أبلغت وزيرة الخارجية الفرنسية الثلاثاء بريتوريا بأن الرئيس إيمانويل ماكرون غير مرتبط بالتزام ومهتم بالمشاركة في قمة بريكس التي ستعقد في جنوب إفريقيا في آب/أغسطس المقبل.
وقالت كاترين كولونا للصحافة في ختام زيارة رسمية لجنوب أفريقيا إنها أبلغت نظيرتها ناليدي باندور بأن الرئيس ليس لديه التزامات في ذلك التاريخ، وهو مهتم بمواصلة الحوار الذي تقيمه فرنسا مع دول بريكس.
وأوضحت الوزيرة أن قرار دعوة ماكرون "لا يجب أن يتخذ من قبل فرنسا، ولكن من دول بريكس وفي مقدمتها جنوب إفريقيا وهي الدولة الداعية للقمة".
سابقة
ذكرت صحيفة "لوبينيون" (l'Opinion) الفرنسية الأسبوع الماضي أن رغبة ماكرون في حضور القمة فاجأت جنوب إفريقيا، التي طلبت وقتاً للتباحث مع أعضاء المجموعة الآخرين.
ومجموعة بريكس التي تضمّ 5 بلدان حالياً وهي بحسب الترتيب الأبجدي لـلكلمة "بريكس"(BRICS) البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، أسّست كردّ لاقتصادات ناشئة وضخمة على مجموعة السبع الصناعية.
وإذا حدث وحضر ماكرون القمة فتلك ستكون سابقة وسيكون أول رئيس غربي يحضر الاجتماعات، التي يحضرها عادة زعماء الدول الخمس المذكورة أعلاه.
من جانبها أكدت باندور الإثنين أن "مشاركة الرئيس ماكرون في حالة حدوثها ستشكل سابقة في النهج المعتمد حتى الآن في قمم بريكس، لكنها من الممكن أن توسّع النطاق العالمي للمجموعة". وأضافت "رئيس الدولة المضيفة هو الذي يحدد من ستتم دعوته".
ما هي استراتيجية الإليزيه؟
يشير موقع "مودرن دبلوماسي" إلى أن فرنسا تدرك جيداً الآثار السياسية والاقتصادية لصعود دول البريكس في عصر يشهد مواجهة بين الصين والولايات المتحدة، وهي المواجهة التي تعيد تشكيل طرق التجارة والاقتصاد العالمي.
من هذا المنطلق، ربما تحاول باريس، التي ترى نفسها قوة عظمى قادرة على اتخاذ قرارات منفصلة عن واشنطن، إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع جميع الأطراف وحجز مكان لها في مجموعة اقتصادية كبرى.
وللمعلومات فقط، تغطي دول المجموعة الخمس نحو 26 بالمئة من إجمالي مساحة الأرض، ويبلغ عدد سكانها مجتمعة 3.24 مليار نسمة أي أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم.
ناهيك عن أن دول البريكس الخمس تساهم الآن بنسبة 31.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما انخفضت حصة مجموعة السبع إلى 30 بالمئة.
ويبدو أن البريكس ينتظرها مشروع توسّعي واعد إذ عبرت عدة دول بينها الإمارات والأرجنتين وإندونيسيا والجزائر ومصر والسعودية والسنغال وتايلاند عن رغبتها في الانضمام إلى المجموعة.
من جانبها، ترى صحيفة غلوبال تايمز التي يدعمها الحزب الشيوعي الصيني، أن ماكرون زعيم براغماتي ويجرأ على كسر الحواجز.
وتستشهد الصحيفة الصينية بالإصلاحات الداخلية التي قادها الرئيس الشاب وبسياسته الخارجية، حيث اقترح سابقاً إنشاء منظمة سياسية أوروبية جديدة تشمل المملكة المتحدة بعد بريكست ودول غرب البلقان من خارج الاتحاد لحل مشاكل أوروبا الأمنية.
وفي نيسان/أبريل الماضي، زار ماكرون الصين مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وأظهر استعداداً قوياً للتعاون مع الصين رغم التوتر المتزايد بين بكين وواشنطن.
وتضيف الصحيفة أن فرنسا التي فرضت عقوبات كثيرة على روسيا أدركت جيداً بعد الحرب الروسية-الأوكرانية أن العديد من البلدان النامية لم تنحز إلى جانب الغرب كما كانت تأمل. وتشير الصحيفة إلى أن تحرك ماكرون ينبع أيضاً من أنّ الغرب "يشعر بأزمة ويخشى فقدان هيمنته العالمية".
مسألة حضور بوتين القمة
يوم الإثنين وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية، ذكرت كولونا أن مثل هذه الدعوة يجب أن يتم توجيهها "مع الاحترام الكامل للقانون الدولي" في إشارة إلى إمكانية حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجريات القمة.
لقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، بتهمة ارتكاب جريمة حرب تتمثل في "ترحيل" أطفال أوكرانيين في إطار هجوم موسكو على أوكرانيا.
وحتى الآن لا تزال جنوب إفريقيا لم تتخذ القرار بهذا الصدد وهي تدرس الخيارات القانونية المتاحة أمامها. في نيسان/أبريل قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، إن مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين تضع جنوب إفريقيا في موقع صعب.
ولكن في آخر أيار/مايو منحت حكومة البلاد حصانة دبلوماسية للمسؤولين الذين سيحضرون قمة بريكس، قائلة إنه إجراء اعتيادي لتنظيم المؤتمرات الدولية.