لجنة الشؤون الدستورية بالبرلمان المصري توافق على قانون الإجراءات الجنائية رغم اعتراضات.. ونواب: جرى مراعاة كل الآراء

منذ 2 أشهر 40

(CNN) -- وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لعرضه على المجلس في بداية دور الانعقاد الخامس عقب انتهاء الإجازة البرلمانية، في الوقت الذي ظهرت فيه اعتراضات برفض بعض بنود مشروع القانون من جهات مختلفة منها نقابة الصحفيين وكذلك نادي القضاة الذي رفض تعديل إحدى المواد بناءً على طلب نقابة المحامين-وفق وسائل إعلام محلية- مما دفع البرلمان للتأكيد على أنه مازالت أبوابه مفتوحة لمناقشة أية تعديلات على مشروع القانون.

وكانت الحكومة المصرية، قد تقدمت لمجلس النواب في عامي 2017 و2021 بتعديلات على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بناءً على توصيات لجنة الحوار الوطني مع الأحزاب السياسية بتعديل بعض مواد القانون خاصة المتعلقة بالحبس الاحتياطي، وتضمن مشروع الحكومة تعديل 365 مادة من أصل 461 مادة بالقانون.

إلا أن البرلمان قرر تشكيل لجنة فرعية لإعداد مسودة لمشروع قانون جديد، تضم في عضويتها ممثلين من جهات مختلفة، وبعد انعقاد دام 14 شهرًا تم إعداد مسودة جديدة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، وبعدها قرر رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، دعوة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية للانعقاد خلال الإجازة البرلمانية لاستكمال المناقشات حول مشروع القانون، وانتهت اللجنة أمس بالموافقة على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن بعض حقوقيين ونقابة الصحفيين أبدوا اعتراضهم على عدد كبير من مواد القانون، وطالبوا بإعادة طرحه للحوار المجتمعي مرة ثانية.

وشكلت نقابة الصحفيين لجنة قانونية لمراجعة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، واستعانت بآراء عدد من الحقوقيين والمحامين، وجاءت أبرز ملاحظاتها على القانون وجود نصان يمكن استخدامهما لتقييد العمل الصحفي، كما أن القانون ينال من مواد الدستور الخاصة بالتقاضي ونظام العدالة، ومنها أنه لا يساوي بين سلطة الاتهام وحقوقها والدفاع وحقوقه وضماناته، ويغلب الأولى على الثانية، ولا يتيح التظلم إلى القضاء في قرارات النيابة العامة بشأن سير التحقيق، ولا يعطي المتهم والمدافع عنه الحق في المطالبة ببطلان الإجراءات، وفق بيان لنقيب الصحفيين خالد البلشي.

فيما رد البرلمان بأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوة هامة في تحديث النظام القانوني في مصر، ويهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في فلسفة الإجراءات الجنائية، حيث يمنح النيابة العامة اختصاصات أوسع في تحريك الدعوى الجنائية، فباتت صاحبة الاختصاص الأصيل في تحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية إعمالا لحكم المادة (189) من الدستور، كما يشمل مجموعة من الضمانات التي تعزز من حقوق الإنسان، منها تقليص مدة الحبس الاحتياطي، وتقييد سلطات مأموري الضبط القضائي في القبض والتفتيش، ووضع ضوابط لتعويض المتهمين عن الحبس الاحتياطي الخاطئ.

بداية قال رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، النائب إيهاب الطماوي، إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية جرى طرحه للحوار المجتمعي على كافة الجهات خلال فترة طويلة تجاوزت 14 شهرًا، مستشهدًا بأن اللجنة المشكلة لصياغة مسودة القانون ضمت في عضويتها ممثلين من اللجان الدستورية والتشريعية والدفاع والأمن القومي وحقوق الإنسان بمجلس النواب، بالإضافة إلى الخبراء المتخصصين من مجلس الشيوخ وممثلين عن الجهات القضائية ووزارات الدفاع والعدل والداخلية ونقابة المحامين والمجلس القومي لحقوق الإنسان وأساتذة من كلية الحقوق جامعة القاهرة.

وأضاف "الطماوي"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن اللجنة المشكلة أعدت مسودة لمشروع قانون متكامل للإجراءات الجنائية، تقوم فلسفته على الدستور المصري الصادر عام 2014 والمعدل عام 2019، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2021، كما يتوافق القانون مع كافة المواثيق الدولية ذات الصلة بملف حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أنه تم إعداد مشروع قانون جديد، وذلك بعد تقدم الحكومة بمشروع قانون يتضمن تعديلات تصل إلى نسبة 85% من القانون القائم، ولذا ارتأت اللجنة إعداد قانون جديد يتماشى مع الدستور والمواثيق الجديدة، خاصة وأن القانون القائم صدر منذ 74 عامًا.

وتابع أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يضم 540 مادة في 7 كتب يضم كل كتاب عددًا من الأبواب والفصول، تلبي طموحات المصريين في الجمهورية، وبعد الإعلان عن مسودة القانون تم إحالة توصيات ومخرجات جلسة الحبس الاحتياطي إلى الحوار الوطني للحكومة لاتخاذ اللازم، وكانت كلها تتوافق مع التعديلات التي وردت بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، مما دفع الحكومة إلى سحب مشروعات القوانين التي وردت إلى مجلس النواب منذ عام 2017 التي تخص قانون الإجراءات الجنائية، مع اعتبار مشروع القانون الذي أعدته اللجنة الفرعية هو نفسه المقدم من الحكومة.

وفي أغسطس الماضي، وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على إحالة توصيات الحوار الوطني للحكومة بشأن أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة، مع تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

واستكمل أن اللجنة كانت منفتحة على استقبال كافة المقترحات والآراء البناءة وأجرت العديد من المناقشات مع كل الأطراف، مستشهدًا بأنه تم الاستجابة لعدد كبير من المقترحات المقدمة من نقابة الصحفيين والحكومة والمجلس الأعلى للقضاة، وتم رفض بعض المقترحات المقدمة من نفس الجهات، مشيرًا في هذا الصدد إلى أنه تم الاستجابة لتعديل نقابة المحاميين في المادة 242 المتعلقة بإحالة مذكرة رئيس الجلسة) إلى النيابة بدلاً من (إحالة المحامي) حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات.

واتفق معه رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، طارق رضوان، أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية تمت الموافقة عليه بعد مناقشات مجتمعية، مضيفًا أن مشروع القانون خضع للحوار المجتمعي مرتين؛ الأولى من خلال لجنة فرعية ضمت في عضويتها ممثلين من كل الجهات المعنية سواء الهيئات البرلمانية أو القضائية والنقابات وأساتذة جامعات وممثلين عن وزارات عدة، ووضعت مسودة أولية لمشروع القانون، والمرة الثانية عند توجيه رئيس البرلمان بتشكيل لجنة مشتركة من الدستورية وحقوق الإنسان بمجلس النواب لمناقشة بنود القانون، وعلى مدار أربعة أسابيع تم مناقشة كل الملاحظات التي وردت إلى المجلس، ووافقت اللجنة على مشروع القانون.

أوضح "رضوان"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن موافقة اللجنة الدستورية بمجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية لا يعني إقراره، وإنما إحالته لمناقشة مواد القانون في الجلسة العامة، والتصويت على كل مادة قبل إقرارها، وفي النهاية يتم الموافقة على مجمل القانون بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.

وبدأ البرلمان المصري إجازته من يوم 18 يوليو الماضي، بعد فض دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثاني، ومن المقرر عودة دور الانعقاد الخامس في مطلع شهر أكتوبر المقبل.

ودعا نقيب الصحفيين خالد البلشي عبر صفحته الرسمية، إلى سحب مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ووقف مناقشات التصويت على بنوده في اللجنة التشريعية بمجلس النواب، وطرحه للحوار مجتمعي لإعداد قانون جديد، ويرى أن 41 مادة من مواد المشروع تخالف مواد الدستور، وهناك 44 مادة تحتاج لتعديلات جذرية، بينها مادتان على الأقل تتعلقان بعمل الصحافة وهما 15 و266، وفق لكلمته بمؤتمر صحفي عن القانون.

كما جرى تداول بيان صادر من نادي القضاة المصري، أعلن فيه توجيه الدعوة لرؤساء الدوائر بمحكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية للاجتماع لمناقشة آثار المقترحات المقدمة لتنظيم حسن سير العمل بالجلسات وحفظ النظام بها، وجاء هذا البيان بعد إعلان نقابة المحاميين توجيه الشكر للجنة التشريعية بمجلس النواب بعد موافقتها على تعديل المادة 242 من مشروع القانون، بعد النص فيها على عبارة مع عدم الإخلال بالضمانات المقررة في قانون المحاماة وتعديلاته، وحذف كلمة التشويش، وإحالة مذكرة رئيس الجلسة إلى النيابة بدلاً من إحالة المحامي حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات مؤكدين أن ذلك ضمانة حقيقية لحماية حق الدفاع.