منذ أصبحت كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية للرئاسة، أول امرأة سوداء وأول شخصية من أصل جنوب آسيوي يتم ترشيحها لمنصب وطني من قبل حزب رئيسي، تبع ذلك احتفالات بهذه اللحظة التاريخية. وكذلك، كان لدينا ما يتعلق بالكيفية التي - ولأنها امرأة - ستستخدم ملابسها لتعريف أو تقليص شخصيتها.
لا شك في أن الموضة قد استخدمت كأداة لرفض النساء، وربطهن بالأمور التافهة - بدلاً من الموضوعات الجادة - والأمور السطحية بدلاً من مسائل الحكم. ولكن عندما تكون المرأة مرشحة رئاسية لحزب رئيسي، وعندما يبدو الاختيار وكأنَّه علامةٌ ذات مغزى على تغيير الأجيال، فإنَّ تجاهل ما ترتديه لأنها امرأة على وجه التحديد، يعني السقوط ضحية للصورة النمطية نفسها.
وبفعل ذلك، لا يمنحها الفضل الذي تستحقه لاستخدام كل أداة متاحة لها للتأثير على الرأي وتشكيله، بقدر ما يكون من الفاعلية تعزيز الأجندة التنفيذية، تماماً كما فعل الساسة الرجال لعقود. ولا يستطيع أحد أن يملأ كل لحظة بالمقترحات السياسية، ولكنها من الممكن أن تظهر دوماً بالمظهر المناسب.
هناك سبب يجعلنا نشير إلى «المسرح الوطني» و«مسرح السياسة». لقد كان البذخ والزينة دائماً جزءاً من منافسات الحكم، مهما كان النظام.
الزي جزء لا يتجزأ من أي مسابقة، وهو جزء أصيل في خلق وتواصل الشخصية. ولا يصح ذلك أكثر من لحظات الاحتفال العام المشتركة: المؤتمرات، والتنصيب، والمناقشات، وخطاب حالة الاتحاد. إلى حد ما، نحن جميعاً نعيش أمام الكاميرات الآن، طوال الوقت. ونصدر الأحكام الفورية عن بعضنا بعضاً اعتماداً على الصور التي نراها. إنها الغريزة البشرية وجزء من الطريقة التي نقرّر بها ما إذا كان شخص ما محبوباً أو قابلاً للتصديق أو قائداً، بغض النظر عن جنسه. وكان الأمر كذلك من كليوباترا إلى كاسترو.
ذات يوم قال لي أحد أصدقائي، وهو رجل يعمل مستشاراً في الأزمات السياسية (مثل أوليفيا بوب في مسلسل «الفضيحة»)، إنني لن أصدّق القدر الذي خصصه من الوقت لمناقشة ألوان ربطات العنق مع العملاء (بناء على طلبهم) عندما كان بوسعهم أن يتحدثوا عن عملية سلام على سبيل المثال.
هذا لا يعني أن ربطات العنق أكثر أهمية من عملية السلام، أو أي اقتراح آخر يتعلق بالسياسات. بالطبع يأتي الجوهر قبل الأسلوب. ولكن الجوهر لا يوجد بشكل مستقل تماماً عن الأسلوب. ولن يكون النظر في اختيار الملابس في إطار السياسة تمييزاً على أساس الجنس، إلا إذا كان مثل هذا الاعتبار قائماً في غياب المقترحات السياسية النسائية، أو إذا لم تكن ملابس الساسة الذكور تلقى المعاملة نفسها قط. وهذا ليس هو الحال أيضاً.
تاريخ مختصر للسياسيين الرجال الذين غطيتُ ملابسهم يشمل: دونالد ترمب، وجيه دي فانس، وتيم والز، وجون فيترمان، وباراك أوباما، وجيب بوش، وبوريس جونسون، وإيمانويل ماكرون، وفولوديمير زيلينسكي، وناريندرا مودي، وفلاديمير بوتين... لقد فهمت المغزى. لقد كتبت طويلاً عن اختيار ربطة العنق، لا سيما في أثناء المناقشات.
ولكن صحيح أيضاً أنَّ المقالات عن الرجال والملابس تولد عادة اهتماماً أقل بكثير من المقالات عن النساء واللباس. من المُسلّم به أن هناك فرصة أكبر للكتابة عن ملابس النساء، لأنَّ هناك تنوعاً أكثر، ولكن هذا جزء مما يجعل الأمر مثيراً للاهتمام. وفي نواح كثيرة، تعد خيارات الموضة الأوسع نعمة للنساء، وليست مشكلة.
بعد سنوات من الشكوى من تركيز الناس على ملابسها، حولت هيلاري كلينتون الانتباهَ إلى خزانة ملابسها إلى رصيد ضخم من خلال جعل الأمر مزحة متداولة. (هل تذكرون مدونة «الاختيارات الصعبة» الأولى التي كتبتها على موقع «إنستغرام» حول ملابسها؟) لقد قلَّل هذا من قوة الازدراء التي تعاني منها، وأضفى عليها الطابع الإنساني، وأعطى أنصارها زياً رسمياً لارتدائه بوصفه شعاراً للتضامن. هل يمكنك تخيل رجل يحاول أن يجعل من وسم «#PantsuitNation» شيئاً حقيقياً؟
السيدة هاريس، التي تملك سمعة بصفتها مدعية عامة ترتدي سترة داكنة، لعبت أيضاً دوراً مع الموضة، سواء بوصفها نائبة للرئيس أو على مسار الحملة الانتخابية.
وكلما أدركنا الدور الذي تلعبه الملابس في الحياة والسياسة، ازداد استعدادنا للتحدث عنها. وكلما اعتدنا عليها، قلَّ احتمال استخدامها سلاحاً للتقليل من شأن الآخرين. وهذا أفضل لنا جميعاً.
* خدمة «نيويورك تايمز»