♦ الملخص:
شاب خطب فتاة لم تبلغِ السن القانونية، وكان الاتفاق على أن تكون الخِطبة ثمانية أشهر، لكن أباها قرر تأجيل العقد، حتى تبلغ السن القانونية؛ فرفض الشاب ذلك؛ لأنه يريد الزواج للعفة؛ لأنه محاط بالفتن، وهو يسأل: هل يستمر أو يفسخ؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري، أدرُس بكلية الشريعة في السنة الثالثة، لديَّ رغبة شديدة في الزواج، تقدمت لخِطبة فتاة في السادسة عشرة من عمرها، بعد مرور عدة أشهر اكتشفت أنها ليست متدينة بالقدر الذي كنت أريده، ولكنها تقوم بواجباتها الدينية إرضاءً لي، فهي عندها استعدادٌ للتحسُّنِ، وكان الاتفاق بين الطرفين على أن يتم الزواج بعد ثمانية أشهر، بعد مرور أربعة أشهر تفاجأت بقرار أبيها الجديد الذي عبَّر لي عن تخوِّفه من القوانين الموضوعة في البلاد بشأن الزواج المبكر، وأخبرني بأنه قد غيَّر رأيه فيما يخص مدة الخطوبة، وطلب مني إطالتها إلى حين بلوغ ابنته السنَّ المحددة قانونًا؛ لتفادي ما قد يحدث من حمل أو ولادة بعد الزواج، فرفضت ذلك، وشرحت لهم أنه بإمكاننا تأجيل توثيق عقد الزواج في الحكومة إلى حين بلوغ ابنته العمر المناسب قانونًا، وأخبرتهم بأني مستعدٌّ لتفادي حدوث الحمل، وبأني أتحمل مسؤولية ذلك، فلم يقبلوا ذلك؛ بسبب خوفهم من حدوث حَمْلٍ، حاولت أن أُدخلَ وسطاء؛ لإقناعهم بذلك، لكنَّ أباها لم يقتنع، وبقيَ متمسكًا بقراره، فبمَ تنصحونني؟ هل أفسخ خِطبتي وأبحث عن فتاة أخرى وأعُف نفسي عن الحرام؛ فإني لا أُخفي عنكم ما أنا محاط به من الفتن يمنة ويسرة، فأنا بحاجة ماسَّة للزواج، أم أستمر في خطبتي هذه لحين بلوغ المدة المحددة، مراعاة للفتاة التي لا ذنب لها؟ علمًا بأن الخيار الثاني سيكون خيارًا صعبًا بالنسبة إليَّ، فأرجو منكم أن تضعوا أنفسكم مكاني عند الجواب على استشارتي، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك هو:
١- كتبت كتاب الزواج على فتاة عمرها ١٦ عامًا، وكان أهلها في البداية موافقين على أن يتم الزواج بعد ثمانية أشهر، وبعد أربعة أشهر تراجعوا عن موافقتهم؛ خوفًا من مغبَّةِ مخالفتهم لنظام الدولة، الذي يقصر الزواج على من بلغت ثمانية عشر عامًا، فأكثر.
٢- وأنت رفضت تخوفاتهم، وحاولت ثنيهم عنها لكنهم أصروا.
٣- وأنت محتاج جدًّا للزواج للاستعفاف، وتخشى على نفسك من الفتن.
٤- وتسأل: هل تُلغي هذا الزواج بسبب عدم قدرتك على الصبر، أم تنتظر بلوغ البنت الثامنة عشر؛ لأنه لا ذنب لها، ولكنك تجد ذلك صعبًا عليك جدًّا؛ بسبب شدة حاجتك للاستعفاف، وكثرة الفتن من حولك.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: أهلها محِقُّون في عدم مجازفتهم بمخالفة نظام الدولة؛ لِما قد يترتب عليه من مشاكل وعقوبات.
ثانيًا: يبدو أنك أحببت هذه الفتاة حبًّا عميقًا، يُخشى معه عدم نسيانك لها، وعدم توفُّقك مع غيرها، ولذا فلعلك تفوض الأمر لله سبحانه بالاستخارة: هل تنتظرها أم لا؟
ثالثًا: لعلك جزِعتَ كثيرًا من تأخُّرِ زواجك وأنت لا تدري لعل في هذا التأخر الذي ظاهره الشر خيرًا كثيرًا؛ كما قال سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
رابعًا: الذي أميل إليه هو القول: إن كانت هذه الفتاة مرضية دينًا وخُلُقًا، وتجد مَيلًا شديدًا لها، فلعلك تنتظرها إن لم يكن عليك حرجٌ كثير أو خوفٌ شديد، وأكْثِرْ من الدعاء والاستخارة، ولن يخيبك الله.
حفِظك الله، ووفَّقك للصواب، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.