على مدار ساعتين، كشفت آبل النقاب عن مجموعة من الأجهزة وأنظمة التشغيل الجديدة، وكانت نظارة Vision Pro هي المنتج الرئيسي الذي كان محط اهتمام الجميع (يمكنك معرفة كل شيء عن النظارة من هنا)، حيث كشفت نظارة الواقع المعزز عن قدرات هائلة سوف تغير أسلوب حياتنا وعملنا وتواصلنا مع الآخرين، ومع ذلك، لم تحاول آبل ولو لمرة واحدة استخدام الكلمة المعقدة” ميتافيرس” خلال التطرق إلى الجهاز الثوري الخاص بها، لكن ما السبب وراء تجاهل الميتافيرس عند الإعلان عن نظارة فجين برو.
الميتافيرس
منذ قرار مارك زوكربيرج بتغيير اسم فيسبوك إلى ميتا، أعلنت الشركة أن هدفها هو بناء ما يعرف باسم العالم الموازي أو الميتافيرس، ويمكن وصفه بشكل موجز على أنه نسخة من الإنترنت مدعومة بتقنية الواقع الافتراضي. ولمن لا يعرف الميتافيرس، هو عبارة عن مصطلح ظهر لأول مرة في رواية الخيال العلمي سنو كراش خلال عام 1992. وتشير العبارة عمومًا إلى رؤية الإنترنت المتصلة بالواقع الافتراضي أو الواقع المعزز. بدلاً من النقر والتمرير عبر صفحات ومواقع الويب، يمكنك التجول على نحو سلس عبر الميتافيرس والحصول على تجربة تفاعلية وفريدة من نوعها. ومع أن آبل أعلنت عن Vision Pro التي تشبه نظارات التزلج المستقبلية المصممة بشكل مدهش، إلا أنها فضلت استخدام مصطلح الحوسبة المكانية بدلا من الميتافيرس التي تم إساءة استخدامها إلى حد بعيد من قبل من حاول بناءها، وعلى رأسهم فيسبوك الذي رسم للجميع أحلام وردية على أنه يكاد يقترب من السماح للمستخدمين بالدخول للإنترنت بالأفاتار الخاص بهم وفعل أي شيء عبر رسوميات عالية الدقة وسلاسة في الاستخدام وعوالم افتراضية أكثر من مذهلة يتم الوصول إليها عبر نظارة فيسبوك، ولكن كانت التجربة سيئة للغاية، حتى إن عدد المشتركين في الميتافيرس الخاص بـ ميتا (الشركة الأم لفيسبوك) صغير جدا.
آبل والميتافيرس
لم يذكر كوك بشكل واضح كلمة ميتافيرس مرة واحدة خلال الإطلاق الذي استمر بعض الوقت، حيث أعلنت آبل بدلاً من ذلك، بزوغ عصر “الحوسبة المكانية”، الأمر ليس جديدا على الشركة ورئيسها التنفيذي، في لقاءات سابقة، أوضح تيم كوك إنه لا يحب استخدام كلمة ميتافيرس، ولا يعتقد أن لها أي معنى حقيقي كما أشار إلى أن الأشخاص العاديين لا يفهمون ماهية هذ المصطلح.
فضلا عن ذلك، يدرك الرئيس التنفيذي لآبل أن مؤسس فيسبوك يحتضن تلك الكلمة بالكامل بدءا من تغيير اسم شركته من فيسبوك إلى ميتا ثم الإعلان عن خطته لبناء الميتافيرس، لذا لم يرغب كوك أن يبدو وكأنه يطارد فكرة شخص آخر ومع أن زوكربيرج فشل في بناء هذا العالم الموازي. واضطر بعدها إلى تقليص ليس فقط الميزانية المخصصة لهذا المشروع، ولكن قام أيضا بتقليل القوى العاملة خلال الفترة الأخيرة بعد الخسائر التي تكبدتها ميتا جراء السعي وراء حلم لم يتحقق بعد، أيضا لا تريد آبل استخدام كلمة ميتافيرس بعد خيبة الأمل والإخفاقات التي نالت من الميتافيرس الخاص بمارك زوكربيرج، حتى إنه خلال العام الماضي، انخفضت عمليات البحث عن الميتافيرس، لذا قرر كوك والمسؤولون في الشركة الاعتماد على كلمة بديلة وجديدة تكون حكرا للشركة وهي الحوسبة المكانية عوضا عن الميتافيرس.
آبل وفيسبوك
كانت ميتا (فيسبوك سابقا) واثقة جدًا من قدرتها على إنشاء عالم الميتافيرس، فكرة الإنترنت الغامر ثلاثي الأبعاد لدرجة أنها غيرت اسمها من فيسبوك في عام 2021، وبدأت في ضخ المليارات في هذا المشروع. لكن الفكرة لم تكتمل بسبب عمليات الإطلاق الزائفة والرسومات المراوغة وعدم وجود مسار واضح للربحية والشعور العام بأن قلة من الناس يعرفون ماهيتها. هذا الأمر تسبب في خسائر بالمليارات؛ ولهذا قرر مارك زوكربيرج أن يتحول من الميتافيرس ليتحدث بشكل متزايد عن الذكاء الاصطناعي الذي بات أكثر شهرة حاليا بسبب روبوتات الدردشة والذكاء الاصطناعي التوليدي، ويمكن القول بأن الفرق بين ميتا وأبل عندما يتعلق الأمر بالميتافيرس، أن صانع الآي-فون لا يسعى لبناء نظام بيئي واسع النطاق بجهاز رخيص وهو ما تفعله شركة ميتا مع نظارتها كويست. ولكن تسعى آبل بدلاً من ذلك إلى تحقيق الدخل من مستخدميها عبر قسم فرعي مربح بالفعل يشمل الاشتراكات والبرامج ذات الهامش المرتفع.
كل شيء له علامة تجارية
تحب آبل وضع بصمتها على منتجاتها الخاصة. يقوم بتسمية كل نظام أو جهاز وحتى الميزات تقوم بوضع علامة تجارية عليها، ولا تعتمد على مصطلحات معروفة بالفعل، على سبيل المثال، تقنية التعرف على الوجه في الآي-فون لم تُطلق عليها التعرف على الوجه بل قامت بتسميتها “Face ID”كما أطلق على نظام الكاميرات وأجهزة الاستشعار التي سهلت ميزة Face ID اسم “TrueDepth”، بالإضافة لذلك، يتم الاستماع إلى الموسيقى بتقنية الصوت المحيطي Dolby Atmos في خدمة أبل ميوزيك، ولكن تطلق آبل على تلك التقنية اسم الصوت المكاني Spatial Audio.
هذا يعني أن آبل لن تتبنى مصطلح الميتافيرس؛ لأنه موجود بالفعل، ولهذا تحرص دائما على تجنب استخدامه وتبني مصطلح خاص بها مثل الحوسبة المكانية، أيضا هناك سبب آخر يدفع آبل لحظر استخدام الميتافيرس، حيث لا يصف هذا المصطلح نوع تجارب الواقع المختلط التي تسعى الشركة إلى بنائها للمستخدمين. حيث يهدف الميتافيرس إلى استبدال العالم الحقيقي بآخر افتراضي، هذا يتعارض مع ما تريده آبل والتي تهتم بإنشاء تجربة مفتوحة تتضمن ميزات من العالم الرقمي والحقيقي، ولهذا كان اهتمامها منصبا بشدة على الواقع المعزز مع اهتمام قليل بالواقع الافتراضي.
آبل تتجه إلى الميتافيرس لكن بأسلوبها
في مؤتمر المطورين وعند عرض الفجين برو، قامت آبل بمحاكاة العديد من لقطات الفيلم الشهير “Ready Player One” وهو الفيلم الذي يرسم بخيال كيف سيكون عالم الميتافيرس، هذا العالم الذي يسمى الواحة، إذا آبل لا تنفي أن هدفها الوصول إلى الميتافرس لكن بطريقتها.
في نهاية المطاف، يرى البعض أن الإعلان عن نظارة فيجن برو لآبل جعل ميتا تبدو مثل شركة بلاك بيري التي ذهبت إلى مقبرة التاريخ بعد تعنتها في تطوير الهواتف الذكية الخاصة بها، أما البعض الآخر، فيعتقد أن آبل قدمت رؤية قابلة للتصديق للإمكانيات طويلة المدى للواقع المعزز دون الحاجة للتطرق للميتافيرس. الأمر الذي فشلت ميتا في تقديمه للمستخدمين، في جميع الأحوال، لا يزال سعر آبل فيجن برو مبالغ فيه، كما أن النظارة لا تزال في مهدها، لذا علينا الانتظار ورؤية ردود الأفعال بمجرد أن تصبح متاحة في الأسواق، ويقوم المستخدمون العاديون بتجربتها، حينها ستظهر التقييمات الحقيقية.
ما رأيك في هذا العالم الذي نضطر فيه جميعاً إلى لبس نظارات واقع معزز، ونعامل مع بعضنا داخل عالم أفتراضي، هل تتخيل أن هذا سوف يحدث في يوم من الأيام؟ أخبرنا في التعليقات
المصدر: