مصر: الانتهاء من مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية.. لماذا تريد الحكومة توثيق الطلاق؟

منذ 1 سنة 190

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- انتهت وزارة العدل المصرية من وضع قانون جديد للأحوال الشخصية، هدفه تحقيق التوازن بين حقوق الرجل والمرأة، فيما سيتم عرضه للحوار المجتمعي قبل إحالته إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه ونقله إلى البرلمان لإقراره. وقال مشرّعون إن القانون الجديد من شأنه المساهمة في خفض معدلات الطلاق المرتفعة في السنوات الأخيرة.

تأتي أهمية قانون الأحوال الشخصية من كونه المعني بشؤون الأسرة المصرية من خلال تنظيم القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم فيما يخص صلة النسب والزواج. يعود القانون الحالي إلى عام 1920، وأُدخلت عليه العديد من التعديلات في فترات زمنية مختلفة.

وقال عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، إيهاب رمزي، إن الهدف من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد تحقيق التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة، والحد من حالات الطلاق عبر توثيق الطلاق، وعدم الاعتداد بالطلاق الشفهي، ومنح الزوجة عند الطلاق نصيبًا في أموال زوجها التي آلت إليه خلال فترة الزواج؛ لدورها مع الزوج في كسب هذه الأموال، وأنه يتماشى مع الشريعة الإسلامية، مؤكدًا أهمية القانون في خفض معدلات الطلاق المتزايدة بشكل لافت في السنوات الماضية، مما يؤدي إلى استقرار الأسرة، ومن ثم المجتمع، حسب قوله.

يوم الاثنين، جدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تصريحاته عن توثيق الطلاق، مؤكدًا أنه لن يتم اتخاذ أي إجراء يخالف الشريعة الإسلامية بقانون الأحوال الشخصية، لكن سيتم وضع نصوص للحد من الطلاق الشفهي.

في كلمته باحتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية لعام 2023، قال الرئيس المصري إن إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد هدفه حماية الأسرة والأبناء، منوهًا أن مشروع القانون سيخضع لحوار مجتمعي لضمان إعداده بشكل موضوعي ومتوازن.

وكشف مفتي الجمهورية شوقي علام، عن تلقي دار الإفتاء 300 ألف طلب فتوى عن حالات الطلاق خلال 5 سنوات، لم يتم البت سوى بوقوع حالتين منها فقط، مطالبًا بضرورة توثيق الطلاق.

وأضاف رمزي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن القانون الجديد حسم المواد الخلافية الموجودة في القانون القائم، لخفض القضايا في محاكم الأسرة، منها ترتيب حضانة الطفل، ليصبح ترتيب الأب في المرتبة الرابعة لحضانة الطفل بعدما كان في المرتبة متأخرة، ومنح الزوجة حق حضانة الطفل حال زواجها بشرط أن يرى القاضي عدم وجود ضرر في ذلك.

كما وضع القانون الجديد عقوبات جنائية على الزوج أو الزوجة في حال الامتناع عن تنفيذ ضوابط الرؤية أو الاستضافة للأطفال، وكذلك استحدث إجراءات جديدة لإثبات النسب من خلال الطرق العلمية، مع إجبار الأب بالخضوع للتحليل وإلا سيتم إثبات النسب حال رفضه.

تتضمن الصياغة الأولية لمشروع قانون الأحوال الشخصية 188 مادة، وجاري استكمال باقي مواد المسودة الأولى فيما يتعلق بوضع الإجراءات ومسائل الولاية على المال، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية.

وأشار رمزي إلى أن مشروع قانون الأحوال الشخصية يتضمن إنشاء صندوق لرعاية الأسرة المصرية، الغرض منه ضمان حقوق السيدات المطلقات وأبنائها بعد الانفصال في الحصول على النفقة بأنواعها أو صرف معونة مالية شهرية لهم حال تعذر الحصول على النفقة من الزوج لظروف سفره للخارج، وهو دور مماثل لما يقوم به بنك ناصر الاجتماعي في الوقت الحالي، الذي يصرف 500 جنيه (16.18 دولار) شهريًا لتسديد نفقات المطلقة، وهو مبلغ زهيد لا يتناسب مع أعباء المعيشة في الوقت الحالي.

وتم إنشاء صندوق نظام تأمين الأسرة في عام 2014 تحت إشراف بنك ناصر الاجتماعي، ويتولى الصندوق صرف نفقة شهرية 500 جنيه (16.18 دولار) بحد أقصى للمطلقة والأبناء.

وقال عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري إنه سيتم إعداد مشروع قانون آخر لإنشاء صندوق رعاية الأسرة المصرية والذي سيحدد مصادر التمويل، واختصاصاته، وأوجه الإنفاق، والهدف منه، ومجلس إدارته، مضيفًا أنه وفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي ستكون مصادر الصندوق مناصفة بين رسوم يسددها المقبلين على الزواج، والنصف الآخر من الموازنة العامة للدولة.

يأتي قانون الأحوال الشخصية ضمن عدة قوانين أثير بشأنها إما تعديلات أو إعداد أخرى جديدة خلال السنوات الماضية، منها الإيجار القديم، والإجراءات الجنائية إلا أنه لم يتم اتخاذ أية قرارات نهائية بشأنها، ومازال يُنتظر من البرلمان الحالي مناقشة وضع قوانين تحقق تطلعات المواطنين.

وقالت نشوى الديب، عضو مجلس النواب المصري، إن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد يتضمن المطالب البرلمانية السابقة، أبرزها منع الاعتداد بالطلاق الشفهي، وتوثيق حالات الطلاق أسوة بالزواج، مشيرة إلى أن هناك أدلة شرعية تثبت جواز توثيق الطلاق، وأنه لا يعتد به طالما لم يتم توثيقه.

سبق أن وافقت الحكومة المصرية مطلع عام 2021، على مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، وتم عرضه على البرلمان وخضع لمناقشات عديدة دون الموافقة عليه أو رفضه، حتى قرر الرئيس السيسي في يونيو/ حزيران من العام الماضي توجيه وزارة العدل بتشكيل لجنة تضم خبرات قانونية وقضائية مختصة في قضايا ومحاكم الأسرة لإعداد مشروع قانون جديد يضمن حقوق جميع الأطراف المعنية.

وأشارت الديب، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن مشروع قانون الأحوال الشخصية يحقق العدل في العلاقة بين المرأة والرجل، ولذا تم تقديم ترتيب الأب في حضانة الطفل بدلًا من الوضع الحالي، كما يوفر الرعاية للأسرة من خلال صرف النفقات للمطلقة وأبنائها من خلال صندوق رعاية الأسرة؛ لحماية الأطفال من التشرد بعد الطلاق، وتوفير مستحقات مالية لإعانة المطلقة على الإنفاق على أبنائها.

بلغ عدد حالات الطلاق في مصر 254.8 ألف حالة خلال عام 2022 مقابل 222 ألف حالة في عام 2021 بنسبة زيادة 14.7%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقالت عضو مجلس النواب المصري إن مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تقدمت به وضع مواد لتنظيم تعدد الزوجات، وقد يتم الأخذ بها في القانون الجديد، لافتة أن مسألة التعدد ستفتح جدلًا مع بعض المتشددين إلا أنه تم الاستناد لآراء رجال دين مستنيرين تمنح المرأة حق قبول تعدد الزواج من عدمه.