مجرد تمنيات قبل فوات الأوان

منذ 1 سنة 204

أنا بحكم إحاطتي، خلال سنوات سفيراً للمملكة العربية السعودية، بالخصوصية اللبنانية ورحابة مناقشات دارت بيني وبين مَن هم يمثلون رموز هذه الخصوصية؛ من سياسيين ورجال أعمال، أرى أن ما تم التوافق عليه في لقاء الدوحة، وأُذيع على الملأ كي لا يقال إن ما جرى البحث فيه هو غير ما تم الإعلان عنه، هو خير علاج مسكِّن للمأزق الذي يعيشه لبنان. وأقول إنه مسكِّن على أساس أنه بعد تقليل نسبة الآلام الناشئة عن التصلب والعناد، يمكن الانتقال إلى ما هو أفضل.

> أما لماذا أرى ذلك، فلأن الأطراف التي اجتمعت وتداولت في حالة المريض اللبناني هي عملياً تمثل البعد العربي والدولي للخصوصية اللبنانية. ويكفي التأمل في مواقف كل من الدول الخمس لتأكيد ما أقول بصفتي عارفاً في عمق الخصوصية اللبنانية.

> قد يخطر في البال أن إشراك إيران عملياً في التحادث الذي جرى، كان من شأنه أن يجعل الحل أقرب منالاً. لكن عدم مشاركة إيران لا يعني أن الذين أجروا المحادثات في الدوحة وليس في غيرها، لم ينظروا إلى الدور القطري استضافة وإدارة للمحادثات، إلا أنه يُمثل، في بعض ملامح التشاور وما تم الاتفاق على إعلانه على الملأ، الرغبة الإيرانية غير المعلَنة بأنها تريد نهاية موضوعية وكريمة للأزمة اللبنانية المستعصية.

> في تقديري إن التمعن من جانب رموز الخصوصية اللبنانية في قراءة ما بين سطور ما انتهى إليه التشاور الخماسي في قطر، كفيل بجعل درجة حرارة العناد التي تفوق درجة حرارة الجو في هذه الأيام، تتراجع بعض الشيء ثم كثيره. عدا ذلك على الخصوصية السلام. وهذا ما لا أتمناه لبلد له في النفس كثير الحرص من جانب الذين شاركوا في المحادثات في الدوحة، كما أن شعب لبنان يستحق نعمة الاستقرار.

> ويبقى أنه في تدوير المطالب، كما في إعادة اختيار للأسماء، ما يبدد أجواء العناد الذي تعكسه عبارات لا تخدم وطناً ولا تبني آمالاً ولا تصون صيغة وطنية وطوائفية.

> وأختم بتساؤل: هل هذا من المنطق في شيء؛ أن تكون هنالك مظلة أمان واقعية اسمها اتفاق الطائف، وتكون هنالك خمس دول صديقة وفاعلة عربياً ودولياً وراعية حريصة على لبنان أكثر من بني قومه أهل العمل السياسي، أولئك الذين جرى انتخابهم لأداء مهمات منصوص عنها في الدستور، وليس للتعامل مع هذه المهمات بالتصرفات غير المسؤولة من جانب الكثيرين؟