تقدمت النائبة أميرة صابر، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، بمشروع قانون بشأن التكيف مع التغير المناخى والتخفيف من آثاره، وهو الأول من نوعه فى التشريع المصرى والذى حال اقراره سيجعل مصر فى مكانة متقدمة تشريعياً فى مجابهة التغير المناخى.
وقالت النائبة فى المذكرة الإيضاحية للمشروع، إن ظاهرة التغير المناخى تهدد الوجود الإنسانى على كوكب الأرض بما تفرضه من تحولات طويلة الأمد وشديدة التطرف فى درجات الحرارة وانماط الطقس، بالإضافة إلى النظم البيئية، تمثل التغيرات المناخية تهديدا وجوديًا للإنسان حيث تساهم تلك التقلبات فى انتشار الأوبئة نتيجة اختلال الناموس البيئى، زيارة الهجرة والنزوح الداخلى لشح الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تهديده للسلم الداخلى والعالمى نتيجة انتشار الصراع على الموارد مع ندرتها مثل المياه والأرض وغيرها.
وأضافت أن مصر تنبهت إلى مركزية قضية التغير المناخى وأولتها أهمية كبيرة فى الأجندة السياسية داخليًا وفى السياسية الخارجية المصرية، وينبع هذا التحرك من تقدير الدولة المصرية للموقف الدقيق لمصر من تأثيرات التغير المناخى على أراضيها ومنها السواحل المصرية والدلتا والتى تعتبر أحد أبرز المناطق المهددة بسبب حساسيتها للتغيرات المناخية وطبيعتها بما قد يؤدى إلى تآكل الأرض، نفوق الحيوانات البحرية، تدمير التربة، شح المياه وهجرة السكان.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن التغيرات المالية تفرض أعباء ماليًا باهظة على الدول النامية على الرغم من مشاركتهم الضئيلة فى حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى بالمقارنة بالدول الصناعية الكبرى، وتعمل مصر على الجبهة الداخلية الخارجية من خلال التنسيق مع الدول الصناعية بالالتزام بتعهداتها ومسؤوليتها القانونية والأخلاقية والتاريخية فى حماية الأرض وتعويض الدول النامية عن تلويث الأولى للكوكب، وتتوجت مشاركات مصر فى دورها فى تمثيل افريقيا والدول النامية فى مباحثات المناخ اختيارها لتمثيل مؤتمر الأطراف كوب 27 فى مدينة شرم الشيخ.
وأوضحت "صابر"، أن الدولة تبنت العديد من السياسات والقوانين التى تعمل على توجيه الجهود نحو حماية البيئة والتنمية المستدامة من خلال الاستثمار فى السندات الخضراء، الطاقة المتجددة، الاقتصاد الأخضر، ومشروعات البنية التحتية المستدامة وغيرها، وكان من أهم جهود الدولة إصدار الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والتى جاءت بخمسة أهداف رئيسية و22 هدف فرعي.
وقالت المذكرة الإيضاحية، إن الهدف من مشروع القانون المطروح فى معالجة القصور التشريعى الموجود فى التشريعات الخاصة بالبيئة، على الرغم من الاتجاه الحالى للدول فى تبنى تصور تشريعى واحد يعالج كافة القضايا المتعلقة بالمناخ، وتعانى مصر من تشريعات قديمة (قانون البيئة 1994) لا تعى التطورات الحادثة بسبب التغير المناخى، أو تشريعات جديدة نسبية، ولكنها لا تعمل بتناغم حيث تتمثل فى عدد من القوانين ولا تربطهما رابطة.
وتابعت: "على الرغم من كون الاستراتيجية الوطنية للتغير المناخى المرشح الأبرز للعب هذا الدور، إلا أن الاستراتيجية تجاهلت العديد من النقاط والتى تم تداركها فى القانون وكان أبرزها غياب هدف واضح حول الحياد الكربونى فى مصر – وهو الأصل فى أى تدخل للحفاظ على المناخ. بالإضافة الى هذا، فان القانون الحالى يهدف الى الاستجابة الى بعض الاقتراحات القانونية التى تم تذكرها فى الاستراتيجية والتى لا يجوز التجاوب معها الا بقانون يسرى على الجميع."
وتأتى مقاربة مشروع القانون الحالى باتخاذ الحياد المناخى – الوصول إلى صافى صفر من الانبعاثات الدفيئة فى كل القطاعات، كهدف رئيسى للدولة، ويقرر القانون العديد من الحقوق الالتزامات والآليات لتحقيق ذلك. بحكم هذا القانون سيجدر على الدولة فى سبيل تحقيق الحياد المناخى بحلول 2050 الآتى:
- إجراء مسح شامل لجميع مؤسسات الدولة لقياس البصمة الكربونية بموعد أقصاه ديسمبر 2023.
- تشكيل لجنة استشارية غير حكومية تتمتع بالاستقلال داخل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية.
- إنشاء وحدة للرصد والتبليغ داخل المجلس.
- توفير المشورة لمجالس المحافظات فى تنفيذ الخطط القطرية.
- مشاركة الشباب والنساء والمجتمع المدنى وذوى الإعاقة وكبار السن وغيرهم فى اعداد أى خطط طوارئ تخصهم.
- نشر الوعى البيئى فى مجال الشباب والمدارس والجامعات بمشاركة شركاء التنمية.
- زيادة الحصيلة التنموية لمشروعات المناخ بـ5% سنويًا.
- تسليم مجلس النواب تقريرًا سنويًا حول أداء المجلس الوطنى والتقدم المحزر فى خفض نسبة الانبعاثات.
- فرض ضريبة كربون على القطاعات المسببة للتغير المناخى.
- وضع شرط خاص ببحث الأثر الكربونى فى جميع المشتريات والتعاقدات التى تقوم بها الدولة.
- ترشيد استخدام الطائرات فى القيام بواجبات السلطة العامة.
- فرض ضريبة على استخدام الطائرات الخاصة خارجيًا وحظرها داخليًا.
- إعداد خطة طوارئ على المستوى المحلى والقطرى للنزوح الداخلى.
- تطوير ونشر المعلومات والإحصاءات سنويًا الخاصة بتغير المناخ.
وتلتزم جميع الجهات الأخرى من أشخاص القانون الخاص المخاطبة بهذا القانون بالآتى:
- إجراء قياس أثر كربونى مرجعى وتسليمة للمجلس الوطنى للتغيرات المناخية بصفة دورية.
- تقديم دراسة لتقييم الأثر المناخى فور التقدم للحصول على ترخيص لأى مشروع جديد.
- وضع بطاقة للإفصاح الكربونى على المنتجات والسلع المختلفة بشكل ظاهر وقابل للقراءة.
- منع تقديم الأكياس البلاستيكية دون مقابل مادى لا يقل عن جنيه واحدًا.
الملامح الأساسية لمشروع القانون
انتظم مشروع القانون فى 41 مادة كما مبين على النحو التالى:
المادة 1: تقدم تعريفات القانون الأساسية للحياد المناخى، الغازات الدفيئة، المنشأة، المورد، المحال وتجار التجزئة، الاكياس البلاستيكية، المجلس، الجهاز، والضريبة.
المواد (2 - 5) تؤسس لالتزام الدولة بالحياد المناخى فى كافة القطاعات، والمواد (6 - 9) تلزم الشركات الناشئة بالقيام بدراسة لتقييم الأثر المناخى قبل البدء فى التنفيذ، والمواد (10 - 15) تعدل من صلاحيات وتشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، والمواد (16 - 19) تفرض ضريبة كربون على القطاعات التى تساهم بشكل كبير فى التغير المناخى، والمواد (20 - 23) تلزم الموردين بإرفاق بطاقة للإفصاح الكربونى على المنتجات والسلع المختلفة.
وتلزم المواد (24 – 26) الجهات الإدارية ببحث الأثر الكربونى فى كافة عمليات التعاقدات والمشتريات التى تقوم بها الدولة، أما المادتين (27 – 28) فتحظر التوزيع المجانى للأكياس البلاستيكية وتلزم الدولة على تطوير بدائل صديقة للبيئة، وتفرض المادتين (29 – 30) ضريبة على استخدام الطائرات الخاصة للسفر الخارجى وتمنع استخدامها فى السفر الداخلى.
وتلزم المواد (31 - 33) الدولة بإعداد خطط طوارئ مناخية للنزوح الداخلى بإشراك المجتمعات المحلية والمتضررين بما يحفظ كرامتهم وحقوقهم الدستورية، وتحدد المادة (34) نسبة 5% زيادة سنوية على قيمة حصيلة التمويلات التنموية المتعلقة المناخ، وتُلزم المادة (35) جميع جهات الدولة ببحث بتوفير معلومات حول التأثير المناخى للمشروعات المقترحة، وتنص المادة (36) على تكليف الجهاز المركزى للإحصاء بتطوير ونشر بيانات دورية حول التغير المناخى، فيما تفرض المواد (37 – 41) عقوبات محددة على مخالفة أحكام القانون.
يذكر أن المادة (32) من الدستورتنص على أن "موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها، كما تلتزم الدولة بالعمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها، وتشجيع البحث العلمى المتعلق بها. وتعمل الدولة على تشجيع تصنيع المواد الأولية، وزيادة قيمتها المضافة وفقاً للجدوى الاقتصادية."
وتنص المادة (46) من الدستور على أنه "لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب وطني. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها".