... لهذا أنا أقاضي «ميتا»

منذ 6 أشهر 88

في الوقت الذي أصبح من المألوف فيه المبالغة بانتقاد منصة «فيسبوك» القديمة للتواصل الاجتماعي، إلا أنني أستمتع كثيراً باستخدامها. كثيرون من أصدقائي من المدرسة الثانوية والكلية يستخدمونها للاحتفال بأعياد الميلاد، ومشاركة أخبار أطفالهم وأسفارهم. قبل ثماني سنوات، عاودتُ الاتصال بزميلتي في السكن الجامعي، على المنصة، وفي العام الماضي تزوجنا. شكراً «فيسبوك».

لكن مثل كثير من الناس، أتمنى لو كان لديّ مزيد من السيطرة على كيفية تسليم «فيسبوك» تحديثات أصدقائي إليّ. إن خوارزمية التغذية الغامضة في «فيسبوك»، التي من المفترض أن تحسب أي محتوى هو الأكثر جاذبية إليّ، ومن ثم إرسالها لي، تنسى الأصدقاء الذين أريد أن أسمع منهم، وتصبح مهووسة بالأشخاص الذين أنا فقط على اتصال فضفاض بهم، وأشعر عموماً بأنها عَقبة أمام الطريقة التي أرغب في التواصل بها مع أصدقائي.

عندما قام مطوّر البرمجيات البريطاني لويس باركلي بتطوير حل برمجي لمعالجة هذه المشكلة، أثار اهتمامي. كانت أداة السيد باركلي - وهي برنامج يُعرَف باسم الملحق، يمكن تثبيته في متصفح «كروم» على الإنترنت - بسيطة. نتحدث عن أن تطبيق «إلغاء متابعة كل شيء» سوف يمكّننا من أتمتة عملية إلغاء متابعة كل واحد من أصدقائي، البالغين 1800، وهي مهمة تستغرق ساعات يدوياً، والنتيجة هي أنني سأكون قادراً على تجربة «فيسبوك» كما كان في السابق، عندما يحتوي على ملفات تعريف عن أصدقائي، لكن من دون التحديثات التي لا نهاية لها، والصور، ومقاطع الفيديو، وما شابه ذلك الذي تُولّده خوارزمية «فيسبوك»، أستطيع حفظ الموجز الخاص بي عن طريق متابعة هؤلاء الأصدقاء والمجموعات التي ما زلت أريد رؤية التحديثات منهم فقط.

ورغم أن هذه الأداة ستكون لطيفة بالنسبة إليّ، فقد رأيت في ذلك هدفاً أكبر: إذا سُمح لأدوات مثل «إلغاء متابعة كل شيء» بالازدهار، وكان بإمكاننا التحكم بشكل أفضل فيما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأدوات قد تخلق «إنترنت» أكثر عناية بالمسؤولية الاجتماعية.

هناك كثير من المخاوف الجدية حول ما تفعله وسائل التواصل الاجتماعي بنا بشكل فردي، وبالمجتمع. وقد أقرَّ «الكونغرس» أو اقترح تدابير شاملة؛ من فرض بيع «تيك توك»، إلى مطالبة المنصات بضمان عدم تضرر المستخدمين الشباب من المحتوى الذي يشاهدونه على الإنترنت. إن هذه التدابير الواسعة النطاق تشكل تعدياً ضد حرية التعبير، وقد تفرض قدراً أعظم من السيطرة على ما نقرأ وما نراه بين أيدي هذه الشركات القوية. إذا وجدت المحكمة أن المستخدمين لديهم الحق في اختيار ما يختبرونه على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الممكن اتباع مسار جديد: يمكننا أن نقرر كيف تعمل وسائل التواصل الاجتماعي لصالحنا ولأطفالنا من خلال الأدوات التي يمكننا التحكم بها.

لسوء الحظ، اضطر السيد باركلي لإزالة البرنامج من قبل «فيسبوك». ويبدو أن منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة أصبحت مقاومة بشكل متزايد لأدوات الطرف الثالث التي تمنح المستخدمين مزيداً من السيطرة على تجاربهم. والواقع أن كثيرين منهم توقفوا عن دعم أدوات الطرف الثالث بشكل مباشر.

في عام 2023، منعت منصتا «ريديت» و«تويتر»، المطورتان بشكل فعال، من استخدام بوابات بيانات الشركات، من خلال فرض تغيير في الأسعار يجعل مثل هذه الأدوات باهظة التكاليف بشكل غير عملي. وتذهب بعض الشركات إلى ما هو أبعد من ذلك بتهديد المطورين الذين يطلقون أدواتهم بشكل مستقل. وفي عام 2021، قال مطور تطبيق «Swipe for Facebook»، وهو تطبيق «أندرويد» يهدف إلى تقديم تجربة مبسطة على «فيسبوك»، إن المنصة أرسلت له رسالة توقف وامتناع، مما دفعه إلى إزالة المنتج من متجر «غوغل بلاي»، كما جرت إزالة تطبيق آخر «سيمبل سوشيال» من متجر «غوغل». ولا شك أن منصات مثل «فيسبوك» تخشى أن تمنع تطبيقات الطرف الثالث هذه الإعلانات أو المحتوى المدعوم، وقد تشعر بالقلق أيضاً إزاء خسارة المستخدمين القيّمين.

بعد التحدث مع السيد باركلي، قررتُ تطوير نسخة جديدة من «إلغاء متابعة كل شيء». وبدلاً من الانتظار لمعرفة ما إذا كانت «ميتا»؛ الشركة الأم لـ«فيسبوك»، سوف تتخذ إجراءات قانونية ضدي، طلبت أنا - والمحامون في معهد «فرسان التعديل الأول» في جامعة كولومبيا - من محكمة فيدرالية في كاليفورنيا، الأسبوع الماضي، أن تبتَّ فيما إذا كان ينبغي أن يكون للمستخدمين الحق في استخدام أدوات، مثل «إلغاء متابعة كل شيء»، الذي يمنحهم قوة متزايدة حول كيفية استخدامهم الشبكات الاجتماعية، وخصوصاً حول الخوارزميات التي صُممت للحفاظ على المستخدمين يتنقلون عبر مواقعهم. (رفضت «ميتا» التعليق على هذه المقالة).

يشير فرنسيس فوكوياما، الباحث بجامعة ستانفورد، وزملاؤه إلى أدوات مثل «البرمجيات الوسيطة»، وهم يشيرون إلى أن السوق التنافسية لهذه الأدوات قد تكون وسيلة أكثر دقة لتحسين وسائل الإعلام الاجتماعية، مقارنة بالأساليب التنظيمية القوية، كما كتبوا أن الكونغرس ربما يحتاج إلى اتخاذ إجراءات لمطالبة المنصات بأن تكون أكثر تقبلاً لهذا النوع من البرامج.

مختبري في جامعة ماساتشوستس مخصص لإنشاء برمجيات وسيطة لتمكين المستخدم من صياغة مستقبل يمكنك فيه اختيار قراءة «فيسبوك» من خلال مرشح يزيل التركيز على الجدل السياسي المثير للخلاف، ويؤكد التحديثات الشخصية، أو قراءة منصة «إكس» من خلال مرشح يفحص عناوين الأخبار؛ لمعرفة ما إذا كانت تأتي من منافذ صحافية موثوقة. يتمثل هدفنا في السماح للمستخدمين باختيار الخوارزميات التي تقوم بتصفية المحتوى الذي لا يرغبون في مشاهدته، وتحديد المحتوى الذي يهمهم، بدلاً من ترك هذه السلطة لمنصات مثل «فيسبوك» بمفردها.

مثل هذه الأدوات محمية بموجب البند 230 من قانون آداب الاتصالات لعام 1996، والذي يحمي منصات مثل «فيسبوك» من المسؤولية المباشرة عن سلوك مستخدميها، وكان حاسماً في السماح لموقع «فيسبوك» وغيره ببناء شركات أعمال تجارية بمليارات الدولارات، لكن غالباً ما يجري تجاهل ما تبقّى من ذلك البند. نحن نناقش أنه يؤسس حقوق المستخدمين والعائلات والمدارس في المراقبة الذاتية للمحتوى الذي يواجهونه على الإنترنت، باستخدام الوسائل التقنية لحجب المواد التي يجدونها غير مقبولة. يجب أن تشمل هذه الحماية أدوات مثل «إلغاء متابعة كل شيء»، من خلال توقع احتياجات المستخدمين لتأكيد التحكم عندما لا تتوافق مصالح موفري المحتوى مع مصالح المستخدمين.

إذا حكمت المحكمة في كاليفورنيا لصالحنا، فسوف يطلق مختبري النسخة الثانية من تطبيق «إلغاء متابعة كل شيء» مجاناً، وسوف تُتاح الفرصة للمستخدمين للمشاركة في دراسة؛ لفحص ما إذا كان استخدامهم «فيسبوك» يتغير باستخدام الأداة، وما إذا كانوا يشعرون بأنهم أكثر قدرة على التحكم في تجربتهم.

إن شبكة الإنترنت السليمة تشكل توازناً بين نيات الشركات القوية التي تديرها، والأفراد الذين يستخدمونها. إن منح المستخدمين قدراً أعظم من السيطرة يشكل أهمية كبرى فيما يتصل بتأسيس مزيد من التوازن في عالم شبكة الإنترنت الذي صار خارج نطاق التوازن من أي وقت مضى.

*خدمة «نيويورك تايمز»