معرض بريطاني لأزياء شانيل لا يخجل من ارتباطاتها بالنازية

منذ 1 سنة 117

في عام 1953، لما كانت غابرييل "كوكو" شانيل في الـ70 من عمرها، أعادت افتتاح دار أزيائها الراقية بعد جمود استمر 14 سنة. لاحقاً، أثارت مصممة الأزياء الأسطورية سؤال "لماذا عدت؟" في مقابلة مع مجلة "لايف". لأن "كريستيان ديور قال على مائدة عشاء في إحدى الليالي إن المرأة لا يمكن أن تكون مصممة أزياء عظيمة أبداً".

هذا اقتباس يجسد تماماً كل ما تمثله شانيل إلى يومنا هذا، بعد أكثر من قرن من افتتاح أول متجر قبعات لها في باريس عام 1910، كما أنه حاضر في صميم معرض رئيس يستعيد أعمال المصممة الفرنسية ويغطي فترة زمنية ضخمة من حياتها أمام زوار متحف فيكتوريا وألبرت في لندن بعنوان "غابرييل شانيل: تظاهرة الموضة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنها المرة الأولى التي يخصص فيها معرض بريطاني بالكامل لشانيل، يوثق البدايات المتواضعة للمصممة من منطقة وادي لوار في فرنسا وصولاً إلى تأسيس علامتها التجارية التي تحمل اسمها وتطور إبداعاتها على مر السنين. يضم المعرض فساتين وبدلات ومجوهرات وعطوراً وأكسسوارات، ويقدم تشكيلة من أكثر من 50 قطعة من البدلات الصوفية الأنيقة (تويد) التي اشتهرت المصممة بها إلى جانب عديد من القطع التي تتطلب تعاملاً حذراً بسبب هشاشتها والتي تحفظ عادة في أكثر الخزائن تحصيناً في أرشيف متحف فيكتوريا وألبرت.

في إشارة إلى الفساتين السوداء القصيرة الشهيرة للمصممة، وحقائب اليد الأيقونية (2.55) وبدلاتها الصوفية الأنيقة، تقول القيمة على المعرض كوني كارول بيركس: "لم نغفل أبداً عن القطع الكلاسيكية التي يعرفها الناس عن كوكو شانيل... أردنا حقاً تسليط الضوء أكثر على مساهماتها في الموضة وعلى نهجها في تصميم الملابس، مثل تطلبها بأن تكون مريحة وبسيطة وتمنح حرية في الحركة".

هذا أسلوب يعبر عنه المعرض بوضوح من بدايته، إذ أنشئ المدخل على هيئة صندوق أسود رقيق يشبه زجاجات عطر "كوكو نوار" في الطابق الأرضي (يشغل معرض "ديفا" حالياً المساحة شبه الدائرية المخصصة عادة لمعارض الأزياء في المتحف). عند دخول الطابق السفلي، قد يفاجأ الزوار بالعثور على فساتين بأقمشة منسدلة تزينها شرائط وجيوب تعود لوقت مبكر من ثلاثينيات القرن العشرين. توضح كارول بيركس: "كانت امرأة مستقلة نشطة، تصمم لنفسها في المقام الأول... كانت هذه ملابس عملية وأنيقة".

سنعرف سريعاً أن العملية كانت جزءاً لا يتجزأ من التحف التي تركتها شانيل. يحتفي المعرض بميل المصممة إلى الملابس ذات التصميم الانسيابي، الأزياء التي رفضت معايير الجمال المتيبسة والمقيدة التي كانت سمة لثياب النساء قبل سنوات قليلة فقط، كما يتضمن تفاصيل عن علاقتها العميقة ببريطانيا، بما في ذلك صداقاتها مع شخصيات من المجتمع الراقي. أثناء إقامتها في منزل كل من ونستون تشرشل ودوق وستمنستر، احتضنت شانيل الرياضة البريطانية، والتي يعتقد أنها الفترة التي أدت إلى إدخال عناصر من الأزياء البريطانية مثل الأقمشة الصوفية (تويد) والجيرسي المنسوج في مجموعات أزيائها.

يحتوي هذا المعرض أيضاً على رسم بسيط لشانيل بريشة تشرشل أثناء إقامتهما في منتجع دوق وستمنستر في اسكتلندا عام 1928. كتب رئيس الوزراء السابق في رسالة لزوجته في ذلك الوقت: "كوكو هنا... إنها تصطاد الأسماك من الصباح حتى الليل، وفي غضون شهرين قتلت 50 سمكة سلمون".

من العناصر الأخرى البارزة في المعرض فستان "فورد"، وهو الاسم الذي أطلق على الفستان الأسود القصير الذي صممته شانيل وأصبح عنصراً أساسياً في خزائن النساء في كل مكان في العالم. هناك كثير من فساتين السهرة، وغرفة طليت جدرانها باللون الأبيض الناصع مخصصة بالكامل لابتكار عطر المصممة الشهير "شانيل 5"، إضافة إلى قسم بيضاوي الشكل مخصص لبدلات شانيل الصوفية الأنيقة، حيث تم توزيع صفين منها على جانبي الغرفة بالتوازي مع انحناء جدرانها.

Gabrielle Chanel, Suit, wool tweed, braid, silk and metal_V&A.jpg

وكما تردد سابقاً، فإن المعرض أيضاً لا يتحاشى أنشطة شانيل المثيرة للجدل في زمن الحرب، إذ يقدم وثائق لم تعرض من قبل توضح دليلاً على تواطئها مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، بينما يكشف أيضاً، بطريقة محيرة، عن أدلة تشير إلى أنها كانت عضواً في المقاومة الفرنسية.

تقول كارول بيركس: "إنه أمر فهمه معقد للغاية... شعرنا أنه من المهم الإشارة إليه وعرض تلك الوثائق الأصلية في المعرض، لكنها تكاد تحرض أسئلة أكثر من تقديم إجابات".

على عكس معرض ديور الذي استضافه متحف فيكتوريا وألبرت، والذي وثق لوجود العلامة التجارية بعد حياة مؤسسها، فإن معرض شانيل ينتهي بوفاة المصممة في عام 1971. ونظراً إلى التاريخ الطويل لعلامتها التجارية في الثقافة الحديثة، ربما يكون هذا منطقياً: هناك حدود لما يمكنك إقحامه في معرض واحد، ولكن من نواح عديدة، فإن هذه الحدود هي التي تولد إحساساً متأصلاً بالفضول تجاه المصممة نفسها.

تضيف كارول بيركس: "على رغم وجود أكثر من 175 سيرة ذاتية [عن شانيل]، فالكتابة عنها لا تزال مستمرة ويتم الكشف عن معلومات جديدة... لا أعتقد أن أحداً حدد بدقة من هي غابرييل شانيل. كلما عرفت عنها أكثر، قلت معرفتك بها".

يقام معرض "غابرييل شانيل: تظاهرة الموضة" في الفترة ما بين 16 سبتمبر (أيلول) من عام 2023 و25 فبراير (شباط) 2024 في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن.