لماذ ترى روسيا في حلف الأطلسي تهديداً وجودياً؟

منذ 1 سنة 165

منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن تقريباً انضمّت 15 دولة أوروبية إلى حلف شمال الأطلسي، في توسّع رأت فيه روسيا تهديداً وجودياً لدرجة أنّ الكرملين برّر جزئياً غزوه لأوكرانيا بالطموحات الأطلسية لكييف.

في الوقت الذي تأمل فيه كييف في تلقّي "رسالة واضحة وإيجابية" من قمة حلف الأطلسي في فيلنيوس بشأن رغبتها في الانضمام للتحالف العسكري الغربي فإنّ أسوأ كوابيس موسكو قد يصبح حقيقة إذا أصبحت أوكرانيا، "الدولة الشقيقة" السابقة، عضواً في الحلف.

وبرّرت موسكو جزئياً غزو قواتها لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 برغبتها في منع كييف من الانضمام إلى الحلف الأطلسي.

ومنذ عام 2014 بات توسّع الناتو أحد مصادر "التهديدات الخارجية الرئيسية" في العقيدة العسكرية الروسية، الوثيقة التي تحدّد السياسة الدفاعية للبلاد.

"أمس قصفوا بلغراد وغداً سمولينسك"

قال الخبير السياسي غورغي بوفت لوكالة فرانس برس إنّ "نشر البنى التحتية العسكرية للناتو بالقرب من الحدود الروسية يُعتبر في موسكو تهديداً حقيقياً لأمن البلاد".

وأضاف "بالأمس قصفوا بلغراد، وغداً يقصفون سمولينسك ..."، ملخّصاً بذلك تفكير السلطات الروسية. ويشير الخبير بهذا إلى التدخّل العسكري للناتو في يوغوسلافيا عام 1999 والذي صدم موسكو وشكّل نقطة تحول في علاقتها مع الأطلسي.

ومع ذلك بدأت هذه العلاقة بيد ممدودة: بعد نهاية الحرب الباردة انضمّت روسيا إلى الشراكة من أجل السلام في 1994 وهي بنية تهدف إلى تطوير التعاون بين دول التكتل الشرقي السابق وحلف شمال الأطلسي.

وبعد ثلاثة عقود، نشر الحلف كتائب عسكرية في ثماني دول من أوروبا الشرقية منها أربع دول تقع على الحدود مع روسيا. والأسوأ هو أنّ روسيا تستحضر بانتظام وعداً قطعه لها الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، على حدّ قولها، يقضي بعدم توسيع الناتو باتجاه أراضيها.

وإذا كانت حقيقة هذا الوعد موضع خلاف اليوم، فقد جعل منه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منه حجة لخياراته السياسية والعسكرية. وقال بوتين في كانون الأول/ديسمبر 2021 "ولا شبراً واحداً شرقاً" هذا ما قيل لنا في التسعينيات. ماذا حصل؟ لقد خدعونا بوقاحة".

"روسيا ستواصل الحرب"

تعتبر موسكو انضمام أوكرانيا إلى الحلف خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه وقد أكدت أنها "تتابع عن كثب" قمة فيلنيوس. وحتّى لو لم يؤدّ الاجتماع في ليتوانيا إلى انضمام سريع لأوكرانيا فإنّ القمّة "ستتخذ خطوة جديدة نحو انضمام أوكرانيا إلى الناتو"، وفقاً لبوفت.

ويعتبر الخبير أنّه بناء عليه "لم يعد لدى روسيا أيّ سبب لإنهاء عملياتها العسكرية" في أوكرانيا والتي كان الهدف منها أصلاً منع تحقّق هذا السيناريو، ويضيف قوله: "العكس صحيح: طالما استمرت الحرب فلن يتمّ قبول أوكرانيا في الناتو".

من ناحية أخرى، ستنضم السويد قريباً إلى الحلف بعد الضوء الأخضر من العضوين الأخيرين اللذين يعرقلان ذلك، المجر وتركيا، المقربين من موسكو.

وستحذو بذلك السويد حذو فنلندا التي تم قبولها في الناتو في نيسان/أبريل، لتضاعف الحدود المشتركة بين الحلف وروسيا والتي باتت تمتد على أكثر من 2500 كيلومتر.

ومن شأن هذا الأمر أن يؤثر في العلاقة بين موسكو وأنقرة، بخاصة وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نجح في نهاية الأسبوع الماضي في إعادة قادة عسكريين أوكرانيين أسرتهم روسيا، وتمت مبادلتهم على أن يبقوا في تركيا حتى نهاية الحرب وفقاً لاتفاق بين موسكو وكييف. وأكّدت روسيا أنّ تركيا انتهكت الاتفاق المبرم معها بشأن هؤلاء الأسرى.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الثلاثاء إلى أن أنقرة "أكثر توجّهاً نحو الغرب من روسيا"، داعياً السلطات التركية إلى "نزع نظاراتها الوردية" لأنّ "لا أحد يريد تركيا في أوروبا". 

وتبقى مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو هي الشغل الشاغل لموسكو. وعلى ما يبدو فقد ساهم في طمأنة موسكو عدم تلقّي كييف دعوة رسمية للانضمام إلى الحلف، ولا حتّى إقرار قمة فيلنيوس جدولاً زمنياً محدّداً لذلك، وهو ما ندّد به الرئيس فولوديمير زيلينسكي ووصفه بانه "ضعف" من قبل الناتو. وسخرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من القمة الثلاثاء ووصفتها بأنها "مشهد فولكلوري".