السؤال:
في كثير من الأحيان يتبنى العلماء هنا في الغرب باب المصلحة العامة، أو الأخذ بالجيد وترك السئ، وهو أمر أتفهمه، ولكن ذلك يخلق لبسًا كبيرًا لدى العامة، فعلى سبيل المثال: مسألة أنه ينبغي علينا مناصرة من يطالبون بحقوق الشاذين جنسيًا؛ لإن كثيرا منهم يقفون ضد الحظر المفروض على المسلمين، وعليه لا يمكننا القول بأننا ضد المثليين، فذلك سيؤي إلى مزيد من العنصرية.
الإجابة:
الحمد لله.
الشريعة قائمة على تحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.
والموازنة بين المصالح والمفاسد والترجيح بينها باب دقيق من أبواب الفقه، فقد يترك الواجب، لدفع مفسدة أعظم، ويرتكب أهون الشرين لدفع أعلاهما.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فصل نافع سماه: "فصل جامع في تعارض الحسنات؛ أو السيئات؛ أو هما جميعا" جاء فيه:
"فالتعارض إما بين:
1 - حسنتين لا يمكن الجمع بينهما؛ فتقدم أحسنهما بتفويت المرجوح.
2 - وإما بين سيئتين لا يمكن الخلو منهما؛ فيدفع أسوأهما باحتمال أدناهما.
3 - وإما بين حسنة وسيئة لا يمكن التفريق بينهما؛ بل فعل الحسنة مستلزم لوقوع السيئة؛ وترك السيئة مستلزم لترك الحسنة؛ فيرجح الأرجح من منفعة الحسنة ومضرة السيئة" انتهى من مجموع الفتاوى (20/ 48).
والمقصود أن الموازنة بين المصالح والمفاسد باب دقيق، ولا يقوم بها إلا العلماء المتقنون.
وقد ذكرت في سؤالك أمورا متفاوتة، فالفاحشة والشذوذ والربا: ليستا كمصافحة الأجنبية، وحلق اللحية، مثلا.
فإن الشذوذ كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وانتشارها في المجتمع من أسباب الهلاك ونزول العذاب، والإقرار بحق الشواذ قد يفهم منه إباحة ذلك، وأنه ليس محرما ولا جرما، وهذا كفر بيِّن.
وكيفما كان الأمر، فلا نرى رخصة في مجاملة الشواذ بحجة تقليل العنصرية، أو كون هؤلاء يقفون مع قضايا المسلمين، فإن انتشار الشذوذ هلاك للمجتمع، ومضرته ستعود على المسلمين وغيرهم. ومفسدة الرضا بمنكرهم العظيم، أو الإقرار به : أعظم في ميزان الشرع، من كل ما يتوهم من المصالح في ذلك.
والله أعلم.