بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 08/12/2022 - 19:00
نشطاء سوريون يوزوعون ألبسة شتوية على العائلات الفقيرة لحمايتهم من البرد الداهم في ظل عدم وجود الطاقة اللازمة للتدفئة لدى الغالبية العظمى من السوريين. - حقوق النشر رويترز
لا يستطيع السوري محمد أبو رمضان تحمل تكاليف التدفئة من أجل أطفاله هذا الشتاء، لذا يتناوب هو وأُسرة أخته في دمشق على الاعتناء بالصغار، على أن يقتصر تشغيل التدفئة في المنزل الذي يمكث فيه الأطفال.
ومثل ملايين السوريين غير القادرين على تحمل تكلفة شراء المازوت والغاز، أو حتى العثور عليهما في كثير من الأحيان، اضطر أبو رمضان إلى اللجوء لحلول مبتكرة ويائسة للتغلب على أزمة الوقود، التي تزيد من مصاعب الحياة، بعد مرور أكثر من عقد منذ اندلاع الحرب الأهلية.
قال الموظف الحكومي الذي يحاول زيادة دخله من خلال العمل في ورشة طلاء في المساء: "استغنيت عن كثير من الحاجيات، ولم آكل وأولادي خلال شهرين أكثر من وجبة واحدة في اليوم".
وغالبا ما يعمل أبو رمضان لمدة 18 ساعة في اليوم، لكن حتى هذا لا يمكنه من جني ما يكفي من المال لتحمل تكاليف تدفئة منزله، ويقول: "عندما ينهي أولادي الدوام لفترة في المدرسة يذهبون لبيت خالتهم أسبوعا كاملا، بينما أعمل خلال الأسبوع الموالي على توفير الحطب لهم ولأولاد خالتهم".
انهيار اقتصادي
ويدفع الانهيار الاقتصادي في سوريا، الناجم عن سنوات من النزاع والعقوبات الغربية وانهيار العملة، وخسارة الحكومة للأراضي المنتجة للنفط في شمال شرق البلاد، ملايين الأشخاص إلى براثن الفقر كل عام.
ومع تراجع إيرادات الدولة، اضطرت السلطات إلى خفض الدعم الذي كان يخفف من أسوأ آثار الأزمة بالنسبة للسوريين. وتجد الحكومة صعوبة في تسديد ثمن واردات الوقود، بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
ودفع هذا النقص أيضا رئيس الوزراء إلى الإعلان عن إغلاق المؤسسات العامة ليومين إضافيين هذا الشهر. وأجلت السلطات الرياضية بطولات كرة السلة وكرة القدم لتوفير الطاقة.
ويمكن للسوريين الذين ما زالوا مؤهلين للحصول على المازوت المدعوم، شراء 50 لترا بسعر 500 ليرة للتر الواحد (أقل من 10 سنتات أمريكية)، لكن التوريد يجري بوتيرة بطيئة وغير منتظمة، والكميات لا تكفي لاستهلاك الأسرة لفترة طويلة.
وتبيع الحكومة كميات محدودة من المازوت غير المدعوم بخمسة أمثال هذا السعر، في حين أن أسعار المازوت بالسوق السوداء تصل إلى أكثر من 30 ضعف السعر المدعوم.
وقود الفستق
تحول العديد من السوريين من المواقد التقليدية التي تعمل بالمازوت، ويستخدمونها لطهي الطعام وتدفئة المنازل إلى بدائل تعمل بالحطب أو حتى قشور الفستق، وهي أرخص سعرا ومتوفرة بكثرة في بعض الأجزاء من البلاد.
وقال محمد كوير، وهو موظف حكومي من محافظة حماة، إن قشور الفستق الحلبي تولد حرارة أكثر من المازوت: "قشور اللوز وقشور الفستق متوفرة دائما. أما المازوت فنعاني من ارتفاع سعره وهو ليس موجودا".
كما قال عبد الله تويت، صاحب ورشة لتصنيع مدافئ القشور، إنه بدأ في تحويلها منذ ثلاث سنوات لتعمل بقشر الفستق، الذي يمكن تحمل تكلفته بدلا من المازوت، وقال: "الإقبال سنويا عم يزداد عليها، كانت بالريف فقط ثم انتشرت بالمدينة بشكل تدريجي". في غضون ذلك، قال إنه لا يزال لديه في المخازن المئات من المدافئ غير المباعة التي تعمل بالمازوت.
حلولٌ يائسة
وبحسب منظمات إغاثة، فإن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون تحت خط الفقر، وإن عدد الذين هم بحاجة ماسة للمساعدات هذا الشتاء زاد 28% مقارنة بالعام الماضي.
وقالت سماح حديد من المجلس النرويجي للاجئين، الذي يوزع مدافئ وملابس ثقيلة على السكان للوقاية من البرد: "مع اقتراب شتاء قارس آخر، يتعين على الناس اللجوء إلى المزيد من الحلول اليائسة لتدفئة أنفسهم".
وأضافت حديد قوله إن هناك أسرا تلجأ إلى حرق الملابس القديمة والأحذية والأكياس البلاستيكية والقمامة للتدفئة، على الرغم من الخطر الصحي الناتج عن الدخان والأبخرة.
وقالت أحلام محسن وردة، وهي أم لثلاثة أطفال تتسلم 150 ألف ليرة شهريا من طليقها، وتستخدم مدفأة تعمل بالحطب، إنها لا تشغلها إلا عندما يكون البرد قارسا بسبب الدخان.
وأضافت وردة قائلة: "في السنة الماضية توفي ابن جيراننا الشاب من البرد، فكيف لا أخاف على أولادي من أن يموتوا من البرد؟. ما عدنا نفكر في الأكل والشرب، وإنما نفكر كيف يمكننا أن نتدفأ".