دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم أنّ موسم أمراض الجهاز التنفسي سجّل بداية بطيئة نسبيًا، إلا أنّ معدلات التطعيم المنخفضة تهدّد هذا الاتجاه، لا سيّما أنّ الانتشار السريع لبعض الأمراض يُعرّض الأطفال بالفعل لخطر متزايد.
بشكل عام، تتوقع المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أن يكون هذا الموسم مماثلًا، أو حتى أفضل من الموسم الماضي، لكن يرجّح أن يكون معدّل ذروة الاستشفاء بسبب الفيروسات التنفسية أعلى بكثير مما درجت عليه العادة في السنوات التي سبقت جائحة "كوفيد-19".
لكن في الوقت الحالي، تسجّل مستويات "كوفيد-19" في الولايات المتحدة، المعدل الأدنى تقريبًا منذ بداية الجائحة، وهي آخذة بالانخفاض، وفق بيانات مراكز مكافحة الأمراض، حدّ 2 ديسمبر/ كانون الأول.
كما تشير بيانات مياه الصرف الصحي إلى أنّ فيروس الإنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، ينتشران أيضًا بمستويات منخفضة، لكن زيارات أقسام الطوارئ بسببهما بدأت بالارتفاع.
ويعتقد الخبراء أن ثمة أمور كثيرة يمكن أن تتغيّر.
فبحسب الدكتور آندي بيكوس، عالم الفيروسات بكلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة: "تاريخيًا، نشهد زيادة في عدد الحالات بعد حوالي أسبوع من عيد الشكر، وتستمر هذه الوتيرة بالارتفاع حتى عطل عيد الميلاد، ما يعطينا فكرة أوضح عن الموسم".
للتطعيم دور رئيسي
إنّ احتماليّة ظهور متغيّرات "كوفيد-19" الجديدة تدخل في توقعات مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها لموسم أمراض الجهاز التنفسي، لكن "يتوقّع أن يلعب التطعيم دورًا رئيسيًا في الحد من حالات الاستشفاء" بسبب الإنفلونزا، و"كوفيد-19"، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي.
إذ تُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها أنّ معدلات التطعيم المضاد لـ"كوفيد-19" منخفضة، بمستوى يوازي تقريبًا ما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي. فقد تلقى أقل من 1 من كل 5 بالغين، وحوالي 1 من كل 12 طفلاً لقاح "كوفيد-19" المحدّث لهذا الموسم.
ولا يخطّط معظم البالغين، حوالي 60٪ منهم، للحصول على لقاح "كوفيد-19" المحدّث، بحسب بيانات المسح التي نشرها مركز بيو للأبحاث الشهر الماضي. وبرأي معظم البالغين الذين لا ينوون الحصول على الجرعة المحدثة، هم لا يعتقدون أنهم بحاجة إليها، أو أنهم قلقون بشأن آثارها الجانبية، وقال حوالي ربعهم إنهم لا يحصلون على اللقاحات بشكل عام.
كما أنّ معدلات التطعيم ضد الإنفلونزا منخفضة. فقد حصل حوالي 37٪ فقط من البالغين، و33٪ من الأطفال، على لقاح الإنفلونزا هذا الموسم، وفقًا للبيانات، حتى منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني.
وتُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض أنّ معدل التطعيم ضد الإنفلونزا بين الأطفال أدنى بكثير ممّا كان عليه في هذه المرحلة من الموسم خلال السنوات الست الماضية، إذ يقل المعدّل بنحو 12 نقطة مئوية عن الموسم الذي سبق الجائحة، وأقل بنحو 5 نقاط مئوية عن الموسم الماضي.
وقالت إليزابيث تشوما، ممرضة الأطفال في مجموعة لودون الطبية، والأستاذة المساعدة بكلية التمريض في جامعة جورج واشنطن: "في حين أنّ اللقاحات لا تضمن دومًا أن الطفل سيتجنب المرض، إلا أنها توفر عمومًا دعمًا مناعيًا كافيًا لضمان أن يكون المرض أقل حدة". على سبيل المثال، تظهر إحصائيات الإنفلونزا أن معظم وفيات الأطفال بسبب الإنفلونزا تحدث لدى من لم يتم تطعيمهم ضد الإنفلونزا.
مخاطر فريدة للأطفال
يقول الخبراء إنّ أمراض الجهاز التنفسي تعرّض الأطفال لمخاطر فريدة.
وبرأي تشوما إن "الأطفال الرضع، والأطفال الصغار، والأطفال في سن ما قبل المدرسة لديهم مجاري هوائية أصغر، ما يصعّب عليهم التنفس عندما تلتهب مجاريهم الهوائية".
وأضافت أن "الرضع يتنفسون من طريق الأنف، ما يعني أنهم يعتمدون على التنفس من خلال أنوفهم. وعندما يصابون بالاحتقان، يصبح من الصعب عليهم التنفس وأداء الأنشطة اليومية مثل الشرب، ما قد يزيد من خطر الإصابة بالجفاف".
عادةً ما تكون عدوى الفيروس المخلوي التنفسي خفيفة لدى البالغين، لكن الرضع وكبار السن يواجهون خطرًا أعلى للإصابة بمرض شديد.
وتُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض، أنّ معدّل النتائج الإيجابية لاختبار الفيروس المخلوي التنفسي يرتفع بشكل أسرع بكثير مما هو عليه للإنفلونزا أو "كوفيد-19". ويرتفع معدل الاستشفاء بسرعة بين الأطفال، إذ سُجل حوالي 3 حالات دخول إلى المستشفى بسبب الفيروس المخلوي التنفسي لكل 100 ألف طفل خلال الأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، أي ضعف العدد في الشهر السابق.
وكان هناك ما لا يقل عن 21 حالة استشفاء لكل 100 ألف رضيع في ذلك الأسبوع، أي ارتفاعًا من أقل من 14 حالة في الشهر السابق. خلال الفترة عينها من هذا الموسم، لم يرتفع معدل الاستشفاء بين البالغين إلى أكثر من 0.5 حتى الآن.
مستشفيات الأطفال تعاني بالفعل
ينتشر مرض تنفسي آخر يُعرف باسم الالتهاب الرئوي الجوّال، الذي تسبّبه بكتيريا الميكوبلازما الرئوية، بسرعة بين الأطفال الصغار ويثقل على مستشفيات الأطفال.
وللمرة الأولى تحذر مراكز مكافحة الأمراض من زيادة هذه العدوى في أكتوبر/ تشرين الأول، ولم تتحسّن الاتجاهات. بدأت الحالات بالارتفاع عالميًا في عام 2023، بعد بضع سنوات من الانتشار المتراجع أثناء جائحة "كوفيد-19".
لكن بيانات المراقبة من الولايات المتحدة هذا العام تشير إلى أن زيارات المستشفيات بلغت ذروتها في أغسطس/ آب، وظلت مرتفعة منذ ذلك الحين، لا سيّما بين الأطفال. الزيادة في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 4 سنوات ملحوظة بشكل خاص لأن الالتهاب الرئوي الجوّال ليس محركًا رئيسيًا للمرض عادة لهذه الفئة العمرية، وفقًا للوكالة.
قال الدكتور توري ماك، كبير المسؤولين الطبيين في جمعية مستشفيات الأطفال، إن ارتفاع حالات أمراض الجهاز التنفسي يمكن أن يضغط على أنظمة المستشفيات ويؤدي إلى تفاقم تحديات سلسلة التوريد المستمرة، وخاصة أقسام الطوارئ المزدحمة.