للمساعدة في التصدي لروسيا.. أوكرانيا تزيد الإنفاق على الأسلحة محلية الصنع

منذ 8 أشهر 87

تحتاج أوكرانيا إلى كل الوسائل المتاحة للتصدي للجيش الروسي، بما في ذلك صناعتها الدفاعية الصغيرة لكن سريعة النمو، والتي تنفق عليها الحكومة الكثير من الأموال أملًا بأن تساهم زيادة الأسلحة والذخائر محلية الصنع في تغيير مجرى الأمور.

خلال العام الماضي، بذلت الولايات المتحدة وأوروبا جهدًا كبيرًا لتزويد أوكرانيا بالأسلحة وغيرها من المساعدات، حيث تواجه كييف جيشاً روسياً أكبر بكثير تدعمه صناعة دفاع محلية مُزدهرة.

وكانت الحكومة الأوكرانية قد خصصت نحو 1.4 مليار دولار في عام 2024، لشراء وتطوير الأسلحة داخليًا، أي أكثر بعشرين ضعفا مما كان الوضع عليه قبل الغزو الروسي واسع النطاق.

والآن، يتم شراء جزء كبير من الأسلحة من مصانع القطاع الخاص، التي كانت تهيمن عليها الشركات الحكومية.

ويقول تاراس شموت، مدير مؤسسة "Come Back Alive"، وهي منظمة جمعت أكثر من 260 مليون دولار على مدى العقد الماضي لتزويد القوات الأوكرانية بالمعدات: "لا نحتاج إلى قذيفة هاون بعد ثلاث سنوات، بل نحتاج إليها الآن، ويفضل أن نكون قد حصلنا عليها في الأمس".

رواد الأعمال في زمن الحرب

فرَ رجل الأعمال، كوزمين، من مدينة ميليتوبول جنوب أوكرانيا عام 2022 بعد غزو روسيا والاستيلاء على مصنعه الذي كان ينتج في الغالب قطع غيار للآلات الزراعية.

وكان قد بدأ في تطوير نموذج أولي لقذائف الهاون بعد وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني.

وتولى كوزمين إدارة مستودع  كبير في غرب أوكرانيا في الشتاء الماضي، هدفه على المدى الطويل هو زيادة الإنتاج إلى 100 ألف قذيفة شهرياً وتطوير محركات ومتفجرات للطائرات بدون طيار.

إنه أحد رجال الأعمال الذين نجحوا في إحداث تحول في صناعة الأسلحة في أوكرانيا، والتي كانت تهيمن عليها الشركات الحكومية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. 

اليوم، أصبح نحو 80% من صناعة الدفاع مملوكة للقطاع الخاص ـ وضع يتناقض تماماً مع صناعة الدفاع التي تسيطر عليها الدولة في روسيا.

عوائق أمام النمو

وجاءت هذه الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري لأوكرانيا على خلفية عرقلة نواب جمهوريين في مجلس النواب الأمريكي حزمة مساعدات أميركية لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار، في حين تسعى الدول الأوروبية لتوفير ما يكفي من الذخيرة.

ويقول تريفور تايلور، زميل باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث مقره لندن، إنه على الرغم من أن التحول في قطاع الدفاع في أوكرانيا مثير للإعجاب، إلا أن البلاد ليس لديها فرصة لهزيمة روسيا دون دعم كبير من الغرب.

وتضخ روسيا المزيد من الأموال أيضاً في صناعتها الدفاعية، التي ساعد نموها في حماية اقتصادها من العقوبات الغربية. 

مؤخراً، تفاخر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالزيادات الهائلة في تصنيع الدبابات والطائرات بدون طيار والذخيرة، قائلًا: “لقد نهضت البلاد بأكملها وتعمل من أجل انتصارنا”.

وبالمقابل، قال أولكسندر كاميشين، وزير الصناعات الإستراتيجية الأوكراني، إنه مقارنة بالعام الماضي، فإن إنتاج أوكرانيا من قذائف الهاون يزيد بنحو 40 مرة، كما تضاعف إنتاجها من ذخيرة المدفعية ثلاث مرات تقريباً. 

وشهدت أوكرانيا أيضاً طفرة في الشركات الناشئة للطائرات دون طيار، حيث خصصت الحكومة نحو  مليار دولار أمريكي لهذه التكنولوجيا، بالإضافة إلى ميزانيتها الدفاعية، وتنتج الآن في شهر ما كانت تنتجه في عام، حسب مصادر أوكرانية.

وقال الرائد أرتيم خلودكيفيتش، إنه بالنسبة للواء 28 في الجيش الأوكراني، الذي يقاتل بالقرب من باخموت، فإن التأخير في إمدادات الأسلحة الأجنبية لم يتسبب لغاية الآن بمشاكل للقوات "لأننا قادرون على تغطية احتياجاتنا من إنتاجنا المحلي".

ومع ذلك، تواجه مصانع الأسلحة المحلية مجموعة من التحديات، بدءًا من مواكبة الاحتياجات المتغيرة لقادة ساحة المعركة، حتى تعرضها للضربات الصاروخية الروسية بعيدة المدى، لكن قد  يكون العائق المباشر الأكبر هو نقص القوى العاملة.

نقص في الأيدي العاملة

وقال ياروسلاف دزيرا، الذي يدير أحد مصانع شركة "Armor" الأوكرانية، إنه يكافح من أجل توظيف العمال المؤهلين والاحتفاظ بهم لأن أغلبهم انخرطوا في الحرب.

وتقول شركات الأسلحة إن البيروقراطية عائق آخر أمام النمو، وحاولت الحكومة بذل جهود أكبر لتصبح المصالح الحكومية أكثر نجاعة منذ بدء الحرب، بما في ذلك من خلال جعل عملية منح العقود أكثر شفافية، لكن المسؤولين يقولون إن أمام البلاد  طريق طويل لتقطعه.

وعلى الرغم من التحديات، شهدت صناعة الطائرات دون طيار في أوكرانيا إحدى قصص النجاح، حيث توجد الآن نحو 200 شركة في البلاد، تركز على صناعة المُسيرات.

وقال سيرهي باشينسكي، رئيس المجموعة التجارية للرابطة الوطنية للصناعات الدفاعية الأوكرانية، إن حرب روسيا على أوكرانيا ليست مواجهة بخصوص من يملك طائرات دون طيار أو صواريخ أفضل.

وأضاف: "نخوض حرباً مع روسيا تعتمد على مصدرين فقط: القوة البشرية والمال. إذا تعلمنا استخدام هذين المصدرين الأساسيين، سنفوز، وإذا لم يكن الأمر كذلك، سوف نواجه مشكلات كبيرة”.