مصر.. السوق السوداء للدولار تتراجع بعد تصريحات السيسي..وارتفاع أسعار اللحوم قبل عيد الأضحي

منذ 1 سنة 124

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تسببت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول رفضه التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، في تراجع الأخير في السوق الموازية بنسبة 10%، وفقا لخبير اقتصادي، بسبب اتجاه عدد من المتعاملين بهذه السوق إلى التخلي عن العملة الخضراء، في حين استمرت زيادة أسعار اللحوم والأضاحي بمستويات قياسية قبل عيد الأضحى بسبب أسعار الأعلاف المرتفعة، في المقابل انخفضت أسعار الأرز بعد تخلي المنتجين عن كميات من المخزون.

وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي، منذ مارس/ آذار من العام الماضي، بعد موجة التضخم العالمية واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية مما تسبب في ارتفاع فاتورة الواردات، وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة التي كانت تمثل جزء كبير من السيولة الدولارية في البلاد، ومنذ ذلك الحين حاولت الحكومة ترشيد الاستيراد للسيطرة على مواردها من الدولار، كما اتفقت مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار مقابل برنامج للإصلاح الاقتصادي قائم على التحرير الكامل لسعر الصرف، وبيع أصول حكومية.

وقال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، إن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تطبيق مصر نظام سعر صرف مرن، وأنه لن يتم إجراء خفض جديد للجنيه المصري تسبّب في خسارة الدولار بنسبة 10% في السوق السوداء، وفقًا لتجار ومستوردين، لينخفض الدولار من مستوى 40 إلى 36 جنيهًا، والدليل على ذلك تراجع سعر طن الأرز بقيمة 9 آلاف جنيه (292.08 دولارًا) في يوم واحد.

غير أنه أكد أن تصريحات "السيسي" لم تؤد للقضاء على السوق السوداء بشكل كامل، ويتطلب تحقيق ذلك توافر سيولة دولارية بالأسواق بشكل يتناسب مع حجم الطلب لتغطية طلبات الاستيراد، وفي الوقت نفسه التركيز على الأنشطة الإنتاجية لتعظيم موارد مصر من النقد الأجنبي وخفض فاتورة الواردات.

وتحصل مصر على الدولار من 5 موارد رئيسية، وهي بالترتيب للأعلى دخلًا: الصادرات، تحويلات العاملين بالخارج، السياحة، الاستثمار الأجنبي المباشر، عوائد قناة السويس.

أوضح "بدرة"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن سعر الصرف الرسمي للجنيه أمام الدولار الذي يصل لأقل قليلًا من 31 جنيهًا للدولار يقترب من قيمته العادلة والتي تزيد عن هذا السعر بقيمة قليلة، في حين يصل سعر الجنيه أمام الدولار في السوق السوداء والعقود الآجلة لمستويات قياسية لا تعبر عن قيمة حقيقة مما أثر سلبًا على ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتمسك المواطنين بالدولار أملًا في خفض جديد للجنيه لتحقيق مكاسب.

وتسببت أزمة نقص النقد الأجنبي في مصر إلى عودة ظهور السوق الموازية لبيع الدولار مرة ثانية، وارتفع سعر الدولار بقيم أعلى من الأسعار الرسمية وصلت لأكثر من 10 جنيهات للدولار الواحد.

أشار مصطفى بدرة، إلى أن تصريحات الرئيس عن الدولار دلالة على اتجاه البنك المركزي المصري لتدبير احتياجات السوق من العملة خلال الفترة المقبلة، وقرب التوصل لحل مع صندوق النقد الدولي لاستكمال الحصول على أقساط القرض، ومن ثم استئناف الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، مستدلًا على ذلك بأن مصر لم تتخلف عن سداد أقساط وفوائد القروض الخارجية خلال السنة المالية الحالية، التي تنتهي خلال أيام.

وارتفع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية للشهر الثامن على التوالي ليصل إلى 34.66 مليار دولار بنهاية مايو/ أيار الماضي، كما نقلت وسائل إعلام محلية عن إيداع قطر مليار دولار، وليبيا 800 مليون دولار في البنك المركزي المصري.

في سياق متصل، قال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن أسعار طن الأرز انخفضت من 20 ألف جنيه (649.06 دولارًا) إلى 13-14 ألف جنيه (421.89-454.34 دولارًا)، أي بنسبة تراجع 40% بسبب تخلي المنتجين عن كميات كبيرة من المخزون خلال الأيام الماضية، لتحقيق مكاسب ضخمة من زيادة سعره في السوق، إلا أن استيراد كميات تصل إلى 80 ألف طن من الهند تسبب في إجبار المنتجين على زيادة حجم المعروض، والتوقف عن تخزينه، رغم أن هذه الكمية المستوردة تكفي احتياجات السوق المحلية من 9 إلى 10 أيام.

وسبق أن حاولت الحكومة المصرية إجبار المزارعين لمدة 3 شهور على عدم تخزين الأرز وتوريده لمديريات التموين تجنبًا لفرض عقوبة قد تصل إلى الحبس مدة لا تقل عن عام، ولم يؤت القرار ثماره وتم وقف تجديده.

وأضاف شحاتة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن حجم المساحات المنزرعة من الأرز يكفي الاستهلاك المحلي، وذكر أن هناك كميات ضخمة منه متاحة في السوق المحلية بأسعار مناسبة، وأن الأسعار لم ترتفع إلا بعد تخزين المنتجين كميات ضخمة لاستغلال حجم المعروض في السوق وتحقيق أرباح.

في المقابل، قال هيثم عبد الباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار اللحوم في مصر شهدت ارتفاعًا بشكل كبير خلال الفترة الحالية ليتراوح سعر الكيلو ما بين 350 إلى 380 جنيهًا (11.36 - 12.33 دولارًا)، ورغم هذا السعر الكبير إلا أنه يعتبر غير مرضي للجزارين نتيجة زيادة أسعار العجول، وتكاليف التشغيل والأجور في المقابل هناك تراجع كبير في حجم المبيعات.

أرجع عبد الباسط أسباب ارتفاع أسعار اللحوم نتيجة انخفاض حجم الإنتاج المحلي، لعدة أسباب أهمها أولًا أن حجم الإنتاج المحلي من اللحوم لا يكفي الاستهلاك بسبب عدم توافر مراعي طبيعية، ثانيًا عدم زراعة أعلاف التسمين محليًا، ثالثًا وقف إنتاج صغار المربين بسبب ارتفاع تكلفة التربية نتيجة زيادة أسعار الأعلاف المستوردة من الخارج، وفي الوقت نفسه عدم توافرها بالسوق، خاصة وأن صغار المربين يمثلون جزءًا كبيرًا من تدبير احتياجات السوق المحلي.

أضاف عبد الباسط، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن مواجهة زيادة أسعار اللحوم يتطلب وضع خطة متكاملة لتنمية صناعة إنتاج اللحوم بكل حلقاتها لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمة مستقبلًا، على أن تتضمن الخطة زراعة كميات ضخمة من الأعلاف بدلًا من استيرادها، خاصة وأن الحرب الروسية الأوكرانية أثبتت أهمية هذه الخطوة، وتشجيع صغار المربين على زيادة إنتاجيتهم.

وأشار هيثم عبد الباسط إلى أن تأثير ارتفاع الأسعار على المبيعات والأضاحي بنسبة 40%، جاء نتيجة عدم تناسب القدرة الشرائية لمعظم المواطنين مع أسعار الأضاحي من خرفان وعجول هذا العام، حيث ارتفعت أسعار الخرفان من متوسط 4 آلاف جنيه (129.81 دولارًا) إلى 12 ألف جنيه (389.43 دولارًا)، والعجل إلى 70 ألف جنيه (2271.7 دولارًا)، مشددًا على ضرورة تنمية الإنتاج المحلي من اللحوم؛ لأن هناك 30 مهنة مرتبطة ببيع اللحوم بداية من الإنتاج حتى التوزيع، بجانب الصناعات المرتبطة بمحال الجزارة.