مسافرو مجتمع الميم يعيدون التفكير في زيارة أمريكا بعد تغييرات الهوية الجنسية

منذ 1 أسبوع 25

قامت عدة دول أوروبية مؤخراً بمراجعة إرشادات السفر الخاصة بمواطنيها المتجهين إلى الولايات المتحدة، مع إصدار تعليمات جديدة تستهدف على وجه التحديد المسافرين المتحولين جنسياً وغير ثنائيي النوع الاجتماعي.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب السياسات التي بدأ ترامب تطبيقها منذ يناير/كانون الثاني، والتي تقتصر على الاعتراف الفيدرالي بجنسين بيولوجيين فقط: ذكر وأنثى. وفي هذا السياق، تتزايد مخاوف أفراد مجتمع الميم بشأن السفر إلى الولايات المتحدة، خاصة في ظل القوانين المحلية والتوجهات الاجتماعية التي قد تضعهم في مواقف غير مرحب بها أو حتى صادمة.

ولا تقتصر المخاوف على ذلك فحسب، إذ فاقم الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، والذي يتضمن تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود، وفرض تدقيق أكبر على التأشيرات، وشن حملة موسعة على الهجرة، من حالة التوتر. ويُضاف إلى ذلك توتر العلاقات بين واشنطن وعدة عواصم أوروبية، مما دفع كثيراً من السياح الأوروبيين إلى إعادة النظر في خططهم للسفر إلى الولايات المتحدة.

قلق متزايد لدى المسافرين من مجتمع الميم من الاحتجاز عند الحدود الأمريكية

وقد أوجدت السياسات الجديدة حالة من الغموض وعدم اليقين، خصوصاً بالنسبة للمتحولين جنسياً وغير ثنائيي النوع الاجتماعي. فبحسب التوجيهات الجديدة، قد تطلب سلطات الهجرة الأمريكية وثائق تُثبت "الجنس عند الولادة"، مما يفتح الباب أمام إشكالات قانونية وإنسانية معقدة.

ويعني هذا أن الأشخاص الذين لا تتطابق بيانات جنسهم القانونية في الوثائق الرسمية، مثل جوازات السفر أو التأشيرات أو تصاريح الإعفاء من التأشيرة—مع جنسهم عند الولادة، أو أولئك الذين تشير وثائقهم إلى الجنس "X" بدلاً من "M" أو "F"، قد يُواجهون صعوبات فعلية عند محاولتهم دخول الأراضي الأمريكية.

هذه المستجدات أثارت مخاوف متزايدة من احتمال تعرض بعض المسافرين للاحتجاز على الحدود، في حال اعتُبرت وثائقهم غير متوافقة مع المعايير الأمريكية الجديدة.

وفي ظل هذه التطورات، يُنصح المسافرون بالاستعداد المسبق للإجابة عن أسئلة روتينية يطرحها موظفو الهجرة حول أسباب زيارتهم، ومدتها، وأماكن الإقامة المخطط لها. وفي بعض الحالات، قد يُطلب من الزائرين الخضوع لجولة ثانية من الاستجواب، تكون أكثر طولاً وتفصيلاً، مما يزيد من تعقيد تجربة السفر بالنسبة للفئات المتأثرة بهذه السياسات.

عشرات الدول الأوروبية تصدر تحذيرات سفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية

في ضوء السياسات الجديدة التي تبنتها الإدارة الأمريكية، أصدرت العديد من الدول الأوروبية خلال الأشهر القليلة الماضية تحذيرات سفر محدثة لمواطنيها الراغبين في التوجه إلى الولايات المتحدة.

وقد شددت هذه التحذيرات على ضرورة اتخاذ احتياطات إضافية، خصوصاً بالنسبة للمسافرين المتحولين جنسياً أو أولئك الذين لا تتطابق بيانات جنسهم القانونية مع جنسهم عند الولادة.

ففي هذا السياق، توصي كل من الدنمارك وألمانيا المسافرين الذين يحملون علامة "X" في جوازات سفرهم، أو الذين قاموا بتغيير جنسهم، بالتواصل المسبق مع السفارة الأمريكية قبل الشروع في السفر، بهدف تفادي أي عراقيل محتملة عند الوصول.

أما فنلندا، فقد حذرت بشكل صريح من احتمال رفض السلطات الأمريكية منح تصاريح السفر، في حال لم يكن هناك تطابق بين الجنس المدون في جواز السفر والجنس البيولوجي عند الولادة.

وفي تحذير مماثل، أوضحت أيرلندا أن استمارات الإعفاء من تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة تتطلب التصريح عن "الجنس البيولوجي عند الولادة"، داعية المسافرين إلى مراجعة السفارة الأمريكية لمعرفة المتطلبات الخاصة التي قد تُطلب منهم.

وفي هولندا، تنص الإرشادات على ضرورة الإشارة إلى الجنس البيولوجي عند الولادة عند التقديم للحصول على تصريح (ESTA) أو تأشيرة دخول، كما تلفت إلى أن بعض الولايات الأمريكية تطبق قوانين "قد تكون لها عواقب سلبية على مجتمع الميم".

من جانبها، أكدت كل من البرتغال وفنلندا وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى أن حصول المسافر على تأشيرة أو تصريح إعفاء من التأشيرة لا يُعد ضماناً نهائياً للدخول إلى الأراضي الأمريكية، إذ واجه بعض المواطنين الأوروبيين مؤخراً مشاكل حقيقية على الحدود.

وقد جاءت هذه التوصيات في أعقاب حادثة بارزة شهدها شهر مارس/آذار الماضي، حين مُنع ثلاثة مواطنين ألمان من دخول الولايات المتحدة، وتم احتجازهم عند وصولهم، ما دفع عدداً منالحكومات الأوروبية إلى إعادة التأكيد على ضرورة الحذر.

يتزايد عزوف المسافرين الأوروبيين عن السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية

في عام 2023، أظهرت بيانات الاتحاد الأوروبي أن الأوروبيين أنفقوا ما يقارب 155 مليار دولار (141 مليار يورو) على الرحلات إلى الولايات المتحدة.

لكن القلق المتزايد بشأن لوائح الدخول إلى الولايات المتحدة، وإجراءات الهجرة المشددة، وتشديد عمليات فحص التأشيرات منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، أدى إلى تراجع كبير في عدد الزوار الأجانب إلى البلاد.

وبحسب البيانات الأولية الصادرة عن المكتب الوطني الأمريكي للسفر والسياحة، فقد انخفض عدد الزوار القادمين من أوروبا الغربية إلى الولايات المتحدة بنسبة 1% في فبراير الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، التي شهدت آنذاك ارتفاعًا بنسبة 14%.

وأعلنت مجموعة الفنادق الفرنسية Accor SA عن تراجع في الحجوزات من أوروبا إلى الولايات المتحدة بنسبة 25% خلال موسم صيف 2024.

كما أشارت وكالات السفر المتخصصة في خدمة المسافرين من المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيًا وغير ثنائيي النوع إلى أن استفسارات عملائها تعكس أيضًا هذا التردد المتزايد.

وقال دارين بيرن، الرئيس التنفيذي لوكالة السفر الفاخرة المتخصصة بخدمة أفراد مجتمع الميم: "شهدنا زيادة ملحوظة في عدد العملاء من المثليين والمثليات ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيًا وغير ثنائيي النوع الذين يعبرون عن قلقهم من السفر إلى الولايات المتحدة".

وأضاف: "غالبًا ما تتمحور هذه الاستفسارات حول مدى الأمان في الأماكن العامة، والحماية القانونية، وطريقة التعامل معهم عند الحدود أو في أماكن الإقامة".

وبدورها، لاحظت رابطة السفر الدولية للمثليين والمثليات (IGLTA) ارتفاعًا في مستوى القلق لدى المسافرين من مجتمع الميم.

وقال رئيس الرابطة، جون تانزيلا: "هذه المخاوف في محلها تمامًا"، موضحًا أن "العديد من المسافرين يشعرون بالقلق حيال الحصول على الرعاية المؤكدة للنوع الاجتماعي، وأمن الحدود، والتطابق بين علامات الجنس في جوازات السفر والهوية الجندرية، والسلامة العامة – لا سيما في الولايات التي أُقرت فيها سياسات مناهضة للمثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيًا".

نصائح موجهة للمسافرين من مجتمع الميم قبل زيارة الولايات المتحدة

بالنسبة للمسافرين الذين يشعرون بالقلق حيال السفر إلى الولايات المتحدة، يمكنهم الاستفادة من خدمات المجموعة الاستشارية للسفر المتنوع جنسياً (GTAG) التابعة لرابطة السفر الدولية للمثليين والمثليات (IGLTA).

وتضم هذه المجموعة نخبة من قادة القطاع السياحي حول العالم، يعملون بشكل تطوعي لضمان "قدرة المسافرين المتحولين جنسياً والمتنوعين جنسياً على التنقل بحرية وأمان وكرامة"، بحسب ما تؤكد المجموعة في توصيفها لمهمتها.

وفي إطار جهودها لتقديم الدعم والإرشاد، نظّمت مجموعة الاستشارية للسفر المتنوع جنسياً مؤخرًا ندوة عبر الإنترنت ناقشت فيها أبرز التحديات التي يواجهها المسافرون المتحولون جنسيًا، وطرحت توصيات عملية موجّهة للشركات الراغبة في مواصلة دعم زوار مجتمع الميم في ظل حالة عدم اليقين الراهنة.

وفي السياق نفسه، أفادت وكالة السفر (Out of Office) المتخصصة أنها تقدم استشارات شخصية مصممة حسب احتياجات المسافرين، كما تقوم بتعديل مسارات الرحلات بما يضمن إعطاء الأولوية للوجهات التي يشعر فيها العملاء براحة أكبر.