مصر.. ارتفاع سعر الدولار فوق مستوى الـ48 جنيهًا لأول مرة منذ أبريل.. وخبراء يفسرون السبب

منذ 5 أشهر 83

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- واصل سعر صرف الدولار ارتفاعه أمام الجنيه المصري، لليوم الثاني على التوالي، متجاوزًا مستوى 48 جنيهًا، للمرة الأولى منذ أبريل/نيسان الماضي، بعد عودة العمل في البنوك عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى. وأرجع خبراء سبب ارتفاع سعر الدولار إلى تراكم الطلب على العملة الخضراء، بسبب طول فترة الإجازة لـ 10 أيام، وبدء موسم استيراد جديد، وتوقعوا عدم استمرار الزيادة لفترة طويلة، مع عدم عودة السوق الموازية للدولار في ظل توافر المعروض من النقد الأجنبي في البنوك.

في 6 مارس/أذار الماضي، قرّر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه لمستويات تجاوزت 50 جنيهًا قبل أن يتراجع تدريجيًا فوق مستوى 46 جنيهًا خلال الشهور الماضية.

وأرجع نائب رئيس بنك بلوم السابق، طارق متولي، ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري إلى تطبيق البنك المركزي سياسة العرض والطلب في تحديد سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، موضحًا أن هناك ارتفاعًا في الطلب على الدولار بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، تزامنًا مع انخفاض العوائد الدولارية لقناة السويس نتيجة التوترات السياسية، مما أدى إلى تحرك سعر الدولار أمام الجنيه بضعة قروش منذ أمس.

وزاد سعر الجنيه أمام الدولار من مستوى 47.63 جنيه للشراء، و47.77 جنيه للبيع قبل إجازة عيد الأضحى إلى 48.26 جنيه للشراء، 48.36 جنيه للبيع، وفق أسعار البنك المركزي.

يرى متولي، في تصريحاته لـCNN  بالعربية، أن تحرك سعر الدولار أمام الجنيه في نطاق ضيق لا يتجاوز 1%، لا يعد أمرًا مقلقًا، بل مؤشرًا إيجابيًا على التزام البنك المركزي في تطبيق آلية تحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، مؤكدًا لن يكون هناك وجود للسوق الموازية في ظل توافر الدولار للمستوردين من خلال القنوات الرسمية.

وسرت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن عودة انتعاش السوق الموازية (السوق السوداء) للدولار، وزيادة سعره ليصل لأكثر من 60 جنيهًا، وذلك خلال فترة عطلة البنوك في مصر في العيد.

وقال طارق متولي إنه من الصعب التكهن بأسعار الدولار أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة في ظل التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط التي تؤثر على تدفقات النقد الأجنبي للبلاد من قناة السويس والسياحة، مضيفًا أنه حال عودة الاستقرار السياسي بالمنطقة لن تكون هناك أزمة في الدولار بالسوق المصرية في ظل تدفقات النقد الأجنبي التي تلقتها البلاد خلال الفترة الماضية من مصادر متنوعة.

وتلقت مصر تدفقات دولارية ضخمة خلال الشهور الأخيرة، منها 35 مليار دولار من صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، وتنازل الإمارات عن ودائع دولارية بقيمة 11 مليار دولار، وزيادة حصيلة التخلي عن النقد الأجنبي بعد تحرير سعر الصرف، إضافة إلى ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج.

وشدد متولي على ضرورة أن تعمل الحكومة المصرية على عدة محاور لزيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي، سواء على المدى قصير الأجل من خلال الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، وتنفيذ صفقات استثمار ضخمة مماثلة لصفقة رأس الحكمة أو على المدى طويل الأجل باستكمال تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة من خلال تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي، وتحسين تنافسية الاستثمار في مصر لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة للقطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة لخفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات المصرية.

وزاد الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر لأعلى مستوياته على الإطلاق خلال مايو/أيار الماضي ليتجاوز 46 مليار دولار بزيادة 11.465 مليار دولار خلال عام، وذلك وفق بيانات البنك المركزي المصري.

من جانبه، يرى الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبد العال، أن تحرك الدولار أمام الجنيه، صعودًا أو هبوطًا، يعد ظاهرة صحية؛ لأنه يعكس مرونة سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، كما يؤكد عدم تدخل البنك المركزي في تحريك السعر، بدليل عدم وجود صفقات بيع أو شراء للبنك المركزي في سوق ما بين البنوك "الإنتربنك" خلال الفترة الماضية، حسب قوله.

وقال عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN  بالعربية، إن زيادة سعر الدولار أمام الجنيه في الفترة الحالية "لحظي"، نتيجة تراكم الطلب على الدولار بعد انتهاء إجازة العيد، مما أدى إلى تراكم طلبات فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع، وكذلك تزامنًا مع بدء موسم استيراد جديد بعد انتهاء مواسم رمضان وعيد الأضحى، إضافة إلى سداد مديونيات خارجية، وتسببت هذه العوامل في زيادة الطلب على الدولار بشكل يفوق المعروض مما أدى إلى ارتفاع الدولار أمام الجنيه، وسيستمر هذا الأمر لحين عودة تدفقات الدولار وتحقيق استقرار في السوق مجددًا.

وفي بيان لها، كشفت وزارة التعاون الدولي تلقي مصر تمويلات ميسرة بقيمة ملياري دولار تقريبًا، بواقع 700 مليون دولار من البنك الدولي بالإضافة إلى مليار يورو ما يعادل (1.69 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي، وتمويل تنموي ميسر من بنك التنمية الأفريقي بقيمة 131 مليون دولار، فضلًا عن تمويل بقيمة 100 مليون دولار من صندوق التعاون الاقتصادي للتنمية.

قال محمد عبد العال إن سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية لن يمر بتذبذبات قوية مرة ثانية، إذ قد يرتفع الدولار أمام الجنيه لمستويات هامشية خلال فترات متباعدة، أو قد يتراجع الدولار في حال عودة استقرار الأوضاع الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، وزيادة حصيلة البلاد من قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج.