ما حكاية الزقاق التونسي الذي يبتلع من يضحك؟

منذ 1 سنة 243

لا تزال المدينة العتيقة بالعاصمة تونس تحتفظ بعبق التاريخ، إذ في كل شارع وكل زقاق وكل ركن قصص قديمة وأساطير لها دلالات إنسانية يصدقها بعضهم ويراها بعضهم الآخر خرافات لا علاقة لها بالواقع، ولا يمكن للعاقل أن يصدقها.

ومن بين الأساطير واحدة صبت لعناتها على زقاق يتوسط المدينة القديمة بالعاصمة تونس يعرف بـ"سباط العروسة"، وهو زقاق ضيق مظلم ومسقوف له مدخل في شكل قوس يتجنبه المارة خوفاً منه، فهو يبتلع كل من يمر عبره كما تقول الأسطورة القديمة.

وتعود تفاصيل الخرافة الشعبية لسباط العروسة إلى العهد الحفصي (1228 – 1573م)، إذ تم إجبار فتاة على الزواج برجل لا تحبه، وفي يوم الزفاف ركبت العروس عربة يجرها حصان، وعند مرورها من تحت قبو مظلم انشقت الأرض وتحولت إلى بئر عميق ابتلعها هي وكل من كان معها، ولم يبق إلا لباس العروسة شاهداً على الواقعة. ومنذ ذلك الوقت والحكايات تحاك وراء اختفاء العروس بينما بعضهم يؤكد أن رواية ابتلاعها في الممر فقط لإلهاء الناس عن القصة الحقيقية وراء اختفائها من قبل زوجها أو والدها.

ظلام دامس

وباتت روح العروسة لا تفارق هذا الزقاق حتى إن المارة هناك إن أجبروا على المرور فإنهم يحبسون أنفاسهم، لأن الخرافة تقول إن من يضحك فستنتقم منه العروس وتبتلعه الأرض في ظلام دامس ويختفي كما اختفت هي.

ولم تنته هذه الخرافة الشعبية بفقدان العروس فقط بل تناقل الناس منذ ذلك الزمن البعيد أن صراخ العروس المختفية يستمع إليه كل من يمر من هذا المكان.

الأم مريم وهي سيدة سبعينية تسكن إلى جوار هذا الزقاق تقول، "منذ كنت طفلة صغيرة وأنا أسمع هذه القصة وكانت أمي تخيفنا بها لتمنعنا من الخروج، وحتى اليوم تواصل خوفنا منه ولا أتذكر أني مررت منه طوال حياتي، فأنا أصدق ما يقوله أجدادنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما حفيدها مهدي فيضحك ويقول "أنا عكس جدتي ولا أصدق تلك الخرافات على رغم أن أمي وجدتي تحذراني دائماً من المرور عبر هذا الزقاق". ويستدرك، "صحيح أني أشعر بنوع من الرهبة عند المرور، ربما بسبب ما سمعناه طوال حياتنا على هذا المكان، لكن لا يمكن أن أصدق مثل هذه الخرافات بخاصة أن الشارع جميل ويحمل عبق الماضي، فهو مكان هادئ وشديد البرودة في الصيف".

واليوم يبدو أن الفكرة تبدلت ونظرة المارة إلى هذا الزقاق أصبحت تتغير شيئاً ما على رغم بعض التوجس، حتى إن أحدهم فتح مقهى قريباً من نهج سباط العروسة وسماه باسم النهج، ليبعث الروح في هذا المكان الهادئ والمخيف.

وهذا النوع من الزقاق المسقف هو أساساً بناء عثماني موجود في مدن عدة بتونس العاصمة أو بمحافظات أخرى مثل القيروان وسوسة وقابس وصفاقس، والزقاق المسقف يسمى "سباط" باللهجة التونسية ويعني الحذاء بالعربية الفصحى، ربما لأن شكله يشبه الحذاء كما نجد سباط الظلام وسباط العجم، ووراء تسمية كل واحد من هذه الأزقة قصة أو خرافة مختلفة.