تعلن بعض الدول العربية خططاً للاستثمار في مجالات مختلفة، بغية جذب المستثمر الأجنبي لمشاريعها الاستثمارية، وما إن تقرأ هذه الخطط على الورق حتى تؤمن بأن استثماراتك لديهم ناجحة وفق التسهيلات الممنوحة على الورق.
ولكن، ما إن يبدأ المستثمر خطوات عملية للاستثمار في هذا البلد حتى يواجه كثيراً من العقبات، ويفاجأ بأن الواقع مختلف عن الورق، وقد يقرر الانسحاب قبل أن يبدأ.
لن أذهب بعيداً وأتحدث عن التحديات التي تواجه هؤلاء المستثمرين في مجالات مثل الصناعة والزراعة وغيرهما، ولكن سأتحدث عن مجال واحد ربما الكثيرون جربوه، وهو الاستثمار السياحي، فأنت تجد بعض الدول العربية قد اتجهت للاستثمار السياحي، وتجد إعلاناتها قد ملأت شاشات التلفزيون وصفحات الصحف، بل وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، فتظن عزيزي القارئ أن هذه جنة الله على الأرض، فتقرر التوجه لهذا البلد، ولكنك تتفاجأ بالمعوقات منذ أن تطأ رجلك أرض مطارهم، ومن المسؤولين الرسميين في المطار من تدقيق غير مبرر بجواز سفرك بغية الحصول على الرشوة، إلى غير ذلك من الأمور مثل إيقافك جانباً والبدء بأسئلة ليس لها مبرر، وكل ذلك لتدفع سواء بعملة البلد أو بالدولار.
ويا ليت الأمر يتوقف عند ذلك الحدّ، بل يتعداه لما هو أشنع، فعند المغادرة تتمنى لو أنك لم تذهب لهذا البلد، فمن تدقيق بجواز سفرك إلى تأخير قد يفوّت عليك طائرتك. وأذكر في هذا السياق أنني ذهبت لبلد عربي، وعند مغادرتي كانت تذكرتي على الدرجة الأولى، فإذا موظف الخطوط وهو من أبناء البلد يبدأ بتأخيري دون مبرر، ورغم معرفته أن ركاب الدرجتين الأولى والأعمال لهم الأولية، فإنه لم يراع ذلك، - المهم- كانت وجهتي إلى الرياض وبحجز مؤكد. بعد طول تأخير أتاني الموظف وذكر ليّ أن لا مكان ليّ على الدرجة الأولى، ولكن يوجد مقعد على «السياحية»، بالتأكيد أنتم تعرفون الجواب، رفضت المقعد وليتني لم أفعل، فقد ذهبت الطائرة من دوني، وما هوّن الأمر عليّ أن عدداً كبيراً من المسافرين كانت وجهتهم وجهتي وعاشوا الظرف ذاته. بعد اتصالات بالشركة الناقلة وانتظار تجاوز 8 ساعات نُقلنا من مطار البلد إلى جدة، ومن ثم إلى الرياض طبعاً بعد تغيير الطائرة في جدة وما يصحب ذلك من وقت. اختصرت عليكم القصة ولكني أعطيتكم زبدتها.
السؤال المطروح، هل تعتقدون بأن مثل هذا البلد سينجح سياحياً؟ الإجابة متروكة لكم، وإذا تجاوزنا السياحة، وهي العنوان الأول للبلد بحكم أن المستثمرين سيمرون من خلال المطار ذاته، فهل سينجح مثل هذا البلد في جذب استثمارات صناعية أو زراعية أو خدمية أو غيرها إليه؟! ودمتم.