مصر.. شركات أجنبية تعاود استكشاف آبار الغاز بعد سداد جزء من مستحقاتها

منذ 1 شهر 35

القاهرة، مصر (CNN)-- عاودت عدد من شركات البترول العالمية ضخ استثمارات جديدة لتنمية حقول الغاز الطبيعي والزيت الخام القائمة في مصر لزيادة معدلات الإنتاج، واكتشاف حقول جديدة لتعزيز احتياطي البلاد من الغاز الطبيعي لتلبية الاحتياجات المحلية.

وجاءت هذه الاستثمارات بعد انتظام الحكومة في سداد مستحقات الشركات الأجنبية للشهر السابع على التوالي، إضافة إلى طرح حوافز وفرص استثمارية جديدة لتشجيع زيادة الإنتاج.

وتحولت مصر من مصدر رئيسي للغاز الطبيعي إلى مستورد بعد تراجع حجم الإنتاج من 7.5 مليار قدم مكعب يوميا عام 2020/2021- وفق بيانات رسمية- إلى 5.7 مليار قدم مكعب يوميا في يوليو/ تموز- وفق تصريحات تليفزيونية لمسؤول بوزارة البترول.

وجاء هذا التراجع نتيجة توقف الشركات الأجنبية عن زيادة الاستثمار في تطوير واكتشاف الحقول بسبب تراكم مستحقاتها لدى الحكومة لنقص الدولار، إضافة إلى زيادة حجم الطلب المحلي على الغاز لإنتاج الكهرباء وتشغيل المصانع.

وفي الوقت الحالي توفر الحكومة احتياجاتها من الغاز من خلال تخصيص أكثر من مليار دولار لاستيراد الغاز من دول مجاورة، وفي الوقت نفسه تعمل على خطة لتشجيع الشركات الأجنبية على زيادة معدلات الإنتاج من خلال الانتظام في سداد مستحقات الشركاء الأجانب.

 وبدأت الحكومة منذ مارس/ آذار في سداد جزء من المستحقات القديمة والانتظام في سداد الفواتير الشهرية للشركات- وفق بيان رسمي- وذلك بعد توافر النقد الأجنبي نتيجة توقيع صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار.

وتعمل الحكومة على طرح فرص جديدة أمام الشركات لزيادة معدلات إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي، ومؤخرا طرحت مزايدة عالمية للبحث عن الغاز الطبيعي والزيت الخام في 12 قطاعا بالبحر المتوسط ودلتا النيل، وفرص استثمارية في مجالات البحث والاستكشاف وتنمية الحقول بالمناطق المفتوحة، علاوة على طرح حوافز جديدة يرتبط تطبيقها بزيادة الإنتاج.

وخلال الفترة الماضية، التقى وزير البترول كريم بدوي العديد من شركات البترول العالمية التي أعلنت عن نيتها زيادة حجم استثماراتها القائمة وضخ استثمارات جديدة ومنها شركة "توتال إنيرجيز"، التي أعربت عن اهتمامها بالدخول في مناطق استكشافية جديدة في البحر المتوسط، وكذلك فرص دعم نشاط تسويق وتموين وقود الطائرات، وشركة "أكسون موبيل"، التي تعتزم التوسع في مناطق امتيازها في شمال مراقيا البحرية ومنطقتي كايرو ومصري البحريتين إلى جانب اهتمامها بالاستثمار بمنطقة امتياز جديدة في غرب البحر المتوسط، وشركة بي بي البريطانية، وتعتزم البدء في الأنشطة الاستكشافية في بعض المناطق، وشركة إيني، والتي بدأت زيادة عدد الحفارات في "عجيبة" لتسريع وتيرة ومعدلات الإنتاج، وفق بيانات رسمية.

وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف إن مصر نجحت خلال السنوات الماضية في تحقيق اكتشافات ضخمة من الغاز انعكست على زيادة حجم صادراتها من الغاز لتصل إلى أعلى مستوياتها عام 2022 وتتجاوز 8 مليارات دولار قبل أن تتراجع في العام التالي لحوالي 2.5 مليار دولار، ثم تتحول للاستيراد خلال العام الحالي نتيجة تراجع حجم الإنتاج المحلي لحوالي 4.5 مليار قدم مكعب يوميا، وذلك بسبب توقف الشركات الأجنبية عن ضخ استثمارات جديدة لتراكم مستحقاتها لدى الحكومة، مما أدى إلى عدم تنمية الحقول الحالية، وكذلك عدم اكتشاف حقول جديدة.

ووفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في مارس، بلغ حجم مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مصر نحو 4.5 مليار دولار، فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن سداد الحكومة حوالي 1.2 مليار دولار من هذه المستحقات خلال الشهور القليلة الماضية.

وأضاف يوسف، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الشركات الأجنبية بدأت في ضخ استثمارات جديدة لتنمية الحقول القائمة، والتي تناقص معدلات إنتاجها خلال الفترة الماضية بسبب توقف الاستثمارات، كما بدأت كذلك البحث عن اكتشافات حقول جديدة لزيادة معدلات الإنتاج، غير أنه يرى أن هذه الاستثمارات ستكفي احتياجات البلاد من الغاز الطبيعي، كما ستظهر نتائجها خلال أكثر من 6 شهور.

وخلال العام المالي الماضي 2023/2024، وقعت مصر 11 اتفاقية جديدة مع شركات عالمية للبحث والاستكشاف والإنتاج للغاز الطبيعي بإجمالي استثمارات 925 مليون دولار، كما تم وضع 19 بئرا جديدا للغاز الطبيعي على خريطة الإنتاج بإجمالي استثمارات 613 مليون دولار، وفق بيان رسمي.

وربط مدحت يوسف عودة مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الغاز مرة ثانية، باكتشاف حقلا جديدا باحتياطات ضخمة مماثل لحقل ظهر، مشيرا إلى أهمية زيادة الإنتاج لخفض الاستيراد، وتقليل فاتورة الدعم بالموازنة العامة للدولة، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط عالميًا نتيجة التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

وأجرت إحدى الشركات الحكومية، 5 برامج مسح "سيزمي" لمساحة 24 ألف كيلو متر مربع لدعم أعمال الاستكشاف وبلغ حجم احتياطياتها 1.3 تريليون قدم مكعب غاز و30 مليون برميل زيت ومتكثفات، وفق بيان رسمي.

وأكد الخبير البترولي، يسري حسان، أن انتظام الحكومة في سداد مستحقات الشركات الأجنبية، سوف يشجع على زيادة حجم الاستثمارات في حفر واكتشاف حقول غاز طبيعي والزيت الخام جديدة، مما سينعكس على زيادة الإنتاج لتلبية الاحتياجات المحلية.

ووفق بيان رسمي، بلغ إجمالي الاستهلاك المحلي السنوي من الغاز الطبيعي 2.2 تريليون قدم مكعب غاز بمتوسط حوالي 6 مليارات قدم مكعب غاز يوميًا، واستوردت البلاد حوالي 337 مليار قدم مكعب غاز خلال العام المالي 2023/2024.

وأضاف حسان، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن هناك مناطق واعدة للاكتشافات الغاز وأبرزها منطقة دلتا النيل، وتحتوي على احتياطات ضخمة من الغاز، قد تسهم في عودة مصر للاكتفاء الذاتي خلال عام على أقصى تقدير، من خلال الاستثمارات الجاري ضخها في تنمية الحقول القائمة واكتشاف حقول جديدة.