تعد السياحة في الأردن من أهم القطاعات التي تغذي اقتصاده، إذ تشكل 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وزار البلاد نحو 2.36 مليون سائح عام 2021 مقارنة بعام 2020 الذي بلغ 1.9 مليون سائح.
وعلى رغم ارتفاع أعداد السائحين يرى متخصصون أن الأماكن السياحية لا تزال بحاجة إلى اهتمام أكثر وإشراك القطاع الخاص، وذلك بتحديث البنية التحتية وإقامة مشاريع استثمارية لجذب مزيد من السياح.
وسجلت شكاوى لدى وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة من قبل بعض السياح، بعدم وجود دورات مياه بالمناطق السياحية، إضافة إلى مطالبات بضرورة تحسين الخدمات.
الدكتور أحمد الملاعبة، مكتشف أكبر نفق بالعالم "اليرموك ديكابولس" البالغ طوله 170 كيلومتراً، أشار إلى عدم وجود اهتمام بالمناطق السياحية، إضافة إلى عدم وجود استثمارات تساعد في تحسين البيئة السياحية، منتقداً إخراج منطقة الحمة الأردنية من الخريطة السياحية منذ عام 2006 بدلاً عن إعمارها.
ونوه إلى اكتشاف ما يقارب 125 نفقاً بركانياً في شمال شرقي الأردن، متوسط طول الواحد منها يصل إلى 1.5 كيلومتر، وتم استصلاح خمسة أنفاق منها فقط، مشيراً إلى أن هناك 50 موقعاً أثرياً غير مدرج على الخريطة السياحية، مستدركاً "لو اهمت وزارة السياحة بالأماكن المكتشفة حديثاً فسيزداد دخلها السنوي إلى 5 مليارات دينار سنوياً (الدينار الأردني يساوي 1.41 دولار أميركي)، مع تشغيل أكثر من 100 ألف عاطل من العمل.
السياحة العلاجية
وفي عام 2022 افتتح وزير الصحة فراس الهواري فعاليات المنتدى العالمي للسياحة العلاجية تحت شعار "عمان عاصمة الطب العربية" بهدف إبراز الأردن كواجهة للسياحة العلاجية التي ارتفعت بنسبة 25 في المئة عام 2022.
وتتماشى رؤية استثمار السياحة العلاجية في الأردن مع خطة التحديث الاقتصادي التي أطلقتها حكومة الدكتور بشر الخصاونة لتطوير القطاع الصحي والحفاظ على مكانة الأردن في الإقليم وبقائه في المرتبة الأولى للعلاج.
ويعد البحر الميت وحمامات ماعين ومنطقة الحمة الأردنية وحمامات عفرا من أبرز المواقع السياحية العلاجية لما فيها من طين بركاني وطقس معتدل وأملاح طبيعية ومياه حارة.
وتعد المشكلة الأساس في غياب الجهات المعنية بالاهتمام بالأماكن الأثرية السياحية وعدم وجود خريطة سياحية في محافظات المملكة، مما يشكل عائقاً كبيراً في تحسين الرمزية السياحية للأردن، بحسب أستاذ علم الآثار في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير وهيب إلى أن مدينة البتراء مدينة أنموذجية وفيها جميع الخدمات، وأن هناك قرابة نصف مليون موقع أثري في الأردن، موثق منها الآلاف، مطالباً بالاهتمام بها لتحقيق مزيد من الإيرادات وجذب السياح.
وتساءل وهيب عن الاستعدادات من قبل الجهات المعنية لمشروع "نيوم" الذي سيصل إلى العقبة، مطالباً برفع مستوى الخدمات السياحية في المدينة إلى المستوى الذي يعادل أو يوازي ضخامة المشروع.
قرية أم قيس
اختارت منظمة السياحة العالمية العام الماضي قرية أم قيس ضمن أفضل القرى السياحية في العالم من بين 136 قرية من جميع الدول، وذلك بعد تحقيقها المتطلبات المطلوبة، وفق بيان صحافي صدر عن وزارة السياحة الأردنية.
وتتميز بلدة أم قيس التي تبعد عن العاصمة الإدارية عمّان نحو 120 كيلومتراً بامتدادها العريق بالتاريخ، ويمكن للسائح أن يستمتع بمناظر خلابة ومشاهدته لمرتفعات الجولان وبحيرة طبريا.
وادي رم
يعد وادي رم من المناطق السياحية التي تشهد إقبالا كبيراً من قبل السائحين لتميزه عن بقية المواقع ببيئة سياحية آمنة، ويبعد عن العاصمة عمان قرابة 250 كيلومتر قرب الحدود السعودية، وفي عام 2011 أدرجت منظمة "يونيسكو" محمية وادي رم ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي.
ويعاني وادي رم قلة الخدمات العامة وعدم وجود فنادق ذات مواصفات عالية ومحال تجارية ومطاعم، وهو ما يطالب به متخصصون لإيجاد استثمار حقيقي وجذب مزيد من السياح ومن ثم إمداد الموازنة العامة.
تليفريك عجلون
رئيس مجلس إدارة المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والتنموية الدكتور خلف الهميسات قال إن مشروع تليفريك عجلون الذي كلف قرابة 13 مليون دينار شهد نقلة نوعية في الترويج للسياحة الداخلية والخارجية للأردن.
وأضاف أن المشروع تم وفق مواصفات عالمية وأعطى انطباعاً جمالياً وإرثاً كبيراً لمدينة عجلون الأثرية، مشيراً إلى أن هناك نية لإشراك القطاع الخاص لإقامة استثمارات خاصة قرب المشروع بعد النجاح الذي حققه.
جرش وعجلون
وتعد مدينتا جرش وعجلون من المناطق السياحية التي تشهد إقبالاً كبيراً من قبل السياح الأجانب والعرب والأردنيين لما تتميزان به من مناظر خلابة وطبيعة جميلة.
وطالب عدد من المهتمين بالشأن السياحي بضرورة توفير الخدمات اللوجيستية والبنى التحتية لانعكاسهما على المردود السياحي، والترويج بطريقة أكثر فاعلية لكلتا المدينتين، إذ تحتاجان إلى اهتمام بتعبيد الطرق ومد الكهرباء والماء والصرف الصحي، وهو ما يمنع السائحين من البقاء فترة طويلة.
الناشط الاجتماعي محمد الزغول يرى أن كلاً من عجلون وجرش تشهدان حركة سياحية جيدة في ظل نقص الخدمات وقلة وجود استثمارات ومشاريع سياحية تقلل من نسبة البطالة ومعالجة الفقر، وطالب بضرورة السماح بإقامة بازارات دائمة لأهالي المدينتين لتشجيع المهارات الفردية وتطويرها والترويج لثقافة المهن المنزلية.
نقص بالخدمات
أمين سر جمعية وكلاء السياحة والسفر باسم الغلاييني قال إن جميع المواقع السياحية في الأردن تعاني نقصاً في الخدمات اللوجيستية مما ينعكس على السياح، مشيراً إلى أن المواقع الأثرية مملوكة لدائرة الآثار العامة ولها مكانتها ورمزيتها وهو ما يدفع بعدم إشراك القطاع الخاص في تنميتها.
وعن أبرز المواقع السياحية التي يقصدها الزوار قال الغلاييني إن البتراء والعقبة ووادي رم والبحر الميت ومناطق الشمال تعد مقصداً للسياحة الوافدة من دول الخليج.
ويوضح مدير عام هيئة تنشيط السياحة الدكتور عبدالرزاق عربيات أن دور الهيئة يقتصر على التسويق والترويج داخل الأردن وخارجه، وأن الخدمات العامة هي من اختصاص وزارة السياحة والآثار العامة.
وأشار إلى أن المواقع الأثرية قديماً كانت تشهد شكاوى من بعض السياح بسبب مستوى دورات المياه، لكن جرى تطويرها حالياً وأصبحت بمواصفات عالمية، مشيراً إلى أن الوزارة أدخلت القطاع الخاص في تحسين بعض المواقع الأثرية.
سياحة الخارج
وتشير البيانات الأردنية إلى ارتفاع الإنفاق على السياحة خارج الأردن بمقدار 8.0 مليون دينار خلال شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وأن مجموع الإنفاق على السياحة الخارجية بلغ 115.9 مليون دولار، بنسبة 11.6 في المئة.
وسجلت البيانات الصادرة عن البنك المركزي الأردني ارتفاع الدخل السياحي خلال الثلث الأول لعام 2023 وتسجيل ما قيمته 1.570 مليار دينار، بنسبة نمو بلغت 78.2 في المئة.
ووفق تقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية فإن الأردن يعد الثامن عالمياً كأكثر الوجهات التي تشهد نمواً في عائدات السياحة الدولية، إذ نمت بنسبة 31 في المئة مقارنة بعام 2019.