بعض الأشخاص لا يكونون مجرد أسماء في قائمة الزملاء، بل يتحولون إلى جزء من روح المكان، إلى بصمة لا تُمحى مهما مرّ الزمن. كان مصري عباس واحداً من هؤلاء، مخرج عبقري لم يكن الإبداع بالنسبة له مجرد مهارة، بل شغفاً عاشه حتى آخر لحظة.
تدرّج في الصحافة السعودية، متنقلاً بين محطاتها كمن يصنع لوحة فنية، يضع لمساته في كل زاوية، ويرسم بحرفيته وإحساسه صورة متقنة لكل ما يقع بين يديه. لم يكن مجرد مخرج فني، بل كان صانع تفاصيل، رجلاً يؤمن أن كل عنصر في الصفحة له دور، وكل تصميم يحمل رسالة.
لكن إبداعه لم يكن الشيء الوحيد الذي جعله مميزاً، بل قلبه الطيب، وأخلاقه العالية التي لم تُنسَ. لم يكن مجرد زميل، بل كان صديقاً للجميع، ودوداً في حديثه، سخياً بمعرفته، لا يبخل بخبرته على أحد، ولا يتردد في تقديم المساعدة متى ما احتاجها أحد. كان مصري من أولئك الذين يمنحون بلا مقابل، ويعملون بصمت، تاركين أثرهم دون ضجيج.
حظي بتقدير الجميع، ليس فقط لجودة عمله، بل لكونه إنساناً نادراً في مهنته، حيث يجتمع الإبداع مع الطيبة، والاحترافية مع التواضع. لم يكن يسعى للأضواء، بل كانت بصمته هي التي تتحدث عنه، تشهد له سنوات من العطاء، وتجعل اسمه محفوراً في ذاكرة من عرفوه، ليس كزميل عمل فحسب، بل كأخ، ومرشد، ورفيق درب.