ليس على المريض النفسي حرج

منذ 8 أشهر 120

ليس على المريض النفسي حرج


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2024 ميلادي - 23/8/1445 هجري

الزيارات: 30


السؤال:

الملخص:

سائل يسأل عن المريض النفسي الذي يعاني الانفصال عن الواقع: هل يُعذَر أكثر من غيره؟

التفاصيل:

هل المريض النفسي صاحب اضطراب الشخصية، الذي يعاني من الاندفاعية والانفصال عن الواقع أحيانًا يُعذر أكثر من غيره؟ وهل مرضه يرجح مسامحته أكثر من غيره، خاصة إذا كنت عاشرته سنين طويلة، ولم تَرَ منه إلا كل خير؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

وضحتَ في رسالتك عن المشكلة دون ذكر أي شيء عن وضعك الاجتماعي والاقتصادي، أو عن عمرك، ومن هو المسؤول عنك.

ولا أدري هل السؤال عنك أم عن أحد غيرك؟ فإن كان السؤال عنك، فقبل الإجابة عن السؤال لتحديد المرض النفسي، هل ذهبت إلى طبيب نفسي حدَّد لك المرض وشخَّصه؟ هل تكلمت مع المعالج النفسي وجهًا لوجه ليشخِّص مرضك؟ أم توجد أمور تعرضت لها تزعجك؟

لنفترض الآن أنك ذهبت إلى المعالج النفسي، وحدَّد لك هذا المرض، فالمرض النفسي إما بسبب خوف من فشل أو خوف من كلام الناس، أو أنك تخشى أن تظهر بمظهر غير الذي رسمته لنفسك، أو بسبب أحداث تعرضت لها أثرت على نفسيتك.

لذلك أقول لك: اعلم أن الإنسان غالبًا ما يواجه الكثير من المشاكل تتسبب باضطرابات بعد التوتر الذي تخلِّفه هذه المشاكل، وبسبب الصراع النفسي بين الواقع الذي تعيشه وبين ما رسمته لنفسك، كل هذه المقدمة فقط لتعلم أن المعالج النفسي هو من يشخِّص مرضك.

أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال: (هل مرضه يرجح مسامحته أكثر من غيره، خاصة إذا كنت عاشرته سنين طويلة، ولم تَرَ منه إلا كل الخير؟)؛ لذا بعد تحديد المرض النفسي أسألك: هل تفقد السيطرة على سلوكك؟ هل يكون لديك خلل في جهازك العصبي والفكري، أو أنك تملك القدرة على التحكم بنفسك في وقت دون آخر، أو في حالة دون أخرى؟ وبناء عليه يدل سؤالك على أنه يصدر منك حالة من فقدان السيطرة على نفسك، بحيث تعتبر نفسك غير مسؤول عن هذا التصرف، وتبرر لنفسك أنك حينها أُكرهت على التصرف بهذا الشكل.

أولًا: نبين الوضع الشرعي للمريض النفسي، فالدين القويم لم يترك لنا شيئًا إلا ذكره لنا.

ففي حال الجنون؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رُفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يُفيق، والصغير حتى يبلغ))؛ [أخرجه أبو داود (4403)]، فإن علماء الدين بيَّنوا أن فاقد العقل غير مُؤاخَذ بأفعاله.

أعود وأكرر، فاقد العقل بيَّنت النصوص الشرعية أنه غير مؤاخذ بأفعاله؛ لذا فإن كانت هذه حالتك فأنت غير مؤاخذ - فاقد العقل أي المجنون - ولها أحكام أخرى في الشرع لست بصدد ذكرها الآن.

أما فقط فَقْدُ السيطرة على بعض سلوكه، وتستطيع أخذ علاج أو مسكنات تساعدك في السيطرة على نفسك، فهنا على جميع من حولك مساعدتك لتخطِّي هذا المرض؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

أما بالنسبة للتكاليف الشرعية، فلن تسقط العبادات والمعاملات والفرائض عنك.

إلا عن هؤلاء الثلاث: المجنون والنائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ.

خاصة الفرائض المطالَب بها كل فرد من أفراد المكلَّفين، فهي لا تسقط عنك، وخاصة العلاقات الاجتماعية المتعلقة بمعاملة الوالدين والزوجة، والأولاد والجيران، وكل الأشخاص الذين يحيطون بك.

لذا أنصحك إذا كان المرض بسبب خوف من فشل أو خوف من كلام الناس أن تُسقِط الناس من حساباتك، واعلم أن الناس ليست حكمًا عليك.

واعلم أن الله خَلَقَك في أحسن تقويم، وعليك أن تسعد بما هداك الله النجدين به؛ لتتخطى هذا المرض.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.