استمعت مثلي مثل بقية العالم المهتمين بالشأن السعودي وبشؤون الشرق الأوسط لمقابلة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتضمنت المقابلة الكثير من الشؤون، ولكنّي سأركز على 3 محاور تُهمنا، أول هذه المحاور هو تحقيق الأمن في الإقليم بدءاً من المصالحة مع دول الجوار، وانتهاءً بإسرائيل؛ لأن الدول إذا كانت تعيش في أجواء متوترة بعيدة عن السلام فإن جهداً كبيراً من الدخل سيتجه للمجهود العسكري بدلاً من توجيهه لنمو الاقتصاد، فتفقد الشعوب جزءاً كبيراً من حالة الرفاهية والعيش بأمنٍ وسلام.
ثم نعرج على حالة الصلح مع إسرائيل لحلِّ هذا النزاع الذي استنزف الدول العربية، وبمراجعة سريعة للموقف مع إسرائيل، نجد أننا كعرب أضعنا الكثير من الفرص لتحقيق سلام عادل مع إسرائيل، بدءاً من مبادرة الرئيس التونسي بورقيبة عام 1965 ميلادية، وما صاحب ذلك من خطب منبرية لا تقدم جديداً سوى أوضاعٍ أسوأ لإخوتنا الفلسطينيين، ومروراً بمعاهدة كامب ديفيد التي قاطعها العرب، ليجدوا أنفسهم هم الخاسرين، وليقبلوا في النهاية باتفاق أوسلو وبمزايا أقل.
نحن الآن أمام فرصة تاريخية توافرت ظروف تاريخية مناسبة لتحقيقها، وعلى العرب مراجعة جميع فرصهم الضائعة لتحقيق السلام، وتقييم موقفهم من السلام وفق إمكاناتهم المتاحة، التي تحقق حياةً أفضل للفلسطينيين وشعوب المنطقة بعيداً عن الرفض غير المبرر لمبادرات معينة، ثم القبول بمبادرات أخرى أقل امتيازاً.
المحور الثاني، وهو محور داخلي، فقد ذكر ولي العهد أن لدينا فرصاً كثيرة في السعودية لم نقم باستثمارها في السابق كما يجب، لذلك لن نضيع الفرص، وسنسير بسرعة عالية لجعل مثل هذه الاستثمارات أمراً واقعاً؛ لأن الاستثمار في المشاريع المتعددة مثل التعدين والسياحة... وغيرها يولد فرصاً وظيفية، ويقلل الاعتماد على النفط الذي هو في النهاية ثروة ناضبة، وإن طال به الزمن، كما أنك إذا بدأت بمشاريع معينة ونجحت ولدت هذه المشاريع، مشاريع تكميلية، وجذبت مستثمرين خارجيين للاستثمار لديك، والسعودية قادرة على بدء هذه المشاريع لا سيما أنه لا ينقصها المال، كما أن الكفاءات البشرية متوافرة على الأقل في حدها الأدنى.
المحور الثالث، خط الهند - أوروبا الاقتصادي مروراً بمنطقتنا، ونحن جاهزون لذلك عبر جعل السعودية منطقة لوجيستية تربط بين الشرق والغرب عبر الكثير من المشاريع التي أعلنتها السعودية مثل تطوير الموانئ، وخلق مناطق لوجيستية متعددة.
ما يهمنا كشعوب عربية هو أن نعيش في حالة رفاهية بعيداً عن خطوط الفقر ومطاردة لقمة العيش، وهذا لن يتم إلا بتوافر قادة يملكون الجرأة، ويقيمون واقعنا بعيداً عن الخطب المنبرية، ومن ثم يتخذون القرار الذي يحقق الرفاهية وهو ما تصبو إليه الشعوب. ودمتم.