نقل تقرير أمريكي عن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تصريحات أدلى بها قبل أشهر، وقال فيها إنه "لا يتهم شخصيا بالقضية الفلسطينية"، في أحدث إشارة على تجاهله لهذه القضية بخلاف من سبقه في الحكم في السعودية، واهتمامه بالتطبيع مع إسرائيل.
قال موقع مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لا يبدي اهتماماً شخصياً بالقضية الفلسطينية، وما سعيه لإدراج موضوع "الدولة الفلسطينية" في صفقة التطبيع المحتملة مع إسرائيل إلا من أجل تمريرها.
وجاءت تصريحات بن سلمان خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في مدينة العلا السعودية، في كانون الثاني/ يناير الماضي.
ويشغل محمد بن سلمان البالغ من العمر (38 عاماً) منصب ولي العهد، لكن ينظر إليه على أنه الحاكم الفعلي للبلاد، في ظل تقدم والده في السن ومعاناته من المرض.
وذكر بن سلمان "أنه لا يهتم شخصيا بالقضية الفلسطينية إنما شعبه فقط، و70 في المئة من شعبي أصغر مني ، ولم يتعرفوا على القضية الفلسطينية جيداً ، إلا من خلال هذا الصراع (حرب غزة)، ولذلك ما احتاجه هو ضرورة التزام إسرائيل بالدولة الفلسطينية".
وقال إنه "يريد من إسرائيل الهدوء"، وذكر أنه لا مانع لديه من شن إسرائيل هجمات "لمكافحة الإرهاب، لكن في خضون 6 أشهر أو سنة وليس في نهاية التوقيع على الصفقة"، بحسب "أتلانتك".
لا إشارة عن هذه التصريحات
واستضاف بن سلمان بلينكن في خيمة وارتدى حينها سترة سوداء اللون في ظل الجو البارد.
ولم تظهر تصريحات بن سلمان أو إشارة لها في البيانات الرسمية التي صدرت عن السعودية وأمريكا حينها.
وعلى سبيل المثال، يذكر موقع وزارة الخارجية الأمريكية على الإنترنت أن بلنيكن وبن سلمان "الجهود القائمة للتخفيف من التوترات الإقليمية، بما في ذلك الجهود الرامية إلى ردع هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر".
وشدد الوزير بلينكن على أهمية تحقيق المزيد من الأمن والازدهار والتكامل في المنطقة، بما في ذلك من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وناقش المجتمعان أيضا أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
لكن الملاحظ أن بن سلمان لم يذكر القضية الفلسطينية، بل بلينكن هو الذي ذكرها.
في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أن "جرى تبادل الآراء حول تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها بما يحقق الأمن والاستقرار، خاصة مستجدات الأحداث في غزة ومحيطها والمساعي بشأنها".
وقال بن سلمان "أهمية وقف العمليات العسكرية، وتكثيف المزيد من الجهود على الصعيد الإنساني، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم".
مخطط تبدد تقريبا
وقبل يوم واحد فقط من اندلاع حرب غزة، أي في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك يعتقد أن صفقة التطبيع السعودية والإسرائيلية في متناول اليد، وأن إدارة الرئيس جو بايدن، ستنجح فيما فشلت فيه كل الإدارات السابقة، وفق "أتلانتك".
واستقبل ماكغورد عددا من الدبلوماسيين السعوديين، لوضع المخطط لدولة فلسطينية، فيما يمثل حجر الزاوية في الصفقة الكبرى بين الرياض وتل أبيب.
لكن الصفقة تبددت مع تلقي المسؤول الأمريكي رسالة من سفيره في تل أبيب تفيد بـأن "إسرائيل تتعرض لهجوم"، ما وضع الجهود الدبلوماسية في هذا الإطار على الرف لفترة من الزمن.
وفي لقاء جمع بلينكن مع بن سلمان، لم يكن الأخير قادراً على احتواء قلقه من حدوث احتجاجات مناهضة له، فضلاً عن احتمال وقوع حرب إقليمية، على ما أوردت "أتلانتك".
وفي المقابل، كان في ذهن بلينكن ملامح صفقة مع سعودية، حتى في ظل حرب غزة.
وبعد أشهر، وتحديدا في كانون الثاني/ يناير الماضي، وصل بلينكن إلى العلا، وهناك صدم وزير الخارجية الأمريكي، إذ قال إن إدارة بايدن تمثل أفضل فرصة له لتحقيق خططه، بما يشمل اتفاقا دفاعيا مع الولايات المتحدة.
ومن وجهة نظر بن سلمان، فإدارة بايدن قد تجلب أصوات التقدميين من خلال إدراج الدولة الفلسطينية في الصفقة.
استطلاع رأي سعودي مغاير لرأي بن سلمان
ويتبنى الشعب السعودي موقفاً مغايراً لبن سلمان من القضية الفلسطينية. وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، المقرب من اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الأمريكية، أن 96 في المئة من السعوديين يوافقون على وجوب قطع الدول العربية شتى علاقاتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع إسرائيل.
وأجري الاستطلاع بين 14 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 6 كانون الأول/ ديسمبر 2023، مع عينة بلغت 1000 مواطن سعودي.
ورأى 91 في المئة من السعوديين أن " "هذه الحرب في غزة هي انتصار للفلسطينيين والعرب والمسلمين، على الرغم من الدمار والخسائر في الأرواح".
إشارات سعودية على تجاهل فلسطين والتقرب من إسرائيل
تراكمت خلال السنوات الماضية إشارات على تجاهل فلسطين والتقرب من إسرائيل في السياسة السعودية، ومنها:
- في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، حصلت شركة "إلعال" الإسرائيلية للطيران على موافقة السعودية على تحليق طائراتها في الأجواء السعودية، ولم يتوقف الأمر خلال حرب غزة.
- زار وزير السياحة الإسرائيلي، حاييم كاتس، الرياض في أيلول/ سبتمبر 2023، في أول زيارة لوزير إسرائيلي للعاصمة السعودية، وبعد عدة أيام زارها وزير الاتصالات، شلومو كرعي.
- استمرت المهرجانات الترفيهية في السعودية في ظل حرب غزة، دون حتى إشارة تعاطف مع أهلها.
- واجه رياضيون سعوديون نظرائهم الإسرائيليين في مناسبات دولية عدة، بعد اندلاع حرب غزة، ومنها دنيا أبو طالب التي واجهت الإسرائيلية أفيشاغ سمبرغ في منافسات التايكوندو في الألعاب الأولمبية الصيفية في فرنسا قبل نحو شهرين.
- تحدثت تقارير إعلامية عن تعاون سعودي في الجسر البري الذي يزود إسرائيل بالبضائع، إلى جانب الإمارات والأردن، في ظل الحصار البحري الذي تفرضه جماعة أنصار الله الحوثيين على السفن الإسرائيلية في مضيق باب المندب.
المصادر الإضافية • أتلانتك، ووسائل إعلام رسمية وبحثية