ماذا لو كنا نعيش في عالم بلا شرطة؟

منذ 1 سنة 113

هل يمكننا أن نتخيل ماذا كان ليحدث في عالم بلا رجال شرطة ولا رجال أمن؟

ربما تكون إجابات المواطنين عن هذا الافتراض هي نفسها التي قدمها برنامج الذكاء الاصطناعي الذي يجمع معلوماته من المواقع الإلكترونية في شبكة الإنترنت.

وبرأيه إذا كان هناك عالم من دون شرطة ورجال أمن، فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير في التوازن والنظام الاجتماعي، وسيكون هناك فراغ في حفظ النظام والأمن، مما سيسبب الفوضى وانتشار الجريمة وارتكاب جميع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الشخصية والممتلكات من دون تدخل من جهات فاعلة وذات سلطة لمنعها، وسيؤدي بدوره إلى تزايد التوترات الاجتماعية في ظل غياب جهات تنفيذية للقانون.

كذلك ستتصاعد الصراعات بسبب صعوبة فض الخلافات، وعلى المدى الطويل سيسفر غياب رجال الشرطة عن تغيير في القيم المجتمعية عبر بحث المواطنين عن وسائل للحماية الذاتية أو تشكيل تحالفات محلية وأمنية وعسكرية تتسبب في تنازع السلطات بين جماعات مسلحة، وهياكل قوة جديدة تحتكر السلطة.

في حال جعلنا من كل مواطن أو مواطنة شرطياً على نفسه وعلى الآخرين، يشارك في تطبيق النظام العام، فهل سيؤدي هذا السيناريو إلى حل جذري لمشكلة انصياع أكثرية المواطنين إلى سلطة رجال الشرطة والأمن، خصوصاً في البلدان التي يعم فيها الفساد وتتحول فرق الشرطة فيها إلى مجموعات تبتز المواطنين أو تحرمهم من حقوقهم وتفرض عليهم واجبات قسرية أو تفوق طاقتهم عبر استخدام القوة الشرعية بطريقة غير شرعية؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في محاولة لتخيل هذا السيناريو تبين أن تحويل جميع المواطنين إلى رجال شرطة سيؤدي إلى سلبيات كثيرة، وربما يفيد الأمر في تقديم المخالفات والجرائم إلى العدالة بشكل أسرع، لكن هذا سيؤدي أيضاً إلى زيادة في مستوى التفتيش والمراقبة وتحول في التوازن بين الحريات الشخصية والأمن العام وستتأثر الحقوق الشخصية بشكل كبير، بحيث سيكون هناك تفتيش ومراقبة مستمرة من قبل الأفراد الآخرين، مما يتسبب بدوره في تفاعلات اجتماعية معقدة.

وتتواصل سلسلة السلبيات لتطاول الاقتصاد، بحيث سينشغل المواطنون بالأدوار الشرطية التي تستنفد الوقت والجهد فتنشأ مباشرة تغييرات في القيم والثقافة المجتمعية، وربما يتحول النظام الاجتماعي إلى نظام بوليسي ورقابي تام وحديدي كما حدث في الدول الشيوعية التي كانت تديرها أجهزة الاستخبارات سيئة السمعة في أوروبا الشرقية، أو في دول الأنظمة العسكرية العربية قبل أفولها، حيث تحول المواطنون إلى جزء من النظام الأمني الاستخباري وكتبة للتقارير عن غيرهم من المواطنين وحتى الأقارب لتقديمها إلى السلطات مقابل الحصول على الأمن وعدم الملاحقة الأمنية.

عصور الشرطة القديمة

بدأت بعض المجتمعات في مصر القديمة وبابل واليونان وروما بتطوير أشكال من التنظيم الأمني للحفاظ على النظام ومكافحة الجريمة، فتم تحديد جهات متخصصة من رجال مسلحين يتلقون الأوامر من الإدارة السياسية الحاكمة سواء كانت ملكية أو ديمقراطية أو برلمانية، بحيث يتمحور واجبهم حول مراقبة تطبيق القانون والسهر على الأمن العام.

في العصور الوسطى، تطورت تلك الفرق الأمنية في أوروبا لتأخذ شكل المؤسسات الأمنية المنظمة ذات الصلاحيات المحددة، أما في العصر الحديث مع تشكيل الدول الوطنية وظهور القوى المركزية، فتم تنظيم أجهزة الشرطة والأمن بشكل أكبر، وفي القرن الـ19 وما بعده شهدت الدول تطورات في تشريعات الشرطة والأمن وتوسيع دورها في مكافحة الجريمة وحفظ النظام، وأدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى زيادة قدرتها على التواصل والتحقق والاستجابة والتعاون مع أجهزة الشرطة المحلية والدولية المتمثلة بالإنتربول.

هل يمكننا مخالفة أوامر رجال الشرطة؟

يطرح كثيرون تساؤلات حول إمكان رفض اتباع أوامر رجال الشرطة في ظروف محددة، وكانت هناك إجابات عدة على شبكة الإنترنت، أبرزها ما يفيد بأن هناك حالات استثنائية تجعل من المناسب مخالفة بعض الأوامر التي يصدرها رجال الشرطة وتتعارض مع القانون أو الأخلاقيات الأساسية، أو إذا كان يبدو أن اتباع الأوامر سيعرض حياتك للخطر، ويمكن اعتراض أوامر رجال الأمن إذا ما كانت تتعارض مع حقوقك المدنية أو الدستورية.

ويمكن اعتماد وسائل الضغط السلمي والرفض اللاعنفي تجاه رجال الشرطة في حالات محددة يمكن تطبيقها في دول القانون، ففي حال مخالفة رجال الشرطة ورجال الأمن السلطات الممنوحة لهم أو لجأوا إلى الفساد والابتزاز واستخدام شرعيتهم بطريقة غير شرعية من دون أن يحاسبوا، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار النظام القانوني وفقدان الثقة بقوى الأمن والدولة، بالتالي إلى تفشي الفساد والاستبداد وانعدام العدالة.