خلال حملتها الانتخابية، قالت ميلوني إن الاتفاق الاقتصادي مع بكين كان خطأ ولم تستبعد الانسحاب منه. ولكن وضع الاقتصاد الإيطالي ليس ماكناً ولن يكون انسحاب روما من مبادرة الحزام والطريق سهلاً.
عندما تلتقي رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، قادة آخرين لدول مجموعة السبع هذا الأسبوع، سيسعى حلفاؤها للحصول على تطمينات بأن روما مستعدة للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق الصينية.
عام 2019، أصبحت إيطاليا الغارقة في الديون الوحيدة ضمن مجموعة البلدان الديمقراطية المتقدّمة والرائدة التي تدخل في خطة الاستثمارات الصينية البالغة قيمتها تريليون دولار. وندّد معارضو الخطة الصينية بها على اعتبار أنها "حصان طروادة" تهدف بكين من خلالها لشراء النفوذ السياسي.
وسيُجدد الاتفاق تلقائياً في آذار/مارس 2024 إلا إذا اختارت إيطاليا التخلي عنه بحلول نهاية العام الجاري. لكن الانسحاب منه ليس أمراً سهلاً.
وتسعى ميلوني التي فاز حزبها "إخوة إيطاليا" في انتخابات أيلول/سبتمبر للتعبير عن ولاء روما للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. كما أنها تواجه ضغطاً داخلياً للحصول على أول دعوة لزيارة البيت الأبيض بينما يرى مراقبون سياسيون في اتفاق مبادرة الحزام والطريق الرمزي بشكل كبير مع الصين عقبة محتملة.
خلال الحملة الانتخابية، أفادت ميلوني بأن الاتفاق مع الصين كان "خطأ جديّاً" بينما لفت وزير دفاعها أيضاً إلى أن تجديده "مستبعد".
لكن روما حذرة أيضاً من استفزاز بكين والمخاطرة بالانتقام من شركات إيطالية أضعفها وباء كوفيد وترزح تحت وطأة العقوبات المفروضة على روسيا جرّاء حرب أوكرانيا.
وأفادت ميلوني الأسبوع الماضي أن أي قرار لم يُتّخذ داعية "للتعامل مع الوضع بحذر".
وقال مصدر حكومي لفرانس برس إن إيطاليا لن تصدر أي إعلان في قمة مجموعة السبع في اليابان حيث يتطلع القادة للاتفاق على خط موحّد بشأن النفوذ العسكري والاقتصادي الصيني المتزايد.
لكن يتوقع أن تجري محادثات مغلقة بشأن كيفية النأي بالنفس عن الصين من دون إثارة التوتر.
"وعود كبيرة"
قال الخبير في الشأن الصيني لدى كلية ميلانو التطبيقية للأعمال جوليانو نوتشي لفرانس برس إن "على ميلوني إيجاد توازن". وتابع "عليها أخذ معاهدة شمال الأطلسي والبلدان الغربية في عين الاعتبار.. (لكن) لا يمكنها التخلي عن (مبادرة الحزام والطريق) لإرضاء الأمريكيين ومعاقبة شركات الأعمال التجارية الإيطالية. لن يُغفر لها إطلاقاً".
لكن فيليب لو كور من معهد سياسة مجتمع آسيا أشار إلى أن الأفعال التي قامت بها الصين في السنوات الأخيرة، خصوصاً طريقة تعاملها مع وباء كوفيد، أثّرت على صورتها في إيطاليا "بشكل سيء للغاية".
وأضاف "سياسياً، أعتقد أن ناخبي ميلوني لن يفهموا الأمر إذا قررت البقاء (في الاتفاق).. ما لم تقدّم الصين وعداً كبيراً لها خلال الزيارة"، في إشارة إلى زيارة مقررة إلى بكين هذا الصيف.
وتلقت حوالى 150 دولة من خلال المبادرة أموالاً صينية وقروضاً لبناء بنى تحتية تشمل طرقات وموانئ وخطوط سكك حديد وسدوداً كهرومائية.
وشملت مذكرة التفاهم الإيطالية غير الملزمة مع الصين مشاريع ضخمة للتعاون في القطاعات اللوجستية والبنى التحتية والمال والبيئة.
لكن التفاصيل كانت شحيحة بينما أثار غياب الشفافية انعداما للثقة في أوساط حلفاء إيطاليا.
وقال لو كور في إشارة إلى الرئيس الصيني إن "مذكرة التفاهم اعتُبرت أهم إنجاز لشي جين بينغ خلال جولته الأوروبية عام 2019 واستُخدمت قصة النجاح هذه وأعيد استخدامها في الإعلام الصيني".
وأضاف "المشكلة هي أن الصين لم تفِ" بوعودها.
مخيّب للآمال
عندما تولى ماريو دراغي، سلف ميلوني، السلطة في شباط/فبراير 2021، جمّد الاتفاق واستخدم ما تُعرف بـ"سلطات ذهبية" لوقف الاستثمارات عالية المستوى التي تقوم بها شركات صينية في إيطاليا.
وقال كبير خبراء الاقتصاد السابق في الخزانة الإيطالية لورينزو كودوغنو إن مبادرة الحزام والطريق "لديها تأثير محدود على ما يبدو" في إيطاليا "وشكّلت خيبة أمل في ما يتعلّق بمبادرات جديدة مشتركة".
وكتب في مذكرة "عام 2021 (تاريخ صدور آخر الأرقام)، حصلت هولندا على الكم الأكبر من الاستثمارات الصينية تليها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة".
وحذّر نوتشي من أنه بينما لا تربح إيطاليا كثيراً من مبادرة حزام وطريق، من شأن انسحاب مفاجئ منها أن يتسبب بعقوبات في قطاعات رئيسية مثل قطاع المنتجات الفاخرة ويؤدي إلى حلول بلدان مثل فرنسا محلها.
وأضاف أنه يمكن لميلوني أن "تعيد النظر في بعض أجزاء المذكرة" أو تنسحب لكن مع "إنعاش" إطار عمل قائم أساساً يعرف باللجنة الحكومية الإيطالية الصينية.
وأردف "الأمر الأساسي هو عدم التسبب في خسارة الصين ماء وجهها، إذ أن ذلك سيُحدث مشكلة".