لبنان ينتخب رئيسا للجمهورية.. فهل ينجح في المرة 12 ؟

منذ 1 سنة 121

يحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً من 128 هو عدد أعضاء البرلمان. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

يلتئم البرلمان اللبناني الأربعاء للمرة الأولى منذ قرابة خمسة أشهر، في محاولة لانتخاب رئيس للجمهورية يُرجّح أن تنتهي كسابقاتها، على وقع انقسام سياسي يزداد حدّة بين الأقطاب السياسية والطائفية وينذر بإطالة عمر الشغور الرئاسي.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان خلال 11 جلسة عُقد آخرها مطلع العام، في انتخاب رئيس في وقت لا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب.

إلا أن إجماع كتل سياسية وازنة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، أعاد خلط الأوراق الرئاسية ودفع رئيس البرلمان نبيه بري الى تحديد موعد لجلسة انتخاب جديدة لا يُتوقع أن تحقق خرقاً.

ويقول الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار لوكالة فرانس برس "على غرار سابقاتها، ستكون الجلسة مجرّد وسيلة للقوى السياسية من أجل تحديد وزنها الانتخابي".

وارتفعت أسهم أزعور الذي انضم إلى صندوق النقد الدولي عام 2017 وشغل منصب وزير المالية اللبناني بين 2005 و2008، في الأسابيع الأخيرة إثر اتصالات مكثفة انتهت بإعلان كتل رئيسية ونواب معارضين لفرنجية تأييدهم لترشيحه.

وإثر ذلك، أعلن النائب ميشال معوّض أول من خاض السباق الرئاسي ونال العدد الأكبر من الأصوات خلال الجلسات السابقة من دون أن يحقق الأكثرية المطلوبة، تراجعه عن ترشحه لصالح أزعور.

ويعد حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز والرافض لوصول فرنجية، وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، من أبرز داعمي أزعور.

بعد دعم ترشيحه، تنحّى أزعور موقتاً عن مهامه كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد. وقال في أول تعليق له إنه يريد لترشحه أن يكون "مساهمة في الحل وليس عنصراً يُضاف إلى عناصر الأزمة".

وأكد أنه "ليس تحدياً لأحد"، في رد على حزب الله الذي وصف عدد من نوابه أزعور بمرشح "المواجهة" و"التحدي".

"مرشح المقاومة"

أعلن حزب الله أن كتلته ستصوّت لصالح فرنجية، إلى جانب حركة أمل التي يتزعمها بري، مع كتل أخرى.

وقال رئيس كتلة حزب الله النائب محمّد رعد الإثنين إن من يدعمون ترشيح أزعور، من دون تسميته، "لا يريدون إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وإنّما يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشّح المقاومة"، في إشارة الى فرنجية.

وأكد فرنجية في كلمة الأحد أنه سيكون "رئيساً لكل اللبنانيين" برغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة إلى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بـ"مرشّح الممانعة" في إشارة إلى حزب الله.

وقال في كلمة "اذكرّهم في 2016 دعموا مرشّح الممانعة الرئيس ميشال عون".

ومن المرجح أن ينال أزعور العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الأولى، إلا أنه لن ينجح في الحصول على 86 صوتا للفوز من الدورة الأولى، على أن يطيح حزب الله وحلفاؤه بالنصاب الضروري لعقد دورة ثانية.

هذا وكانت قوى معارضة وعلى رأسها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تلوح بإمكانية تعطيل النصاب في الجلسات المقبلة لفرملة وصول فرنجية إلى كرسي الرئاسة. 

ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً من 128 هو عدد أعضاء البرلمان. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

 "تسوية؟" 

هذا وبالمقابل لن يكون بمقدور فرنجية الحصول على أكثرية تمكّنه من حسم النتيجة. كما لن يتمكن أزعور من انتزاع أصوات النواب الشيعة. وبذلك فإن الدخول في مرحلة من "الفراغ الطويل"، وفق بيطار، سيكون السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد جلسة الأربعاء.

ويقول بيطار "بغياب ضغط دولي كبير وتسوية حول مرشح، قد يتطلب الأمر أشهراً عدّة قبل انتخاب رئيس".

في عام 2016، وصل عون إلى رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي واستناداً الى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه. وأقر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في آذار/مارس بأن حزبه وحلفاؤه عطلوا حينها النصاب حتى انتخاب عون.

وبينما يبدو الملف اللبناني غائباً عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكاً لتسريع انتخاب رئيس.

ومن المتوقع أن يصل إلى بيروت الأسبوع المقبل وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان الذي عيّنته باريس مبعوثاً خاصاً إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر إن بلادها تدعو لبنان إلى أخذ جلسة الأربعاء "على محمل الجد واغتنام الفرصة التي توفرها للخروج من الأزمة". وأكدت "الأولوية التي تعطيها الدبلوماسية الفرنسية" لحل الأزمة في لبنان.

من جهتها، دعت واشنطن بلسان المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر مجلس النواب اللبناني إلى "إنجاز المهمّة". وقال للصحافيين "نعتقد أنّه طالما لم يتمّ انتخاب رئيس، فيجب على البرلمان الاستمرار إلى حين إنجاز المهمّة".

وأضاف "نحضّ قيادة البلاد على الشعور بالحاجة الملحّة لتلبية الاحتياجات المصيرية للشعب اللبناني بدءاً بانتخاب رئيس".

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، ويشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.

ويمكن للانقسام الحاد بين القوى السياسية أن يمهّد الطريق وفق بيطار "أمام مفاوضات ستصل في نهاية الأمر إلى حلّ الرجل الثالث، وانتخابات يمكن أن تُعدّ مسبقاً على غرار معظم الانتخابات السابقة في تاريخ لبنان".