مبعوث الرئيس الفرنسي في لبنان في مهمة صعبة لإنهاء الشغور الرئاسي

منذ 1 سنة 109

بينما يبدو الملف اللبناني غائباً عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكاً لتسريع انتخاب رئيس.

يجري مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الخميس لقاءات مع مسؤولين في بيروت في إطار جهود تقودها باريس لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في مهمة تبدو صعبة جراء الانقسامات السياسية المزمنة.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه. ولا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب.

وبينما يبدو الملف اللبناني غائباً عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكاً لتسريع انتخاب رئيس.

وافتتح لودريان لقاءاته الخميس باجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ثم البطريرك الماروني بشارة الراعي. ويلتقي لاحقاً بقادة أحزاب رئيسية.

وقال لودريان إثر لقائه الراعي إن زيارته الأولى هدفها "الاستماع (...) وإجراء المشاورات الضرورية مع كافة الأطراف للخروج فوراً من المأزق السياسي ثم النظر في أجندة إصلاحات من أجل أن يستعيد لبنان الحيوية والأمل".

وأضاف "لا أحمل أي خيار، بل سأستمع للجميع"، مشيراً إلى أنه سيكون هناك زيارات أخرى. وتابع "الحل يبدأ من اللبنانيين".

وكان لودريان، الذي تستمر زيارته ثلاثة أيام، التقى مساء الأربعاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف حزب الله الأبرز والذي يلعب دوراً محورياً في الملف الرئاسي.

وزار لودريان لبنان مراراً حين كان وزيراً للخارجية في إطار جهود فرنسية لدعم لبنان على تجاوز أزماته. ولطالما حذر في تصريحات قاسية من "إهمال" القوى السياسية حتى أنه اتهمهم قبل عامين بـ"قيادة البلد إلى الموت" كما وصف لبنان بأنه "سفينة تايتانيك من دون الأوركسترا".

وقد عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السابع من حزيران/يونيو مبعوثاً خاصاً للبنان للمساعدة في إيجاد حلّ "توافقي وفعّال" للأزمات اللبنانية المتتالية، وآخرها الشغور الرئاسي.

ورجح مصدر مطلع على الملف اللبناني في باريس ألا تحقق زيارة لودريان خروقات. وقال "ليس لودريان من سيغير نظاماً سياسياً متصلباً وسياسيين فاسدين لا يرون سوى مصالحهم".

ويدعم حزب الله وحليفته حركة أمل برئاسة بري وصول حليفهما القديم الوزير السابق سليمان فرنجية، إلى سدة الرئاسة. واتهم قادة أحزاب لبنانية مسيحية في السابق باريس بدعم ترشيح فرنجية مقابل وصول رئيس حكومة إصلاحي.

وترفض احزاب مسيحية بارزة أبرزها حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز، وصول فرنجية.

ويتهم كل فريق الآخر بمحاولة فرض مرشحه وبتعطيل انتخاب رئيس فيما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية.

لا آمال

وعنونت صحيفة لوريان لوجور الصادرة باللغة الفرنسية "لودريان في بيروت في مهمة شبه مستحيلة". وكتبت صحيفة الأخبار أن "لا آمال كبيرة على زيارة لودريان"، مرجحة استمرار الفراغ الرئاسي.

وقال رئيس التحرير في مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط مايكل يونغ لفرانس برس "إنها زيارة استطلاعية قبل أن يتمكن من أن يفعل شيئاً (...) لا يجدر بنا انتظار حل هذه المرة".

وأضاف "الأهم الآن هو بدء عملية المفاوضات"، موضحاً أن "مهمة لودريان قد يكون هدفها وضع آلية لتتمكن الأحزاب من تبادل العروض والطلبات".

وقد يكون لورديان يسعى، وفق يونغ، للتوصل إلى "صفقة شاملة، لا تتضمن فقط الرئيس بل أيضاً رئيس الحكومة، وحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش" اللذين تنتهي ولايتهما قريباً.

ويدعو حزب الله إلى حوار يؤدي إلى توافق على رئيس، مؤكداً إصراره على دعم فرنجية الذي قال إنه سيكون "رئيساً لكل اللبنانيين" برغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه الأسبوع الماضي انتقادات لاذعة الى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بأنه "مرشّح الممانعة" في إشارة إلى حزب الله.

وقال في كلمة "اذكرّهم في 2016 دعموا مرشّح الممانعة الرئيس ميشال عون".

في العام 2016، انتخب عون رئيساً بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي واستناداً الى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه.

إلا أن الشغور الرئاسي الحالي يزيد الوضع الاقتصادي سوءاً في بلاد تشهد منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850.

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي المزمن.

وتأتي زيارة لودريان إلى بيروت بعد أيام على لقاء جمع ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، الذي لطالما كان لبلاده ثقلها على الساحة السياسية والاقتصادية في لبنان.

وشدد ماكرون والأمير محمّد على "ضرورة وضع حد سريعاً للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان".

لكن اهتمام الرياض بلبنان تراجع خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع اعتراضها على ما تصفه بـ"هيمنة" حزب الله على القرار.

ويعول كثر اليوم على أن يسهل الاتفاق بين السعودية وايران، الداعم الرئيسي لحزب الله، والذي تُعلّق عليه آمال بعودة الاستقرار في منطقة لطالما هزتها النزاعات بالوكالة، على حل أزمة لبنان.

وقال يونغ "أعتقد أن جميع الأطراف تريد حلاً على جميع المستويات، إلا أن السعودية، أحد الأطراف الرئيسية، غير جاهزة لتقديم عرض".