يقولون إن كرة القدم أحيانا تبدو وكأنها سيناريوهات محددة سلفا.. ولكن أخبرنا، أي إنسان فانِ كان بمقدوره أن يكتب مثل هذا السيناريو؟
تشيلسي "سحق" مضيفه توتنام بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد وكلفه الصدارة في ختام منافسات الجولة الـ 12 من الدوري الإنجليزي الممتاز.
تقدم ديان كولوسيفسكي لأصحاب الأرض في الدقيقة 6، وتعادل كول بالمر في الدقيقة 35، ثم اكتملت عودة البلوز بهاتريك السنغالي نيكولاس جاكسون في الدقائق 75 و94 و97.
بالطبع هذا ليس كل شيء. هذا ليس ربع الحقيقة حتى..
ماذا كان ذلك؟
لا يوجد عنوان فرعي قصير واحد على وجه الأرض يمكنه احتواء أحداث ذلك الشوط الأول: 6 أهداف بينهم 4 لم يتم احتسابهم - هدف غير محتسب تحول إلى ركلة جزاء وطرد - 3 تبديلات اضطرارية - إصابتان في دقيقتين لنفس الفريق - 12 دقيقة وقت محتسب بدلا من الضائع. ماذا كان ذلك حقا؟
ربما تظن أن هدفا أولا في الدقيقة السادسة يكفي لإشعال أحداث الدربي، ولكنها لم تتوقف ولو للحظة عن الاشتعال، منذ أن أطلق ديان كولوسيفسكي تسديدته التي اصطدمت بالدفاع وخدعت الحارس روبرت سانشيز لتسكن شباك تشيلسي.
الحارس الآخر جوليلمو فيكاريو تصدى لمحاولة خطرة من نيكولاس جاكسون في الدقيقة 11 ليمنع تعادلا مبكرا، واستمرت الرياح في الاتجاه المعاكس، فانطلق برينان جونسون في الدقيقة 13 ومرر إلى سون هيونج مين ليسجل، ولكن رفع الراية ومراجعة تقنية الفيديو، كان جزء بسيط من جسد الكوري كافيا لتثبيت حُكم الراية.
عاد تشيلسي للحياة سريعا بهدف التعادل في الدقيقة 21 بعد مواجهة فردية لرحيم سترلينج مع بيدرو بورو انتهت بانتصار موفق للغاية من جناح تشيلسي ليسجل، ولكن بعد مراجعة تقنية الفيديو، تأكد أن انتصار سترلينج أتى بسبب لمسة يد، ليتم إلغاء الهدف.
تشيلسي لم يستسلم، وسجل التعادل مرة ثانية في الدقيقة 28 بتسديدة مويسيس كايسيدو من خارج المنطقة، ولكن مرة أخرى تم إلغاء الهدف بسبب تسلل على نيكولاس جاكسون المتداخل.
هذا الهدف كان بداية لسلسلة من المراجعات التي أدت لتغيير وجه المباراة تماما، فبعد التأكد من تسلل جاكسون، عاد الحكم لمراجعة لقطتي الشك في ركلة جزاء محتملة لتشيلسي، وبعد أن أفلت توتنام من الأولى، لم يكن تدخل كريستيان روميرو ضد إنزو فيرنانديز شيئا يمكن تجاهله، فتم طرد المدافع الأرجنتيني في الدقيقة 33.
اضطر أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنام لإجراء تبديله الاضطراري الأول ليعوض نقص الدفاع من الهجوم، فحل إريك داير بدلا من برينان جونسون، ولكن تشيلسي تعادل على كل حال من ركلة جزاء سجلها كول بالمر على يسار فيكاريو في الدقيقة 35، وحتى تلك اللقطة لم تخلُ من الغرابة، إذ تصدى فيكاريو للكرة في البداية ولكنها ارتطمت بالقائم وسكنت الشباك.
متاعب توتنام كادت تتفاقم في الدقيقة 37 بالهدف الثاني من نيكولاس جاكسون بعد مرتدة وتمريرة من سترلينج، ولكن تسلل المهاجم السنغالي أنقذ ديوك لندن، ومنح الشوط الغريب بما فيه الكفاية هدفه الرابع غير الصحيح.
مهلا.. من قال إن توتنام قد نجى؟
في الدقيقة 42 سقط جيمس ماديسون مصابا، وأثناء تلقيه العلاج تعرض المدافع الهولندي ميكي فان دي فين لشد عضلي مؤلم للغاية أثناء الركض في الدقيقة 44. بكلمات أخرى.. بوستيكوجلو فقد قلب دفاعه الأول روميرو للإيقاف، ثم ابتلعت الإصابة قلبه الثاني، بعد دقيقتين من أخذها لقدم صانع ألعابه أيضا.
مرة أخرى اضطر المدرب الأسترالي للجوء إلى بدائله، فحل إيمرسون رويال وبيير إيميل هويبير بدلا من ماديسون وفان دي فين، واحتسب الحكم 12 دقيقة كوقت محتسب بدلا من الضائع، كاد فيه توتنام أن يفقد لاعبا آخر، حيث راجعت تقنية الفيديو في الختام إمكانية طرد الظهير الأيسر ديستيني أودوجي بسبب تدخل بالمرفق ضد ريس جيمس، ولكن لحسن الحظ أفلت الديوك تلك المرة وقرر الحكم أن الأمر لا يستحق، لينتهي أخيرا هذا الشوط.
الحكاية لا تنتهي هنا
مع انطلاق الشوط الثاني حل مارك كوكوريا بدلا من ليفي كولويل في صفوف تشيلسي، الذي كثف الضغط لحسم المباراة استغلالا للنقص العددي، فسدد بالمر في الدقيقة 47 لتمر الكرة بجوار القائم، وتلاه سترلينج في الدقيقة 51 لتلاقي التسديدة نفس المصير.
سترلينج حاول مرة أخرى في الدقيقة 54 بتسديدة اصطدمت بأودوجي، وظهر أن توتنام قد يصمد لبعض الوقت بـ 10 لاعبين.. ولكن ماذا سيفعل بـ 9؟ هذا هو السؤال الذي طرحه أودوجي بنفسه، حين عرقل سترلينج وتلقى الصفراء الثانية ليكلف فريقه مدافعا آخر.
ماذا فعلت يا ديستيني أودوجي؟
البطاقة الحمراء الثانية لتوتنهام 🟥🟥#الدوري_الإنجليزي_الممتاز #توتنهام_تشلسي pic.twitter.com/iP0GVaGwaP
أتى ميكايلو مودريك بدلا من إنزو فيرنانديز في صفوف تشيلسي لاستثمار الوضع الجديد، وسدد ريس جيمس في الدقيقة 60 ولكن مرت كرته بجوار القائم.
على الجانب الآخر حاول بوستيكوجلو تدارك هذا الكم المهول من الفوضى، فدفع بالثنائي رودريجو بنتانكور وأوليفر سكيب بدلا من بابي سار وديان كولوسيفسكي.
طوفان انفرادات تشيلسي استمر بكرة وصلت إلى مارك كوكوريا في الدقيقة 67، ولكنه تأخر في التسديد ليتصدى فيكاريو.
وأخيرا أتى الهدف الثاني المنتظر في الدقيقة 75 من نيكولاس جاكسون بعد تمريرة من سترلينج، وسرعان ما تعادل توتنام ليشعل المباراة أكثر في الدقيقة 78 بتسديدة إريك داير بعد تمريرة بالرأس من رودريجو بنتانكور.. ولكن منذ متى وهذه المباراة تبتسم لأبيض لندن؟ تم إلغاء الهدف بداعي التسلل، ليصبح خامس الأهداف غير المحتسبة في الموقعة.
تُريد مثالا أخيرا يؤكد أن هذه المباراة لم تكن تريد توتنام إطلاقا؟ في الدقيقة 93 أهدر سون هدف التعادل وتصدى روبرت سانشيز للكرة ببراعة، فارتدت بثالث أهداف البلوز بعد انطلاقة من كونور جالاجر وتمريرة إلى جاكسون ليسجل الثالث.
انتهت اللعبة، ولم يكن الرابع سوى ضربة إضافية غير ذات تأثير، ولكن جاكسون الذي تلقى تمريرة بالمر في الدقيقة 97، قرر إضافة لمسة جمالية أخيرة ليكمل الهاتريك بعد مراوغة فيكاريو.
الخسارة حرمت توتنام من صدارة الدوري الإنجليزي، ليتجمد رصيده عند 26 نقطة بفارق نقطة عن المستفيد الأكبر مانشستر سيتي حامل اللقب.
تشيلسي على الجانب الآخر رفع رصيده إلى 15 نقطة في المركز العاشر، محققا فوزه الأول في آخر 3 مباريات.
وكما استنتجت، فإن متاعب توتنام لن تتوقف هنا، حيث سيلعب خارج الأرض ضد ولفرهامبتون يوم 11 نوفمبر، بدون مدافعيه كريستيان روميرو وميكي فان دي فين وظهيره الأيسر ديستيني أودوجي، وربما نجم الوسط جيمس ماديسون أيضا.. حظ موفق على كل حال.