ما علاقة الرجال بالأعمال المنزلية من منظور فلسفي؟

منذ 1 سنة 203

نظرت حولي في المطبخ، فرأيت فتات الخبز يغطي الطاولة وآثار الزيت المستخدم في طبخ عشاء الليلة الماضية متناثرة فوق الموقد. سلة المهملات ممتلئة وبحاجة إلى إفراغ وها هي علامات الترسبات الكلسية تظهر مجدداً في حوض غسيل الأطباق. صحن طعام القط متسخ لدرجة يبدو وكأن المسكين يأكل من على الأرض بدلاً من وعائه.

أقوم بجولتي هذه وفي الوقت ذاته أنشئ قائمة مهمات غير مكتوبة في ذهني تذكرني بأننا بحاجة إلى شراء البصل والثوم، واستخدام اللفت والسبانخ قبل أن يذبلا ويفسدا، وطلب مصافي لمياه الشرب وجلب مزيد من طعام القط. بينما أسجل هذه الملاحظات الذهنية، أخطط كذلك لزيارة المتجر لشراء هذه الحاجيات وأفكر كم سيضغط ثمن هذه المصافي على موازنتنا.

أقول لزوجي اللطيف والحساس والعامل بجد: "يحتاج المطبخ إلى التنظيف". يلتفت نحوي مبعداً نظره عن جهاز البلاي ستيشن الخاص به ويسأل بصدق: "هل هو بحاجة إلى تنظيف فعلا؟" أحدق فيه غير قادرة على تصديق أنه لا يستطيع رؤية ما أرى. هل أنا من فقدت عقلها أم هو؟ في بعض الأحيان، نخوض النقاش نفسه في أماكن أخرى من المنزل، إذ لا يبدو أنه يرى حاجة الأرضية إلى الكنس أو المرحاض إلى التنظيف. يخطر ببالي أن هناك طبقة حاجبة موجودة أمام عينيه تجعله بطريقة سحرية غير قادر على رؤية كل القذارة التي تكاد لا تفارق تفكيري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا أحاول القول إنه لا يساعد أبداً في أعمال المنزل، لكن ظاهرة عدم القدرة على رؤية الأعمال التي تحتاج إلى فعل شيء ما حيالها، وفعلها فقط عندما أطلب منه، لا تقتصر على زوجي. من المعروف أن النساء، بين الأزواج من جنسين متباينين على الأقل، تتحمل العبء الأكبر للأعمال المنزلية في الأسرة.

وجدت دراسة استقصائية أجرتها مجلة غراتسيا Grazia سنة 2020 أن 73 في المئة من النساء اللاتي يعشن مع شريك يشعرن أنهن يقمن بقسط من "الأعمال التي لا تتم ملاحظتها" أكثر من شركائهن في المنزل. بينما شعرت 55 في المئة منهن أن هناك تأثيراً سلبياً لهذا الاختلال على صحتهن العقلية.

حاول الفلاسفة إيجاد تفسير لسبب عدم قدرة الرجال على الإدراك لهذه الدرجة كما يبدو. يسمون الحالة "نظرية المنفعة"، حيث تحدد المنفعة بأنها "إمكانية الفعل". في مجلة "الفلسفة والبحوث الفينومينولوجية"، أشار أكاديميون من جامعة كامبريدج إلى أن تصور الناس للمنفعة ضمن البيئة المنزلية هو رؤية مرتبطة بجنس الشخص، حيث من المرجح أن ترى النساء فعلاً يستدعي القيام به أو الانتباه إليه أكثر من الرجال.

أوضحت البروفيسورة بولينا سليوا، التي عملت في كلية الفلسفة بجامعة كامبريدج قبل الانتقال إلى جامعة فيينا: "لا يقتصر هذا فقط على النظر إلى شكل شجرة وحجمها ومن ثم تخمين ما إذا كنت قادراً على تسلقها، لكن في الواقع رؤية شجرة معينة على أنها قابلة للتسلق أساساً، أو رؤية الكوب على أنه صالح للشرب. أظهر علم الأعصاب أن إدراك المنفعة يمكن أن يؤدي إلى تفاعلات عصبية تهيئك للعمل البدني. قد يتراوح هذا من دافع بسيط إلى فعل قهري مرهق، لكن غالباً ما يتطلب الأمر بذل المرء جهداً عقلياً كي لا يتصرف بناء على مبدأ المنفعة... تجذب المنافع انتباه المرء وقد تزعج المهمات الشخص الذي يدرك وجودها إلى أن تنجز، أو قد تشتت انتباهه عن الخطط الأخرى. وإذا تمت مقاومتها، يمكن أن تخلق توتراً محسوساً. يضع هذا النساء في موقف صعب، إما عدم المساواة في العمل أو عدم المساواة في العبء الإدراكي".

يعني هذا أنني عندما أنظر إلى سطح الموقد المتسخ، فإن فكري يتجه على الفور نحو كيفية تنظيفه، وبعد ذلك أشعر بالحاجة إلى إتمام المهمة. لكن عندما ينظر زوجي إليه، يتوقف تفكيره عند هذا الحد.

وفقاً للمجلة الطبية البريطانية، تقوم النساء في جميع أنحاء العالم بثلاثة أضعاف ما يقوم به الرجال من أعمال الرعاية والواجبات المنزلية. أثناء وباء كورونا، وعلى رغم حقيقة أن الجميع كانوا يقضون وقتاً أطول في المنزل بسبب الإغلاق، "كانت زيادة وكثافة [الرعاية والعمل المنزلي] أكبر بكثير بالنسبة إلى النساء". ونظراً لارتباط العمل المنزلي بجنس الفرد، غالباً ما تجد النساء والفتيات أنفسهن يجاهدن من أجل القيام بمعظم هذا العمل غير المرئي، إضافة إلى وظيفة بدوام كامل أو الدراسة. وبحسب أكاديميين من جامعة كامبريدج، فإن "فرضية المنفعة الجنسانية" لا تتعلق بإعفاء الرجال من تثاقلهم في المنزل، ولا ينبغي أن تقابل حساسية المرأة الأعلى تجاه المنافع المنزلية بربطها بشكل طبيعي بالأعمال المنزلية.

يقول الدكتور توم ماكليلاند، من قسم التاريخ وفلسفة العلوم بجامعة كامبريدج: "يجب تشجيع الرجال على مقاومة الأعراف الجنسانية من خلال تحسين حساسيتهم تجاه منفعة المهمات المنزلية. على سبيل المثال، قد يتخذ الرجل قراراً بتنظيف الفتات في كل مرة ينتظر غليان الماء لتحضير مشروبه. لن يساعده هذا فقط في القيام بالمهمات التي لا يراها، بل سيعيد تدريجاً تدريبه على الإدراك حتى يبدأ في رؤية المنفعة في المستقبل".

النتيجة الأساسية هي أنه لا عذر لدى الرجال ببساطة لعدم تحمل القسط المتساوي من العمل غير المرئي المترتب عليهم. إذا قرر مزيد من الرجال التفكير في الأشياء التي يرونها في المنزل، بدلاً من رؤيتها وإشاحة نظرهم، فيمكننا عيش حياة منزلية أكثر إنصافاً، وستكون لدينا علاقات أكثر توازناً، ونساء أكثر سعادة، وأوقات أفضل للجميع.

الآن سأطبع هذه الدراسة وأتركها حيث يراها زوجي...