما مجلس النواب بالحكمة التقليدية أثناء فترة التحضير ليوم الانتخابات والتي تبين أنها كانت خاطئة.

قبل عام، كان الجمهوريون في مجلس النواب يعربون عن قلقهم صراحة من أن الناخبين سوف يعاقبونهم في صناديق الاقتراع على الكونغرس الذي يعاني من الفوضى تاريخيا، بدءا من الاقتتال الداخلي المرير الذي اتسم بانتخاب كيفن مكارثي رئيسا للمجلس، والذي تميز بالخلل الوظيفي في المجلس أحدثه المتمردون اليمينيون المتشددون، وبلغ ذروته في الإطاحة بالسيد مكارثي مع ثلاثة أسابيع من الشلل في الحزب الجمهوري في حين كانوا غير قادرين على الالتفاف حول زعيم واحد. بحلول الصيف، كان دور الديمقراطيين في التحول إلى القلق إثر أداء بايدن الكارثي في المناظرة.

الآن، مع وصول هاريس إلى قمة الترتيب، فإن الشيء المؤكد الوحيد هو أن المنافسات الحاسمة باتت أقرب من أي وقت مضى.

إن القلب غير المحتمل للمعركة من أجل السيطرة على مجلس النواب هو الولايات الليبرالية في نيويورك وكاليفورنيا، حيث يدافع الجمهوريون عن أراض صديقة لبايدن. ويمكن القول إن الديمقراطيين خسروا أغلبيتهم في هذه المناطق عام 2022، حيث سجل الناخبون عدم رضاهم عن تكاليف المعيشة المرتفعة في الولايات والمخاوف بشأن السلامة العامة.

في نيويورك، الجمهوريان الأكثر عرضة للخطر هما براندون وليامز في سيراكيوز وأنتوني دي إسبوسيتو في لونغ آيلاند، وكلاهما عضو في الكونغرس في فترتين رئاسيتين فاز بايدن بهما بسهولة عام 2020.

العديد من الجمهوريين الذين يشغلون هذه المقاعد المتأرجحة هم ممن خاضوا المعارك السياسية، وصاروا بارعين في النأي بأنفسهم عن العناصر الأكثر تطرفاً في حزبهم.

يراهن الجمهوريون على أنه في هذا العام، ومع وجود منافسين أفضل وإقبال متزايد بين ناخبي ترمب، سوف يتمكنون أخيراً من إلغاء بعض هذه المقاعد.

* خدمة «نيويورك تايمز»