لماذا زادت وتيرة الغارات الإسرائيلية على سوريا؟

منذ 1 سنة 131

كثّفت إسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية من وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة مواقع عدة تابعة لمجموعات موالية لطهران. فما أسباب التصعيد وهل من تداعيات آنية لذلك؟

يربط محللون تكثيف اسرائيل لغاراتها بسيناريوهات عدة، منها ما يرتبط بحسابات داخلية وأخرى بمواصلة سعيها لمنع إيران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

ما هي المواقع التي استهدفتها إسرائيل؟

شنّت إسرائيل ضربات خلال أربعة أيام منذ ليل الخميس طالت خصوصاً مواقع تابعة لمجموعات موالية لطهران في دمشق ومحيطها، في وتيرة قصف غير مألوفة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واستهدفت إسرائيل في 30 آذار/مارس محيط مدينة دمشق، ما أسفر عن إصابة عسكريين سوريين اثنين، وفق وزارة الدفاع السورية. وطال القصف وفق المرصد مواقع لمجموعات موالية لطهران.

وفي الليلة اللاحقة، استهدفت إسرائيل مجدداً مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام السوري وأخرى لمجموعات موالية لطهران في جنوب غرب دمشق، ما أسفر عن مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني، وفق ما أعلنت طهران لاحقاً.

وجدّدت إسرائيل استهداف سوريا بعد منتصف ليل السبت الأحد، بقصفها مواقع تابعة لقوات النظام وأخرى لمجموعات موالية لطهران في مدينة حمص (وسط) ومحيطها، ما أسفر عن مصرع مقاتلين اثنين مواليين لطهران وإصابة خمسة من عناصر الدفاع الجوي السوري، بحسب المرصد.

وقُتل مدنيان بقصف إسرائيلي بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء طال وفق المرصد موقعاً لقوات النظام في ريف السويداء (جنوب) ومعمل زجاج في ريف دمشق.

ولم تتبن إسرائيل تنفيذ أي من هذه الضربات في سوريا، حيث شنّت خلال سنوات النزاع مئات الضربات الجوية التي طالت مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني بينها مستودعات أسلحة وذخائر في مناطق متفرقة.

وتكرر إسرائيل أنّها ستواصل التصدي لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد "نحن نرغم الأنظمة التي تدعم الإرهاب خارج حدود إسرائيل على دفع ثمن باهظ".

ما سبب تكثيف وتيرة القصف؟

يتحدّث محللون عن سيناريوهات عدة قد تبرّر سبب تكثيف إسرائيل لضرباتها في سوريا، بينها الردّ على عملية مجيدو في 13 آذار/مارس في شمال إسرائيل والتي أظهرت تحقيقات أولية، وفق ما أعلنت إسرائيل، أن منفّذها "تسلل على ما يبدو" من لبنان، ويتواصل التحقيق "لفحص مدى تورط" حزب الله فيها.

ولم ينف حزب الله أو يؤكد ضلوعه في الهجوم الذي تسبّب بإصابة مواطن بجروح خطيرة. وقال أمينه العام حسن نصرالله إنه "غير معني" بالتعليق وأن صمت حزبه "يربك العدو".

وأطلق هجوم مجيدو، وفق ما يشرح الباحث المتخصّص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش لوكالة فرانس برس، "ضربات ضد قواعد إيرانية ولحزب الله في سوريا"، مع عدم رغبة إسرائيل في الرد في لبنان، خشية أي تصعيد قرب هذا الجانب من حدودها.

وأعلنت اسرائيل الأحد أنّها أسقطت طائرة مسيّرة بعدما "تسلّلت من جهة الأراضي السوريّة إلى داخل الأجواء الإسرائيليّة"، قبل أن تجدد قصفها لسوريا وهو ما يفسر وفق بالانش قرب الضربات زمنياً.

وترى مديرة برنامج أبحاث سوريا في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب كارميت فالنسي أن إسرائيل اختارت الرد على عملية مجيدو في سوريا، وتوجيه رسالة مفادها انها "مصمّمة على حماية حدودها وأمنها وأمن سكانها حتى في ظل الأزمة الداخلية".

وتشهد إسرائيل منذ مطلع العام احتجاجات شعبية ضد تعديلات قضائية مثيرة للجدل طرحتها الحكومة غير أنها عادت وجمدتها تحت ضغط الشارع.

لكنّ نتانياهو أكد في تصريحاته الأحد أن "الجدل الإسرائيلي الداخلي لن ينتقص ذرة من تصميمنا وقوتنا وقدرتنا على العمل ضد أعدائنا على جميع الجبهات، حيثما ومتى لزم الأمر".

وتشكل إيران والمجموعات المرتبطة بها العدو اللدود لإسرائيل التي تبذل قصارى جهدها لضمان الحفاظ على تفوقها العسكري.

ويقول الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي "لا تريد إسرائيل السماح لإيران بأن يكون لها موطئ قدم بقدرات مميزة في سوريا".

ويضيف "بإمكان إيران أن تساعد النظام ضد المعارضة، لكن أن تجلب صواريخ بالستية ومضادة للطائرات والسفن ومسيّرات بشكل يؤثر على السيطرة الإسرائيلية على الأجواء والبحر، وقدرتها على شنّ هجمات عندما تريد، فهذا أمر لن تسمح إسرائيل به".

ما هي تداعيات التصعيد؟

إثر مقتل ضابطين إيرانيين في القصف الإسرائيلي، أكدت طهران الأحد أنها "تحتفظ بحق الرد... في الوقت والمكان المناسبين".

وغرّد السفير الإيراني في لبنان مجتب أماني الثلاثاء قائلاً "هناك أزمة داخلية في إسرائيل ومشاكل داخلية في أميركا. ربما يريد الكيان الصهيوني تصدير أزمته الى المنطقة عن طريق التصعيد. توقيت إيران مختلف عن توقيت إسرائيل".

وفيما يرى محللون أن إيران ستتروى للحؤول دون تصعيد كبير خصوصاً على وقع التغييرات في المنطقة الناتجة من تقاربها مع السعودية وانفتاح الأخيرة تجاه دمشق، يرجّح بالانش العكس ويرى أن ذلك قد "يفاقم التوترات مع سعي إيران لتعزيز قبضتها في سوريا".

إلا أن الرئيس السوري بشار الأسد قال الشهر الماضي إنّ الساحة السورية "لم تعد مكان صراع إيراني سعودي"، موضحاً أن الحديث عن قطع سوريا علاقتها بإيران لم يعد موضع بحث منذ سنوات طويلة.

وحذّرت وزارة الخارجية السورية الثلاثاء من أن الضربات الإسرائيلية قد "تدفع المنطقة نحو تصعيد شامل ومرحلة جديدة من غياب الأمن وعدم الاستقرار".