مصر: استيراد لحوم من جيبوتي وتشاد لخفض الأسعار.. وزراعة أراضٍ جديدة بالقمح لتقليل المستورد

منذ 1 سنة 119

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تحاول الحكومة المصرية التغلب على أزمة ارتفاع أسعار لمستويات قياسية نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وذلك من خلال زيادة حجم الإنتاج المحلي من القمح لخفض حجم المستورد عبر التوسع الأفقي في زراعة أراض جديدة، وفي الوقت نفسه تعمل على تنويع مصادر وارداتها من السلع الأساسية، منها اللحوم من خلال استيرادها من تشاد وجيبوتي، وتقليل الاعتماد على تلك الواردة من السودان بسبب الحرب الدائرة في البلاد.

وبلغ معدل التضخم السنوي في مصر 31.5% خلال أبريل/ نيسان الماضي، وزاد الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية إلى 169.9 نقطة خلال الشهر الماضي بنسبة ارتفاع 1.8% عن مارس/ آذار، وفقًا لتقرير التضخم للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

قال سيد النواوي، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار اللحوم (الحية والمجمدة) زادت بنسبة 20% منذ بداية العام، نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا وانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مما أدى إلى انخفاض حجم الإنتاج المحلي بسبب إحجام بعض المربين عن تربية المواشي نتيجة ارتفاع التكلفة.

وأضاف النواوي أن زيادة أسعار اللحوم تسببت في انخفاض حجم المبيعات نظرًا لتراجع القوة الشرائية للمواطنين نتيجة ارتفاع التضخم بشكل كبير، وبحث المواطنين عن بدائل للحوم، واتجاه عدد كبير منهم لشراء الدواجن التي انخفضت أسعارها الفترة الماضية.

وانخفض استهلاك الأسر المصرية من اللحوم بنسبة 93.1%، وفقًا لدراسة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على أثر الأزمة الأوكرانية الروسية، وزادت مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 0.9% خلال أبريل/ نيسان الماضي، حسب تقرير معدل التضخم الصادر عن الجهاز.

توقع النواوي، خلال تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تتراجع أسعار اللحوم في مصر خلال الفترة المقبلة مع قرب تعاقد الحكومة على استيراد شحنات لحوم حية من جيبوتي، إلى جانب اللحوم التشادية التي يتم استيرادها من قبل شهر رمضان، وساهمت في توفير كميات كبيرة من اللحوم خلال فترة الإقبال بموسم رمضان، مستبعدًا تأثير الحرب في السودان على حجم المعروض من اللحوم في السوق المحلي، بشكل كبير لاستبدالها بالاستيراد من تشاد.

وفقًا لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجعت واردات مصر من الأبقار والجواميس الحية واللحوم إلى 185.6 مليون دولار خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط من عام 2023 مقابل 386.1 مليون دولار خلال نفس الشهرين من العام الماضي.

وفي عام 2022 تراجع حجم واردات مصر من الأبقار والجواميس الحية من 283.5 مليون دولار خلال عام 2021 إلى 118.9 مليون دولار العام الماضي، في المقابل ارتفعت واردات اللحوم من 1.36 مليار دولار خلال 2021 إلى 1.5 مليار دولار خلال 2022.

وأكد سيد النواوي، توافر حجم معروض من اللحوم، سواء المنتجة محليًا أو المستوردة في الأسواق، بما يتناسب مع حجم الاستهلاك، لكن المشكلة في ارتفاع الأسعار الذي أثر سلبًا على حجم المبيعات، وأدى لتغير النمط الاستهلاكي وبحث المواطنين عن بدائل للبروتين أرخص من اللحوم، إضافة إلى ذلك بدء موسم امتحانات نهاية العام، والذي يؤثر على اتجاه معظم الأسر المصرية لتركيز غالبية إنفاقهم على التعليم.

واتجهت الحكومة المصرية مؤخرًا لتنويع استيراد اللحوم من عدة بلدان أفريقية، أبرزها تشاد والصومال وجيبوتي، وطرحها بالمنافذ الحكومية لتوفير بأسعار أقل من المنتجة محليًا؛ بهدف ضبط الأسعار، وفقًا لتصريحات تليفزيونية لمساعد أول وزير التموين إبراهيم عشماوي.

في سياق متصل، قال نقيب عام الفلاحين في مصر، حسين أبو صدام، إن اتجاه الدولة لزراعة مساحات ضخمة بالقمح في الأراضي المستصلحة بمنطقة شرق العوينات، وهو ثاني أكبر مشروعات التنمية الزراعية المُنفذة في محافظة جنوب الوادي بعد مشروع توشكى، يسهم في زيادة الإنتاج المحلي من القمح لتخفيض نسبة معقولة من حجم المستورد، ومن ثم تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير الدولار، ويضيف رقعة زراعية جديدة للأراضي الزراعية في مصر مما يسهم في توفير فرص العمل وجذب شركات القطاع الخاص لإقامة مشروعات زراعية وتصنيع زراعي.

يوم الأحد، شهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، انطلاق موسم حصاد القمح وافتتاح مصنع لإنتاج البطاطس في شرق العوينات. خلال الافتتاح تم الإعلان عن تسجيل رقمين قياسيين لأكبر مزرعة نخيل تمور، وأكبر حوض سحب مياه بمشروع شرق العوينات وتوشكى.

غير أن نقيب الفلاحين أوضح في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن حجم استهلاك مصر من القمح يصل إلى 20 مليون طن سنويًا، في حين يصل حجم الأراضي المزروعة في مشروع شرق العوينات 190 ألف فدان، يتم زراعة معظمها بالقمح بحجم إنتاج 3 طن للفدان الواحد، مما يسهم في زيادة حجم الإنتاج المحلي، لكن لن يصل لحد الاكتفاء الذاتي، إلا أنها إضافة كبيرة لحجم الإنتاج المحلي من القمح والذي يتجاوز 10 ملايين طن سنويًا.

في حين قال سامي توفيق، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، إنه تم زراعة 110 آلاف فدان جديدة بمنطقة شرق العوينات خلال الفترة من 2014 إلى 2022. إلى جانب 80 ألف فدان تمت زراعتها منذ نهاية التسعينات حتى عام 2012، ليرتفع إجمالي المساحة المزروعة إلى 190 ألف فدان.

وأشاد نقيب الفلاحين باتجاه الحكومة لزيادة حجم الاستثمارات في التوسع الأفقي للأراضي الزراعية في المناطق الجديدة، مثل شرق العوينات وتوشكى والفرافرة، واعتمادها على نموذج متطور في الزراعة باستخدام أجود أنواع البذور التي تسهم في زيادة الإنتاجية، والري بالأنظمة الحديثة لترشيد استهلاك المياه، مضيفًا أن التوسع الأفقي للزراعة المصرية يحقق مكاسب متنوعة للدولة والمواطن، سواء من خلال زيادة الناتج القومي، وتوفير فرص عمل للشباب، وتقديم نموذجًا ناجحًا للمزارع المصري لكيفية زيادة إنتاجيته.

وتسعى الحكومة إلى إضافة 3.5 مليون فدان جديدة للرقعة الزراعية في مصر من خلال مشروعات التوسع الأفقي بزراعة أراضٍ جديدة في سيناء وجنوب الوادي وتوشكي وشرق العوينات.

وأشار نقيب الفلاحين إلى أن هناك جهودًا أخرى لزيادة إنتاجية مصر من القمح عبر تعزيز التوسع الرأسي في زراعة القمح من خلال زيادة حجم الأراضي المنزرعة خلال الموسم الحالي لتصل إلى 3.65 مليون فدان، منها مليونا فدان تم زراعتها بأجود أنواع القمح عالي الإنتاجية تصل إلى 24 أردب للفدان.

كما أشار النقيب إلى توسع الحكومة في إنشاء صوامع القمح المتطورة لتقليل الفاقد بنسبة 15% مقارنة بالصوامع السابقة، كما تم إقرار سعر 1500 جنيهًا (48.54 دولار) لشراء أردب القمح من المزارع، وتم توريد 2.1 مليون طن للحكومة تعادل نسبة 50% من حجم المستهدف الحكومي.

ويرى نقيب الفلاحين أن وصول مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لن يتحقق إلى بترشيد استهلاك القمح من خلال إلغاء الدعم على رغيف الخبز والمكرونة الموزعة بالسلع التموينية، مضيفًا أن خفض الاستهلاك للنصف يسهم في تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي، بجانب الترشيد يجب العمل على استكمال جهود التوسع الرأسي عبر توفير آليات وأنظمة حديثة للمزارعين تسهم في زيادة إنتاجية الفدان، وتقليل الفاقد مما يرفع من حجم الإنتاج المحلي.