ملخص
يواجه قطاع الأزياء تحديات عدة تدفع علامات تجارية كبيرة ومرغوبة إلى الإغلاق على رغم استحسان العملاء لها.
تخيل الفستان المثالي. إنه جميل ومغر، هناك زركشات في جميع الأماكن المناسبة، يجمع بين الرقي والأنوثة والتميز في الوقت نفسه، وكأن أي شخص يرتديه يخبئ سراً. قليل من العلامات التجارية تصنع فساتين كهذه اليوم، لكن "ذا فامبايرز وايف" The Vampire’s Wife كانت إحدى تلك العلامات. منذ أن قامت سوزي كايف بتأسيس العلامة التجارية مع أليكس أدامسون في عام 2014، أصبحت العلامة التجارية كلاسيكية بين محبي الأزياء. ارتديت في جميع المناسبات، من المهرجانات إلى حفلات الزفاف الملكية، وحظيت بقاعدة جماهيرية متألقة، بدءاً من كيت موس إلى أميرة ويلز، التي ارتدت فستاناً أخضر من تصميم العلامة لالتقاط صورة ملكية رسمية في عام 2022. وهو الفستان الذي أطلقت عليه مجلة "فوغ" قبل عامين اسم "فستان العقد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لذلك كان إعلان كايف في وقت سابق من هذا الأسبوع إغلاق العلامة التجارية مفاجئاً. تلقيت الخبر عبر رسالة بريد إلكتروني يوم الثلاثاء: "على رغم النمو والمبيعات الإيجابية، إلا أن الاضطرابات في سوق الجملة كان لها تأثير كبير في العلامة التجارية"، كما ورد في بيان، الذي أضاف: "تود 'ذا فامبايرز وايف' أن تعرب عن شكرها العميق لجميع العملاء والشركاء وجميع الذين ارتدوا العلامة التجارية خلال السنوات الـ10 الماضية. لقد كان دعمكم لا يقدر بثمن، ونحن ممتنون للغاية".
وأصدرت كايف بيانها الخاص عقب ذلك وقامت بمشاركته عبر موقع "إنستغرام"، إذ كتبت: "أقول هذا بحزن عميق وأود أن أعرب عن امتناني الدائم لدعمكم جميعاً. أود أن أشكر عائلتي الكبيرة في 'ذا فامبايرز وايف' التي ساعدتني في صنع مثل هذه الأشياء الجميلة. لا أستطيع أن أصف كم تعنون لي جميعاً. أحبكم، سوزي".
هذه الأنباء جعلت محبي العلامة يشعرون بالحرمان والارتباك والحزن. كتبت المذيعة كلوديا وينكلمان في التعليقات على منشور كايف: "أنت مذهلة". وقالت عارضة الأزياء الشهيرة كارين إيلسون: "كانت فساتينك حالمة وأكثر أنوثة من غيرها". وعلقت مصممة الأزياء بيلا فرويد: "شكراً لك على الجمال والجاذبية التي جلبتها لحياتنا من خلال ملابسك الرائعة". والممثلة الأميركية باتريشيا أركيت كانت أيضاً من ضمن المعلقين، إذ كتبت: "لقد صنعت ملابس مذهلة. أتمنى أن تكون الأيام المقبلة في حياتك لطيفة وسعيدة".
من الصعب وصف التأثير الذي يمكن أن تتمتع به علامة تجارية واحدة على صناعة بأكملها، خصوصاً عندما يكون السوق مشبعاً بعلامات تجارية صغيرة تعمل إلى حد كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ربما يعود نجاح "ذا فامبايرز وايف" جزئياً إلى زبائنها، الذين شملوا، إضافة إلى أفراد العائلات المالكة، الممثلة سيينا ميلر، والممثلة غريتا غيرويغ، والمغنية فلورنس ويلش، والممثلة والمخرجة أوليفيا وايلد، إضافة إلى المغنية والممثلة كايلي مينوغ. ربما كان ذلك بفضل مكانة كايف كمصدر للإلهام، وهي زوجة الموسيقي نيك كايف، فالزوجان كانا دائماً رائعين مثل منتجاتهما.
ولكن ربما كان الأمر ببساطة أيضاً يتعلق بالفساتين نفسها. كانت الفساتين مميزة، مقصوصة بشكل جيد، تتسم بمجموعة من الخصائص (أكتاف منتفخة، وأكمام مزركشة وضيقة)، إذ إنه من السهل التعرف عليها على الفور من المهتمين بالموضة. والأهم من ذلك أن "ذا فامبايرز وايف" كانت واحدة من العلامات التجارية التي لديها معنى [عاطفي] عند الناس. إذ ارتدى كثيرون تصميمات كايف في يوم زفافهم، بما في ذلك الممثلة سامانثا مورتون والصحافية سالي هيوز.
"عانى عدد من العلامات التجارية مثل 'ذا فامبايرز وايف' خلال أزمة كوفيد، وتضررت بعد ذلك من ارتفاع تكاليف التجارة الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أعتقد أن السنوات القليلة المقبلة ستكون صعبة".
ميشيل باريت، منسقة أزياء المشاهير
تقول كلير كوهين، التي ارتدت فستاناً فضياً من 'ذا فامبايرز وايف' خلال حفلة زفافها: "لم أتخيل نفسي أبداً أرتدي فستان زفاف أبيض تقليدياً وأردت شيئاً أقل حدة وأكثر أنوثة يجعلني أشعر وكأنني نسخة راقية من نفسي، وليس شخصاً آخر تماماً". وأضافت كوهين: "وهذا ما فعلته سوزي كايف بشكل جيد جداً: لقد فهمت كيفية تصميم ملابس النساء بحيث تجعلهن يشعرن بالروعة التي يبدو عليها مظهرهن. أعلم أن هذا هو الطبيعي في يوم زفافك، ولكن لم يسبق لي أن تلقيت هذا القدر من المديح على شيء ارتديته، لقد كاد القماش الفضي أن يتوهج في ضوء الشموع في حفلتنا". وبعد أسبوع من زفاف كوهين، شوهدت المذيعة وعارضة الأزياء أليكسا تشونغ وهي ترتدي الفستان نفسه. وعلقت كوهين قائلة: "هذا جعلني أشعر أن النساء الأخريات يشعرن بالسحر نفسه".
ومثل زوجها، تتحدث كايف عن الإبداع بحماسة عميقة: "مخيلتي مبنية على الفن الشعبي، والحكايات الخيالية، والأشياء الغامضة"، كما قالت لصحيفة "ذا غارديان". وأضافت: "يصبح الأمر مخيفاً بعض الشيء في مخيلتي [...] هذا شيء تعاملت معه طوال حياتي، شعور بكارثة وشيكة، قوة مظلمة تحيط مخيلتي. أحاول استخدام هذا الظلام لخلق أشياء جميلة وعاطفية".
ورأت كايف، التي توفي ابنها آرثر عن عمر يناهز 15 عاماً في عام 2015، في إدارة العلامة التجارية متنفساً عاطفياً. وقالت لصحيفة "ديلي ميل" في عام 2018: "عندما أقوم بالتصميم أشعر وكأني غارقة به. يمر الوقت بسرعة. هذا في الواقع هدية، لأني أقوم بتحويل أسوأ شيء حدث لي إلى طاقة إيجابية من خلال صناعة الملابس".
كل هذه الأشياء هي جزء مما جعل "ذا فامبايرز وايف" مميزة للغاية. الزبائن لم يشتروا علامة تجارية فحسب، بل اشتروا شيئاً ذا معنى. لقد كنت محظوظة بما فيه الكفاية لارتداء تصاميم كايف في مناسبات عدة، بما في ذلك الأعياد وحفلات الزفاف. ولكن، المرة التي لا تنسى هي عندما ارتديت أحد الفساتين الطويلة ذات اللون الوردي في أكثر الأماكن غير المتوقعة: جنازة صديقة مقربة. لقد كانت وفاتها مفاجئة، واخترنا جميعاً ارتداء اللون الوردي احتفالاً بحياتها. كان هذا الفستان نابضاً بالحياة ومبهجاً ومغطى بالكشكش، مما جعله الزي الأكثر ملاءمة الذي يمكن أن أفكر فيه، لقد جعلني أبتسم.
لم توضح كايف بعد أسباب إغلاق علامتها التجارية، لكن الإغلاق يدل على مشكلة جدية تواجه صناعة الأزياء. على سبيل المثال، كشفت المصممة مارا هوفمان هذا الأسبوع أيضاً عن أنها ستغلق علامتها التجارية التي تحمل اسمها، وذلك بعد 24 سنة على إطلاقها. وأعلنت المصممة الحائزة على جائزة الاستدامة من "مجلس مصممي الأزياء في أميركا"، عبر موقع "إنستغرام"، أن مجموعتها لصيف 2024 ستكون "آخر عروضها في الوقت الحالي". وفي حديثها لمجلة "فوغ"، أوضحت هوفمان، التي صعدت أعمالها إلى الشهرة بدعم من منسقة أزياء سلسة "الجنس والمدينة" الشهيرة باتريشيا فيلد، أنه لم يعد من الممكن الاستمرار بأسلوب العمل ذاته.
وقالت: "ليس هناك كثير من الشركات التي نجحت في القيام بهذا لفترة طويلة مثلنا. والحقيقة هي أن المطالب الملقاة على عاتق شركة صغيرة من الناحية المالية تجعل من المستحيل تقريباً أن تبقى مملوكة ومدارة بشكل خاص بعد نقطة معينة".
تقول إيمي روبرتون، مستشارة ومديرة الإبداع في العلامة التجارية المستدامة "سيفنتي + موتشي" Seventy + Mochi: "أتساءل عما يجب على العلامة التجارية فعله هذه الأيام للاستمرار. باعتباري مديرة للإبداع ولعلامة تجارية، أعلم مدى صعوبة الحصول على المزيج المثالي من الجودة والابتكار والاستحسان المتوازنة مع السعر الصحيح - والأهم من ذلك، في هذه الأيام، تقديم كل ذلك في منتج لا يدمر كوكبنا أو يؤذي الأشخاص الذين يصنعونه. والحقيقة هي أنه، علاوة عن ذلك كله، يجب علينا جميعاً كسب المال من أجل البقاء على قيد الحياة".
ومن غير المفيد أن تكون هناك عمليات إغلاق كبيرة في أماكن أخرى أيضاً. بعد شهرين فقط من شراء شركة "ماتشيز" Matches للتجزئة الفاخرة عبر الإنترنت في مقابل 52 مليون جنيه استرليني، أعلنت مجموعة "فرايزرز غروب" Frasers Group أنها ستغلق الشركة. كذلك أغلق متجر "فينيك" Fenwick الرئيس في لندن أبوابه بعد 130 عاماً من افتتاحه.
تقول راتشيل وود، المديرة التنفيذية لعلامة الكشمير الفاخرة "تشينتي اند باركر" Chinti & Parker: "إن معاناة المتاجر البريطانية الكبرى معروفة على نطاق واسع، ولكن لسوء الحظ كانت هذه المتاجر في كثير من الأحيان منفذ مبيعات تقليدي للعلامات التجارية الصغيرة. مع عمليات الإغلاق والأزمات التي تواجهها تجارة الجملة، تركت العلامات التجارية الصغيرة فجأة مع عدد أقل من الأماكن لبيع منتجاتها، وارتفاع مستوى المنافسة مع العلامات التي ما زالت تعمل".
من نواح عدة، من الصعب معرفة أين تبدأ المشكلة وأين تنتهي. تضيف وود: "الأمر يكاد يكون معضلة، إذ يعمل المصممون بجد ليكونوا مستقلين، لكنهم يعتمدون بشكل كبير على العلامات التجارية الأكبر مثل 'ماتشيز فاشون' Matchesfashion و 'نت-ا-بورتيه' Net-a-Porter. وأيضاً، في حين توفر الأسواق مزيداً من التحكم للعلامة التجارية، إلا أن هناك كلفة كبيرة لهامش الربح".
هناك أيضاً المشكلة المستمرة حول الموضة السريعة، إذ تقدم فرصة شراء الصيحات بسعر أقل للمتسوقين غير المهتمين أو غير القادرين على تحمل تكاليف المنتجات المراعية للبيئة. وتضيف وود: "إذا لم تتمكن العلامات التجارية الصغيرة من تحقيق أسعار مماثلة، فسيصبح من الصعب عليها المنافسة".
من جهتها، تقول سوزي نيلسون، خبيرة الأزياء وصاحبة متجر الملابس العتيقة "مودز اند مور" Modes & More: "الأمر صعب. التكاليف كلها تتزايد. عدد من العلامات التجارية لديها مخزون فائض تحتاج إلى بيعه من أجل توفير الأموال اللازمة للإنتاج والتصميم. المستثمرون قلقون في شأن توفير التمويل في السوق الحالية. وقرر كثير من الزبائن استئجار السلع باهظة الثمن بدلاً من شرائها من أجل المناسبات الرسمية أو الخاصة. إضافة إلى ذلك، فإن جيل الشباب يعارض شراء المنتجات الجديدة ويبحثون عن بدائل قديمة أو غيرها من البدائل المستدامة".
بالنسبة إلى "ذا فامبايرز وايف" على وجه الخصوص، ربما كانت إحدى الصعوبات هي الوباء، نظراً إلى عدم ذهاب أحد إلى أي مكان لفترة من الوقت، فكيف بالذهاب لمكان ترتدي فيه فستاناً خاصاً بالمناسبات، ولكن هناك صعوبة أخرى وهي السعر، تبلغ كلفة الفستان الأخضر والفضي المذكور أعلاه ما يقرب 1500 جنيه استرليني. تقول منسقة أزياء المشاهير ميشيل باريت: "معظم الناس يقلصون مشترياتهم، خصوصاً للمناسبات الخاصة ويعيدون استخدام ما يملكونه. لقد عانى عدد من العلامات التجارية مثل 'ذا فامبايرز وايف' خلال أزمة كوفيد، ثم تضررت بعد ذلك من ارتفاع تكاليف التجارة الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أعتقد أن السنوات القليلة المقبلة ستكون صعبة. ستستمر الموضة البريطانية ككل، ولكن من المرجح أن نرى تراجع مزيد من العلامات التجارية قبل انتهاء فترة التقشف هذه".
من الصعب في الوقت الحالي معرفة كيف يبدو مستقبل الموضة البريطانية. عدد قليل من العلامات التجارية حمل القيمة العاطفية والاجتماعية والفنية نفسها مثل "ذا فامبايرز وايف". تضيف وود: "تتمتع 'ذا فامبايرز وايف' بجمالية فريدة من نوعها لاقت صدى لدى كثير من الناس. هذا تذكير صارخ كيف تتطور صناعة الأزياء باستمرار. الإغلاق يثير تساؤلات حول كيفية بذل مزيد من الجهد لدعم هذه الشركات وضمان صناعة أزياء متنوعة ومزدهرة".