دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ماذا لو كان بإمكانك تقييم خطر إصابتك بالخرف أو الإصابة بسكتة دماغية بالتوازي مع تقدّمك في السن، من دون الجاجة للخضوع لإجراءات طبية؟ توصّلت دراسة جديدة إلى أنّ أداة جديدة تُعرف بنقاط العناية بالدماغ Brain Care Score (BCS)، قد تساعدك على القيام بذلك، وتقديم المشورة للأشخاص أيضًا حول كيفية تقليل المخاطر.
وتناولت الدراسة التي نُشرت بمجلة "Frontiers in Neurology" في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، درجة العناية بالدماغ التي تتكونّ من 21 نقطة، وكيفية إدارة الشخص لـ12 عاملاً مرتبطًا بالصحة متصلة بالعناصر الجسدية، ونمط الحياة، والمكوّنات الاجتماعية والعاطفية للصحة. ووجد الباحثون أنّ المشاركين الذين حصلوا على درجات أعلى كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف، أو الإصابة بسكتة دماغية في وقت لاحق من الحياة.
وأفاد الدكتور جوناثان روزاند، كبير مؤلفي الدراسة، والمؤسس المشارك لمركز "ماكانس لصحة الدماغ" في مستشفى ماساتشوستس العام في أمريكا، ببيان صحفي: "يمكن للمرضى والممارسين البدء بالتركيز بشكل أكبر على تحسين BCS لديهم اليوم، والخبر السار يتمثّل بأن تحسين هذه العناصر سيوفر أيضًا فوائد صحية عامة".
ولفت روزاند، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس قسم طب الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس العام وأستاذ علم الأعصاب بكلية الطب في جامعة هارفارد بأمريكا، إلى أنّ "مكونات BCS تتضمن التوصيات الموجودة في دليل أساسيات الحياة (8) لصحة القلب والأوعية الدموية الصادر عن جمعية القلب الأمريكية ، بالإضافة إلى العديد من عوامل الخطر القابلة للتعديل للسرطانات الشائعة". وتابع: "ما هو مفيد للدماغ مفيد للقلب وبقية الجسم".
وشملت المكونات الجسدية ضغط الدم، والكوليسترول، والهيموغلوبين A1c، ومؤشر كتلة الجسم. وضمّت أيضًا عوامل نمط الحياة التغذوية، واستهلاك الكحول، والأنشطة الهوائية، والنوم، والتدخين، بينما تضمنت الجوانب الاجتماعية والعاطفية العلاقات، وإدارة التوتر، ومعنى الحياة.
وأشار مؤلفو الدراسة إلى "أزمة صحة الدماغ العالمية" باعتبارها أحد المحفزات لعملهم. وبحسب الدراسة، يعاني في الولايات المتحدة وحدها، واحد من كل سبعة أشخاص من الخرف، ويموت كل أربع دقائق شخص بسبب السكتة الدماغية. يمكن أن تساعد جهود الوقاية في تقليل الوفيات بشكل كبير، لكنّ قال المؤلفون إنّ أساسيات الحياة (8) التي وضعتها جمعية القلب الأمريكية، تم تطويرها من دون إسهامات من المرضى.
وأوضح المؤلفون أنّه "من أجل إشراك المرضى، سعينا إلى تطوير أداة تستجيب للسؤال الذي تلقيناه في معظم الأحيان من مرضانا وأفراد أسرهم، أي كيف يمكنني الاعتناء بعقلي بشكل جيد"؟
العناية بالدماغ ومخاطر المرض
سعى الباحثون للتثبّت من صحة أداتهم عبر النظر في الارتباطات بين نقاط العناية بالدماغ (BCS) الخاصة بـ400 ألف مشارك منذ بداية دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة بين عامي 2006 و2010، وما إذا كانوا قد أصيبوا بالخرف أو السكتة الدماغية بعد حوالي 12 عامًا. وقد تابعت دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة النتائج الصحية لأكثر من نصف مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا في المملكة المتحدة، لمدة 10 سنوات بالحد الأدنى.
ووجد الباحثون أن بين البالغين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا عند التسجيل، كان كل اختلاف إيجابي بمقدار خمس نقاط في درجاتهم مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 59%، وانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 48% في وقت لاحق من الحياة. وكان أولئك الذين هم في الخمسينات من العمر أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 32٪ وخطر أدنى للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 52٪. كان لدى المشاركين الذين تفوق أعمارهم 59 عامًا أدنى التقديرات، مع انخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 8٪، وانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 33٪.
ولفت الدكتور ريتشارد إيزاكسون، مدير الأبحاث في معهد الأمراض التنكسية العصبية في ولاية فلوريدا الأمريكية، غير المشارك في الدراسة، إلى أنه "من النادر قول هذا، لكن كل شخص يبلغ من العمر 40 عامًا وما فوق وأحد أفراد أسرته مصاب بمرض الزهايمر أو الخرف، يجب أن يتحدث مع طبيبه حول هذه النتيجة".
وأضاف إيزاكسون: "غالبية الناس لا يدركون أنّ ما لا يقل عن 40٪ من حالات الخرف يمكن الوقاية منها إذا قام هذا الشخص بما هو مطلوب بشكل صحيح"، موضحًا: "تساعد نقاط العناية بالدماغ الأشخاص المعرضين للخطر عبر وضع خريطة طريق للأمام تعتمد على 12 عاملاً قابلاً للتعديل قبل بداية التدهور المعرفي".
العناية بدماغك
وخلص الباحثون إلى أنّ الفوائد الأقل أهمية بالنسبة لكبار السن مردّها على الأرجح إلى التطور البطيء للخرف في هذه الفئة العمرية، ما يعني أن الممارسين قد لا يرصدون مريضًا يعاني من الخرف المبكر حتى يزداد سوءًا لاحقًا.
لكن فيما يتعلق بتفسير النتائج الإجمالية، فقد أكدت العديد من الدراسات السابقة فوائد هذه المكونات الصحية للدماغ.
وارتبط استبدال الأطعمة المصنعة بمزيد من الخيارات الطبيعية في تراجع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 34%، بينما أن ممارسة التمارين الرياضية المتكررة والزيارات اليومية للأحباء قلّلت من المخاطر بنسبة 35% و15% على التوالي، وفقًا لدراستين نُشرتا في عام 2022.
وأوضح إيزاكسون أنه "رغم أن معظم هذه العوامل يمكن تقييمها من قبل الأشخاص في المنزل، فمن المهم أيضًا للأشخاص لدى زيارتهم التالية لطبيب الرعاية الأولية أن ’يعرفوا أرقامهم‘ بالنسبة لضغط الدم، والكوليسترول، والسيطرة على نسبة السكر في الدم"، وهي عوامل أخرى ضمن درجة العناية بالدماغ. وتابع أنّ "التحكم الأفضل في عوامل الخطر الوعائية هذه قد يحدّ من التدهور المعرفي و الخرف، وكذلك السكتة الدماغية".
وأكدّ: "عندما تجمع هذا مع خيارات غذائية أفضل، وتقليل الكحول، والشعور بأن لديك هدف في الحياة (تسعى لتحقيقه)، والبقاء منخرطًا اجتماعيًا، فإن الفوائد تتزايد بشكل كبير مع مرور الوقت".