في مشهد سنوي توارثته الأجيال يحرص أهالي مدينة معان جنوب الأردن والقريبة من الحدود مع السعودية على استقبال ووفادة حجاج بيت الله الحرام الآتين من دول عدة براً لأداء المناسك في مكة المكرمة.
ويتسابق المعانيون على إطعام الحجاج وإكرامهم وتوفير سبل الراحة لهم في طريقهم نحو الحج، بحيث تحولت مدينتهم إلى بوابة تعبر عن الكرم والتقاليد الأصيلة، على رغم أنها تعد واحدة من أفقر المدن الأردنية.
وعلى بعد نحو 200 كيلومتر من العاصمة عمان وعلى وقع تكبيرات الحج، يتحلق شبان حول الحجاج المارين بالمدينة ويلحون عليهم في تناول الطعام والشراب، أو المبيت في منازلهم.
طريق الحج القديم
تعتبر معان وجهة مهمة وقديمة للحجاج في الأردن وبمثابة استراحة بسبب موقعها الإستراتيجي على طريق الحج القديم الذي يربط الأردن بالسعودية. وفي الماضي كانت معان تستقبل الحجاج الآتين من الأردن والدول العربية والإسلامية الأخرى وتوفر لهم مرافق وخدمات للإقامة والراحة خلال رحلتهم إلى مكة والمدينة.
بحفاوة كبيرة وابتهاج يحرص أهالي المدينة على استقبال الحجاج في محطتهم الأخيرة قبل المغادرة إلى الديار المقدسة ويقدمون لهم ما لذ وطاب من حلويات وأكلات شعبية وعصائر من منطلق إكرام حجاج بيت الله الحرام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحتى أعوام قليلة كان يطلق على المنطقة التي يتجمع فيها الحجاج "مدينة الحجاج"، لكن لاحقاً تغير اسمها إلى "واحة الحجاج" بعد أن تم تطويرها وتحسينها على امتداد مساحة تصل إلى مئتي ألف متر لتؤدي مهمة استقبال وتفويج الحجاج وتقديم خدمات الطعام والشراب والرعاية الصحية، فضلاً عن خدمات إرشادية تشرف عليها وزارة الأوقاف الأردنية.
يؤكد رئيس بلدية معان ياسين صلاح أن خدمة الحجاج سُنة حميدة يتسابق الأهالي لأدائها بهدف تسهيل حركة الحجاج وتقديم جميع الخدمات الضرورية لهم، إذ إن مدينة معان تقع على مفترق طرق للمعتمرين والحجاج والمسافرين وكانت منذ تاريخ طويل ملتقى للحجاج من مختلف أصقاع الدنيا.
منازل الحجاج
عرفت معان قديماً بما يسمى "منازل الحجاج"، وهي استراحات تنزل فيها القوافل وتستريح لأيام عدة، قبل أن تدخل الأراضي السعودية.
وتوافد على مدينة معان حجاج من دول إسلامية عدة مثل دول آسيا الوسطى وشبه جزيرة البلقان، إضافة إلى بعض الدول العربية كفلسطين وسوريا ولبنان.
ويرى أهالي المدينة في أنفسهم أنهم ورثوا عن أجدادهم ما يسمونه "شرف خدمة ضيوف الرحمن" طوال موسم الحج من دون كلل أو ملل.
سبيل معان
ويطلق على خدمة الطعام والشراب اسم "سبيل معان" وهي خدمة لا تقتصر على الحجاج فقط بل تشمل كل عابر سبيل من المسافرين والمحتاجين، ويعتمد تمويله بشكل رئيس على التبرعات العينية والمالية من التجار والمحسنين من أهالي المدينة.
كما يستقبل "سبيل معان" المقام على الطريق الدولي الذي يربط الأردن بالسعودية قوافل المعتمرين وعابري السبيل في شهر رمضان، فيما يزيد عدد المتطوعين في هذه الخدمة على 50 شخصاً لا يتقاضون أجراً ولا يرجون سوى الدعاء من الحجاج.
بينما يعد مسجد "الشامية" الذي تأسس عام 1914 واحداً من أبرز المعالم التي تعاقب عليها الحجاج، وسمي بهذا الاسم نسبة للحجاج الوافدين من الشام ويعتبر نقطة التقائهم وتفويجهم.