بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 17/03/2023 - 14:56
كريدي سويس - زيوريخ - حقوق النشر AP
انتقلت الاضطرابات التي تعرّضت لها البنوك الأمريكية الأسبوع الماضي إلى الضفة المقابلة للأطلسي هذا الأسبوع، حيث أعلن بنك كريدي سويس أنه سيقترض 54 مليار دولار من البنك المركزي السويسري من أجل دعم السيولة لديه.
ورغم أن كريدي سويس، البنك الذي تم تأسيسه في 1856، مرّ بأزمات مؤخراً، إلا أنها لم تكن بهذه الشدة. ولم يأت إعلان المصرف عن اقتراض الأموال إلا بعد عاصفة مالية هوجاء استمرت نحو أربع وعشرين ساعة فقط، أدت إلى انخفاض حاد في سعر سهمه.
وتختصر أعمال كريدي سويس إلى حدّ كبير بإدارة الأموال وإنشاء منتجات استثمارية لزبائنه الأثرياء حول العالم. مع ذلك، سجل البنك خسائر صافية بلغت 7.4 مليارات مليارات يورو في 2022 وكانت أكبر خسارة منذ الأزمة المالية في 2008.
ما السبب في أزمة البنك؟
منذ انهيار بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، تخوف المستثمرون من وصول هذه العدوى إلى المصارف حول العالم. وأدى ذلك إلى بيع أسهم في بنوك في جميع بلدان العالم، بينها كريدي سويس.
غير أن تلك المشاركة التي واجهها المصرف اشتدت عندما أعلن البنك الأهلي السعودي، الأربعاء الماضي، أنه لا يفكر في زيادة استثماراته في المصرف السويسري بسبب القواعد التنظيمية. ويمتلك البنك الأهلي السعودي نحو 9.9% من الأسهم في كريدي سويس.
كيف جاءت ردّة فعل المستثمرين؟
لقد جاء الإعلان السعودي في أسوأ توقيت ممكن، فالمستثمرون فيه كانوا متخوفين أساساً من انتقال العدوى الأمريكية إلى أوروبا، ومن احتمال وجود ثغرات ضعف في النظام المصرفي العالمي.
ولمّا أعلن البنك الأهلي السعودي ما أعلنه، تعززت مخاوف المستثمرين في كريدي سويس، وأثارت فرضية مرعبة مفادها أن البنك قد يجبر على الاستفادة والاستعانة من المساهمين والمستثمرين لتأمين السيولة.
ولذا عمد المستثمرون مباشرة إلى حماية أنفسهم، وتوازياً مع ذلك، تراجعت أسهم المقرض السويسري، حيث خسرت أكثر من 30 بالمئة من قيمتها الأربعاء، وهو أكبر انخفاض يسجل في تاريخ البنك في يوم واحد.
من جهة أخرى، راقب متعاملون آخرون مع المصرف وضعه عن كثب وأوقف بعضهم العمليات التجارية معه بحسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
هل يختلف كريدي سويس عن بنك سيليكون فالي؟
يدير المصرف السويسري رؤوس أموال وأعمال الأثرياء الذين يمتلكون الملايين وأحياناً المليارات ويريدون الاستثمار فيها. وإضافة إلى الأغنياء، هناك عدة صناديق للثروة السيادية تتعامل معه.
ويحتل كريدي سويس المرتبة الثانية في سويسرا من حيث الأصول ويعتبر بنكاً رئيسياً في النظام العالمي، بعكس "أس في بي" (SVB) الذي يعتبر مصرفاً محلياً وكان يخدم شركات ناشئة بالإجمال.
وبينما أقر كريدي سويس حزمة من الإجراءات لحماية المؤسسة من ارتفاع أسعار الفائدة، قال بنك سيليكون فالي إنه لا يملك أي احتياطات مالية يمكن أن تساعده في أزمته التي أدى إليها ارتفاع أسعار الفائدة.
ولكن رغم الاختلاف الجذري بين المصرفين، تراجعت أسهم كريدي سويس بنحو 7% في سويسرا الجمعة، ما يعني أن السهم خسر خمس قيمته هذا الأسبوع.
إجراءات حكومية
بعد التراجع الحاد وغير المسبوق في قيمة أسهم المصرف، اتصل البنك المركزي الأوروبي بالمصارف التي يشرف عليها، وتتعامل مع كريدي سويس، لتحديد مدى الأخطار التي قد تتعرض لها.
ودعت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيت بورن، السلطات السويسرية إلى التدخل و"تسوية" المشكلة الأربعاء الماضي. وجاء الرد السويسري سريعاً الخميس، حيث أعلن كريدي سويس اقتراض نحو 54 مليار دولار من المصرف المركزي في سويسرا بهدف تعزيزي السيولة النقدية لديه. ومنذ الأربعاء، صدرت عدّة تصريحات عن مسؤولين أوروبيين بهدف طمأنة المستثمرين.
والجمعة، قال حاكم البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيلوروا دي غالو، إنّ المصارف الفرنسية والأوروبية "قوية للغاية" مشيراً إلى فوارق إدارية وتنظيمية بين البنوك الأوروبية والأمريكية.
والخميس عاودت البورصات الأوروبية الارتفاع بعد رسالة الثقة التي وجهها البنك المركزي الأوروبي إلى القطاع المصرفي، ورفع البنك معدل فائدته الرئيسية نصف نقطة مؤكداً استعداده للتدخل عند الحاجة من أجل "الحفاظ على الاستقرار المالي" في منطقة اليورو.