مصر تستهدف زراعة أكبر مساحة من القمح.. ما انعكاسات انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب؟

منذ 1 سنة 133

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تستهدف مصر زراعة أكبر مساحة من محصول القمح في الموسم المقبل من خلال زيادة مساحة الأراضي المستصلحة بشرق وغرب القاهرة، والتوسع في التقاوي عالية الجودة والإنتاجية، وتهدف من هذه الخطة خفض حجم المستورد من الخارج في ظل أزمة نقص الحبوب عالميًا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ونقص النقد الأجنبي اللازم للاستيراد.

ونجحت مصر خلال السنوات الأخيرة الماضية في زيادة حجم الإنتاج المحلي من القمح من 9.36 مليون طن في عام 2014 إلى 10 ملايين طن هذا العام بنسبة نمو 8%، في المقابل تراجعت واردات القمح من 14.9 مليون طن في عام 2014 إلى 9.02 مليون طن العام الماضي، بنسبة انخفاض 39.5%، وفقًا لبيانات حكومية.

وقال نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، إن الدولة تعتمد على الأراضي الصحراوية المستصلحة بشرق وغرب البلاد لتحقيق هدفها في زراعة أكبر مساحة من محصول القمح في الموسم المقبل، مشيرًا إلى أن حجم المساحة المزروعة من القمح هذا العام تمثل نحو ثلث الرقعة الزراعية للبلاد، ولذا من الصعب زيادة هذه المساحة إلا من خلال الأراضي المستصلحة، خاصة أن هناك محاصيل شتوية أخرى عديدة مثل الطماطم، والفواكه، والبصل، والثوم، والشعير، والبطاطس يجب زراعتها لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير.

وفقًا لبيانات وزارة الزراعة، تبلغ مساحة الأرض المزروعة من محصول القمح 3.659 مليون فدان بإجمالي إنتاجية حوالي 10 ملايين طن.

أضاف "أبو صدام"، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن زيادة إنتاجية مصر من القمح أصبح أمرًا لا غنى عنه في ظل الأزمة العالمية في إمدادات الحبوب، مما يتطلب العمل على التوسع الأفقي من خلال الأراضي المستصلحة، والتوسع الرأسي عبر الاعتماد على تقاوي عالية الإنتاجية، وتغيير طرق الزراعة من خلال التحول إلى الزراعة على المصاطب، والري بالتنقيط بدلًا من الغمر في ظل ندرة المياه.

وواجهت مصر أزمة نقص استيراد القمح بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تنويع مصادر الاستيراد من أسواق الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفرنسا والأرجنتين وأستراليا، إضافة إلى زيادة حجم التوريد من القمح المحلي.

شدد حسين أبو صدام على ضرورة العمل على ترشيد الاستهلاك المحلي من القمح، موضحًا أن حجم الاستهلاك المحلي من القمح يصل إلى 20 مليون طن سنويًا، وهي من أعلى المعدلات عالميًا، مما يتطلب ضرورة التحول إلى الدعم النقدي بمنظومة الخبز المدعم لضمان توصيل الدعم لمستحقيه، وفي الوقت نفسه خفض حجم الاستيراد.

ويبلغ حجم دعم رغيف الخبز بموازنة السنة المالية الحالية 83.6 مليار جنيه (2.7 مليار دولار) يستفيد منه أكثر من 62 مليون مواطن، وفقًا لبيانات وزارة المالية.

أوضح نقيب الفلاحين أن مصر حققت اكتفاءً ذاتيًا من إنتاج الخضروات والفاكهة، بل وتصدر الفائض من إنتاجها بما يتجاوز أكثر من 6 ملايين طن، أما بالنسبة للحبوب يغطي الإنتاج المحلي نحو 50% من القمح والذرة، فيما نستورد 98% من احتياجاتنا من المحاصيل الزيتية مما يتطلب ضرورة توعية المزارعين وتشجيعهم على زراعة هذه النوعية من المحاصيل، وكذلك التوسع في المصانع لتحقيق قيمة مضافة لهذه المحاصيل.

وارتفعت صادرات مصر الزراعية إلى أكثر من 4 ملايين طن خلال أول 5 شهور من العام الجاري بزيادة قدرها 606 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي.

واستبعد نقيب الفلاحين تأثر مصر على المدى القصير من انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب عبر البحر الأسود، وذلك نتيجة إلى عاملين، أولًا تزامن الفترة الحالية مع موسم توريد القمح، الذي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام، وثانيًا ارتفاع حجم المخزون من الأقماح يكفي احتياجات البلاد حتى نهاية العام، مضيفًا أنه على المدى البعيد قد يؤثر ذلك على تكلفة استيراد مصر من القمح بسبب زيادة الأسعار عالميًا، لكنه لن يؤثر على المتاح من القمح في السوق المحلي، بعد أن اتجهت مصر لتنويع الأسواق المصدرة خلال الفترة الماضية.

تسلمت مصر 3.8 مليون طن قمح من السوق المحلي منذ بداية الموسم بنسبة 91% من حجم المستهدف هذ العام، وفقًا لتصريحات رسمية لوزير التموين علي المصيلحي، الذي أكد أن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح يكفي البلاد أكثر من 5 أشهر.

من جانبه، قال هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب المصري، إن الحكومة تتبنى خطة لحماية البلاد من التداعيات الخارجية على توافر السلع الأساسية، منها القمح، وذلك عبر التوسع الأفقي بزيادة المساحة المنزرعة، والتوسع الرأسي من خلال استنباط أصناف جديدة من التقاوي بإنتاجية مرتفعة، وتوفر المياه.

وأضاف الحصري، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الدولة تعمل في الوقت الحالي على استصلاح مساحات ضخمة من الأراضي الصحراوية في الدلتا الجديدة (في غرب دلتا مصر الحالية)، ومشروع مستقبل مصر، وإعادة إحياء مشروع توشكى، وشرق العوينات، إضافة إلى تحفيز المزارعين على زراعة القمح عبر زيادة سعر توريد أردب القمح من المزارعين قرب السعر العالمي لتشجيع الفلاحين من أصحاب الحيازات الصغيرة في أراضي الدلتا على التوجه لزراعته.

ورفعت الحكومة حافز سعر توريد القمح المحلي بنسبة 70% ليصل سعر توريد أردب القمح المحلي خلال العام الحالي إلى 1000 جنيه (32.36 دولار) مقابل 820 جنيهًا (26.53 دولار) للأردب الموسم الماضي، مع زيادة حافز النقل والتوريد الإضافي إلى 500 جنيه (16.18 دولار) مقابل 65 جنيهًا (2.1 دولار).

توقع رئيس لجنة الزراعة أن تحقق مصر أكبر إنتاجية من القمح المحلي خلال الموسم المقبل، وفي الوقت نفسه ترشيد الدعم المنصرف للخبز عبر تشديد الرقابة على المخابز، مرجحًا أن تنجح الحكومة في جمع 5 ملايين طن من المزارعين من إجمالي 10 ملايين طن متوقع إنتاجها الموسم المقبل.

وقال الحصري إن الدولة نجحت في التعامل مع أزمة الحرب الروسية الأوكرانية عن طريق تنويع مصادر استيراد القمح من أسواق أخرى، مثل الهند، وبعض الدول الأوروبية، والفائض من الدول العربية، مع زيادة المخزون الاستراتيجي من السلع الرئيسية وعلى رأسها القمح، ونحافظ على أن يتراوح المخزون من 5 إلى 7 شهور.

حصلت مصر الشهر الماضي على 700 مليون دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية من أجل استيراد القمح، وذلك بموجب اتفاق تمويل يصل إلى 6 مليارات دولار خلال 5 أعوام لاستيراد السلع الأساسية.