محاذير الاستخدام غير الضروري لحقن المضادات الحيوية للأطفال

منذ 1 سنة 358

القاهرة: د. هاني رمزي عوض

سادت الأوساط الطبية المصرية حالة من القلق، بعد تكرر حادثة وفاة طفلتين إثر تناولهم حقن مضاد حيوي تحتوي على مادة السيفترايكسون ceftriaxone التي تنتمي إلى الجيل الثالث من مادة السيفالوسبورين third-generation cephalosporin واسعة المجال، ذات الفاعلية الكبيرة في علاج البكتيريا.
وعلى الرغم من فاعلية المادة المؤكدة، فإن الاحتماليات القليلة لحدوث الحساسية القاتلة جعلت كثيراً من الأطباء يحجمون عن وصفها؛ خصوصاً بعد تداول أخبار الوفاة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما سبب حالة من الذعر لدى الآباء الذين يتم وصف العلاج لأبنائهم بالحقن.
الحقيقة أنه على الرغم من وجود بعض الإصابات النادرة التي تستلزم العلاج عن طريق الحقن، فإن معظم الحالات التي يتم فيها وصف علاج بالحقن للأطفال في الأغلب لا تحتاج إلى هذه الطريقة. ويكفي استخدام المضاد الحيوي عن طريق الفم فقط.
وحسب منظمة الصحة العالمية، هناك استخدام مبالغ فيه جداً في وصف المضادات الحيوية بجميع أشكالها عمومًا؛ سواء للبالغين أو الأطفال، للدرجة التي أصبحت تهدد العالم بمقاومة عديد من أنواع البكتيريا لها، وفقدان مفعول المضادات الحيوية.


حقن المضادات
في الأغلب، يكون الاستخدام المبالغ للحقن للتأكد من حصول الطفل على الجرعة كاملة من المضاد الحيوي؛ خصوصاً في الأطفال الصغار، سواء لعدم قدرتهم على البلع بشكل كامل، أو لأنهم يقومون ببصقه بعد تناوله. وأيضاً هناك اعتقاد خاطئ بأن الحقن أكثر فاعلية من الشراب، نظراً لمرور الدواء على الجهاز الهضمي ومنه إلى مجرى الدم، وبالتالي فقدان جزء من مفعوله بعكس الحقن التي تصل مباشرة إلى الدم؛ لكن الحقيقة أن الشكل الدوائي للعلاج لا يؤثر على فاعليته.
تكمن المشكلة أيضاً في بعض البلدان التي يمكن فيها صرف المضاد الحيوي من دون وصفة طبية، ونظراً لسرعة فاعلية الحقن في العلاج تقوم الأم بشراء العلاج نفسه من تلقاء نفسها، في حالة إصابة ابن آخر بالمرض نفسه، أو تكراره لدى الطفل نفسه بعد فترة، ظناً منها أنه ما دام الطفل يعاني الأعراض نفسها فبالضرورة يكون العلاج هو العلاج السابق نفسه. وهذا تصور خاطئ بالطبع؛ خصوصاً في الأدوية التي يمكن أن تسبب الحساسية، حتى لو كان المريض قد تناولها سابقاً، ويجب في كل مرة يتم فيها تناول الحقن أن تقوم الممرضة بعمل اختبار حساسية، حتى لو أخبرتها الأم أن الطفل لا يعاني الحساسية.
يجب على الآباء إعطاء الطبيب بعض المعلومات التي يمكن أن تساعده في اتخاذ قرار وصف الحقن من عدمه، مثل حدوث حساسية سابقة للطفل من مادة الدواء نفسها أو من أي دواء آخر؛ سواء كان عن طريق الحقن أو عن طريق الفم، وكذلك إذا كان الطفل يعاني حساسية الطعام، والعلامات التي ظهرت عليه جراء حدوث الحساسية وشدتها، مثل احمرار الجلد وتورمه والإحساس بحكة.
أيضاً، يجب إخبار الطبيب عن جميع العقاقير التي يتناولها الطفل، سواء بوصفة طبية أو كانت منتجات طبيعية، مثل الفيتامينات وبعض المكملات الغذائية، حتى يستطيع الطبيب تحديد احتمالية حدوث تفاعل فيما بينها يؤدي إلى حدوث حساسية. وإلى جانب ذلك يجب ذكر المشكلات الصحية المزمنة التي يعانيها الطفل، مثل مرض السكري أو الربو الشعبي، حتى لا يحدث تداخل بين عمل المواد الفعالة الموجودة في الأدوية، كما يجب عدم الاستمرار في العلاج بعد المدة الموصوفة من الطبيب، إلا بعد استشارة طبية.


أعراض الحساسية
تختلف أعراض الحساسية بشكل كبير من مجرد أعراض بسيطة إلى أعراض يمكن أن تهدد الحياة. ولذلك يجب على الأم أن تلاحظ أي تغيير يطرأ على الطفل بعد تناوله الحقن، مثل الطفح الجلدي مع الاحمرار وحدوث تورم. وأيضاً يمكن أن يشعر الطفل بالقشعريرة؛ سواء كان ذلك مع ارتفاع في درجة الحرارة أو من دونها. ويمكن أيضاً حدوث تورم بالشفتين واللسان، مع سعال جاف وصعوبة بسيطة في التنفس.
وفي بعض الأحيان، يمكن أن تحدث أعراض نتيجة لتأثير المادة الفعالة على أجهزة الجسم المختلفة، مثل الجهاز الهضمي، ويحدث ألم شديد في المعدة، وقيء وألم في الجانب الأيمن من البطن. وبالنسبة للجهاز البولي يمكن حدوث احتباس بولي بشكل مفاجئ، لذلك يجب إبلاغ الطبيب بأي أعراض تظهر بعد العلاج، حتى لو كانت لا تتعلق بشكل مباشر بالحساسية.
في حالة حدوث الأعراض الشديدة للحساسية anaphylactic shock يجب التوجه بشكل فوري للطوارئ في المستشفى؛ خصوصاً في حالة حدوث صعوبة شديدة في التنفس، وتغير في درجة الوعي، وحدوث دوار أو فقدان للوعي بشكل كامل. وإذا لم يتم علاج هذه الأعراض بشكل فوري، يحدث اعتلال للمخ وفشل كلوي وعدم انتظام ضربات القلب، وأخيراً تحدث الوفاة. لذلك يجب تناول الحقن في المستشفيات، وليس في العيادات الطبية أو المنزل (في حالة أن تكون الأم على دراية بكيفية إعطاء الحقن) حتى يمكن تدارك أي أعراض خطيرة في حالة حدوثها. ويمكن علاج الأعراض البسيطة بالمنزل. وفي البداية يتم التوقف عن تناول المادة الفعالة التي تم وصفها، ثم يكون العلاج باستخدام مثبطات الهيستامين antihistamine drugs حتى تقلل من التفاعل المناعي، مع إمكانية استخدام الكورتيزون حسب شدة الحالة، وأيضاً حسب الأعراض، مثل خوافض الحرارة والأدوية التي تقلل التورم. وفي حالة الحساسية الشديدة في المستشفى، يكون العلاج بشكل أولي بواسطة حقن الأدرينالين، ويجب أن يستمر تحت العناية الطبية حتى تحسن الحالة.
* استشاري طب الأطفال