بقلم: Ekbal Zein & يورونيوز
تتجه الأنظار في الشرق الأوسط اليوم نحو طاولة مستديرة في واشنطن، هناك في غرفة مغلقة بالبيت الأبيض، وبينما يتبادل رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي أطراف الحديث، يمكن أن يقررا خلال ساعات مستقبل المنطقة، وترسم أقدار كثيرين. فماذا يمكن أن يحقق زعيم الليكود، الذي يقود حكومة مترنحة من اجتماعه؟
في زيارته الرابعة عشرة إلى واشنطن، لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي جدول أعمال مزدحم، فبعد لقائه بمبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، يلتقي نتنياهو اليوم الثلاثاء بالرئيس الأمريكي، على أن يزور البنتاغون غدًا، ويجلس مع قادة الكونغرس يوم الخميس، وفي يده ملفات ساخنة تحتاج إلى حلّ، يعتقد بعض المحللين أنه سيقايض فيها.
وقبل مغادرته واشنطن، تفاخر نتنياهو، بوصفه أول زعيم أجنبي يلتقي بترامب كرئيس، بنتائج حروبه قائلًا إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وإيران ولبنان وسوريا واليمن قد "أعادت رسم الخريطة"، لكنه "يأمل" من خلال العمل مع ترامب عن كثب أن يتمكن "من إعادة رسمها بشكل أكبر وأفضل"، لافتًا إلى أن زيارته ستجني المزيد من الفوائد لتل أبيب.
نتنياهو في موقف "معقد"
من جهة، يرزح نتنياهو تحت ضغوطات اليمين المتطرف الذي يريد استمرار الحرب، ومن جهة ثانية، يريد إرضاء عائلات الأسرى التي تضغط لإتمام صفقة التبادل. وعليه، فسيحتاج رئيس الوزراء للتوصل مع ترامب إلى صيغة متوازنة، ينقذ بها حكومته التي يهدد وزير المالية بتسلئيلسموتريتش بحلّها بين الفينة والأخرى، ويرفع بها معنويات شعبه الذي يعتقد 96% منه بأن تل أبيب لم تحقق أهدافها في الحرب مع حماس، بحسب استطلاع لصحيفة "معاريف" العبرية.
تهجير الفلسطينيين.. أولى الملفات التي يمكن أن تشكل بارقة أمل لنتنياهو
في حديث مع الصحفيين، أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي أمس علامات استفهام حيال موقف واشنطن من الحرب الإسرائيلية على غزة. ترامب الذي وعد بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، لم يحدد استراتيجية "واضحة" للسلام المنشود. إذ عبر الزعيم الجمهوري مجددًا عن دعمه لتوسّع الدولة العبرية، مجيبًا عن سؤال أحد الإعلاميين حيال تأييده لضم الضفةالغربية إلى إسرائيل بالقول "لن أتحدث عن ذلك، لكنّ مساحة إسرائيل صغيرة جدًا".
وبحركة خفيفة، رفع الرئيس الفائز بولاية ثانية قلمه قائلًا "إسرائيل دولة صغيرة، ومكتبي يشبه الشرق الأوسط.. هل ترى هذا القلم؟ إنه جميل جدًا، إسرائيل تشبه رأس القلم فقط، وهذا ليس جيدًا، أليس كذلك؟" مؤكدًا على عدم وجود "ضمانات لديه لاستمرار السلام في المنطقة"، مشيرًا إلى أن اجتماعًا "كبيرًا" سيجمعه بـ "بيبي" كما ناداه.
مواقف ترامب بشأن توسيع مساحة إسرائيل تأتي في وقت تتصاعد فيه عملية "السور الحديدي" الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والتي ينزح على إثرها يوميًا المئات من الفلسطينيين، بالتزامن مع دعوته لتهجير أهالي غزة إلى مصروالأردن وتأكيده على أن عمان والقاهرة ستستجيبان لمطالبه رغم بيانات الاستنكار الصادرة عنهما قائلًا "نحن نقدم لهم الكثير ويجب أن يفعلوا ذلك من أجلنا".
كيف سيستفيد نتنياهو من مخطط التهجير؟
وإذا ما نجح ترامب في تنفيذ خطته، فسيحقق نتنياهو آمال وزير المالية بشأن الاستيطان، في الضفة الغربية، وفي غزة أيضا، وعندها سيتخلص من الخطر المحيط بالحكومة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن وزير إسرائيلي، فضل عدم الكشف عن هويته، قوله إن تصريحات ترامب بشأن ترحيل الفلسطينيين و"تطهير غزة" التي لقيت استحسانًا من الأوساط اليمينية الإسرائيلية تم التنسيق بشأنها مع نتنياهو قبل مدة.
وأضاف الوزير أن "كل من سمع ترامب يفهم أن هذا كان منسقًا وشفافًا.. لقد تحدث رئيس الوزراء عن الهجرة الطوعية في البداية، مع وزراء الليكود، بل وبدأنا ببذل جهود في هذا الاتجاه، لكنّ التصريحات أثارت معارضة عالمية، لذلك توقفنا، على الرغم من أننا نعلم أن هذا هو الحل الوحيد."
السعودية الورقة الوحيدة في يد الأردن ومصر.. لكن ماذا لو لم تمانع الرياض؟
في المقابل، لا تملك القاهرة وعمان سوى استعمال الرياض كورقة ضغط على نتنياهو، فبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" فإنهما تحاولان إقناع ترامب للعدول عن الفكرة بالقول إنها تضرّ بجهود التطبيع في المنطقة، على اعتبار أن الرئيس البالغ 78 عامًا يعي جيدًا أن طريقه إلى السعودية يمرّ من غزة.
وفي حين أصدر وزير خارجية الرياض بيانًا مشتركًا مع أربع دول أخرى، تؤكد رفضها لمخطط تهجير الفلسطينيين، يعتقد سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة ييخائيل ليتر إن إسرائيل "أقرب من أي وقت مضى" إلى التطبيع مع السعودية، حسب حديثه مع "جيروزاليم بوست".
إيران وإعادة ترتيب الأولويات
من جهته، يتابع الإعلام العبري عن كثب اجتماع الزعيمين وما يمكن أن يسفر عن نتائج، إذ كتبت صحيفة "معاريف" العبرية تقريرًا قالت فيه إن من يعتقد أن لدى نتنياهو وترامب خطة واضحة بشأن المنطقة "موهوم"، لكنهما سيحاولان، بحسبها، أن يتقاطعا عبر التوصل إلى صيغة موحدة يستطيعان الخروج منها بأكبر قدر من المكاسب، وهذا يفسّر الضبابية التي توحيها تصريحات الزعيم الجمهوري حيال استئناف الحرب على غزة وتوسيع مساحة إسرائيل، لكنها توقعت أن يحاول ترامب ردع نتنياهو عن استكمال حرب قد تعرقل التطبيع مع السعودية، مقابل هدف أثمن في المنطقة، وهو حرب مع إيران، لكن ليس بالضرورة بمفهومها العسكري.