لماذا عرقلت ألمانيا التصويت الأوروبي على منع محركات الوقود؟

منذ 1 سنة 131

بقلم:  نادر الصراص  & Euronews  •  آخر تحديث: 06/03/2023 - 17:10

رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين مع المستشار الألماني أولاف شولتس أثناء زيارتها لألمانيا

رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين مع المستشار الألماني أولاف شولتس أثناء زيارتها لألمانيا   -  حقوق النشر  AP Photo

زيارة قصيرة قامت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين إلى ألمانيا يوم الأحد، واجتمعت خلالها بالمستشار الألماني أولاف شولتس ومجلس الوزراء أثناء اللقاء السنوي التقليدي المغلق للحكومة الألمانية في قصر ميزيبرغ بالقرب من العاصمة برلين.

الموضوع الذي هيمن على محادثات رئيسة المفوضية الأوروبية في ميزيبرغ كان ملف الحظر الأوروبي لإنتاج السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي اعتبارا من عام 2035. لكن، لا يبدو أن زيارة فون دير لاين إلى ألمانيا أدت إلى انفراجة في هذا الملف، مع أن فون دير لاين هي ألمانية الجنسية وتقلدت في السنوات الماضية مناصب وزارية رفيعة في الحكومة الألمانية، كوزارة الدفاع ووزراة العمل.

السبب في ذلك أن ألمانيا وقفت في وجه تصويت داخل الاتحاد الأوروبي، وعطلت الإقرار النهائي للقانون الجديد الذي يمنع بشكل عام ترخيص سيارات ذات محركات تعمل بالاحتراق الداخلي، وتستخدم الوقود التقليدي كالبنزين والديزل، أي تلك التي تصدر ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى مضرة بالبيئة.

هذا التصويت النهائي الذي كان من المفترض أن يجري هذا الأسبوع، كان يعتبر مجرد إجراء شكلي، لأن القرار المبدئي كان قد اتخذ في أكتوبر الماضي من قبل الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي. لكن حزبا من الأحزاب الثلاثة الحاكمة في ألمانيا وضع العصا في العجلة، فاضطر المجلس الأوروبي إلى تأجيل التصويت الذي كان مقررا غدا الثلاثاء إلى أجل غير مسمى.

هذا "التعطيل" الألماني يقف وارءه ويدافع عنه بشدة وزير المواصلات الألماني فولكر فيسينغ، التابع للحزب الليببرالي والمعروف بشكل عام بسياسته الرفيقة بأصحاب الأعمال والمقربة من قطاع الصناعة، وهو أحد الأحزاب الثلاثة المشاركة في ائتلاف الحكومة الألمانية: الليبراليون والخضر والديمقراطيون الاشتراكيون بزعامة المستشار أولاف شولتس.

ماذا يريد وزير المواصلات الألماني؟

ملخص الحديث هو أن الوزير فيسينغ لا يريد منعا كاملا لمحركات الاحتراق الداخلي، بل يريد من الاتحاد الأوروبي أن يستثني نوعا معينا من الوقود، وعلى وجه التحديد ما يسمى بـ E-Fuels، وهي محروقات اصطناعية مُركّبة، ويفترض أنها "محايدة" من ناحية بيئية، لكنها تحتاج إلى محركات الاحتراق الداخلي. وزير المواصلات الألماني يطالب الاتحاد الأوروبي بإعداد اقتراح، يخص كيفية استخدام هذه المحروقات المركبة في محركات الاحتراق الداخلي بعد 2035.

من المعروف أن مطالب فسيسينغ هذه ليست جديدة. والمعروف أن ألمانيا كانت قد نجحت في إدخال بند بشأن موضوع المحروقات المركبة في مسودة القرار للمجلس الأوروبي الصيف الماضي، لكن هذه الذكر  لم يرد في النص الأساسي للمسودة ، بل في ورقة إضافية ليست ملزمة من ناحية قانونية. 

الخضر يعارضون

خطط فيسينغ هذه أدت إلى شد وجذب داخل الائتلاف الحكومي في ألمانيا، بالأخص بين حزب وزير المواصلات (الليبرالي) وحزب الخضر. فالخضر معروفون بأنهم متمسكون بسياسة تخفيض الانبعاثات ويرون في منع محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالوقود التقليدي عنصرا أساسيا للوصول إلى هذا الهدف.

يقول الخضر إن الاعتماد على المحروقات المركبة التي يتحدث عنها وزير المواصلات شيء غير عقلاني، لأنه ليس من المعروف حتى الآن إن كان هذا النوع من المحروقات سيكون ملائما للسيارات وإن كان إنتاجه مجديا أصلا، إذ أن إنتاجها يتطلب كمية كبيرة من الكهرباء.

الضيفة فون دير لاين التي جاءت من بروكسل لم تستطع أن تعلن عن انفراجة في هذه القضية بعد اجتماعها مع المستشار شولتس ووزراء حكومته، لكنها قالت إن الحوار "بناء" بين بروكسل وبرلين بشأن منع محركات الاحتراق الداخلي، وإنها تدعم مبدأ الانفتاح والتنوع التكنولوجي. "غير أن ذلك يجب أن يكون دائما متسقا مع أهدافنا المتعلقة بسياسة حماية المناخ"، حسبما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع.

"وزير جيد جدا"

أما المستشار الألماني شولتس فقد دافع عن وزير مواصلاته فيسينغ، واصفا إياه بأنه وزير مواصلات "جيد جدا"، ومعربا عن تفائله بأن نقطة الخلاف بشأن محروقات الوقود التركيبي/الاصطناعي (E-Fuels) قابلة للحل. فيسينغ نفسه أيضا قال صباح الإثنين إنه يرى أن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي تسير في الاتجاه الصحيح.

حتى يتم الإقرار النهائي بمنع إنتاج وترخيص السيارات التي تعمل بمحركات المنع الداخلي، من الضروري أن توافق ألمانيا. فالإقرار بالقانون يحتاج إلى موافقة 15 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، وأن تمثل هذه الدول على الأقل 65%من سكان الاتحاد الأوروبي. وهذا شيء صعب المنال حاليا، خاصة وأن دولا أخرى أعلنت عدم موافقتها على القانون بشكله الحالي، وهي إيطاليا وبولندا وبلغاريا.