كيف يهجز الجيش الروسي نفسه للهجوم الأوكراني المضاد المرتقب؟

منذ 1 سنة 119

يرى خبراء أن زيلينسكي يعلم جيداً أن النقاش في المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا يزداد في الغرب، ولذا، فلا يمكنه أن يخطئ في لحظة إعلان الهجوم المضاد، فليس لدية إلا ضربة واحدة ويجب أن يكون متأكداً منها. فكيف هو الوضع الميداني الآن وكيف تتحضر روسيا للهجوم الأوكراني المضاد المرتقب؟

مع خط جبهة يزيد طوله عن مسافة 800 كيلومتر، وفي بعض الأحيان على ثلاثة خطوط في العمق والكثير من الجنود، تستعد روسيا لهجوم مضاد أوكراني ستكون نتيجته حاسمة لبقية فصول الحرب. وفيما يقترب الشتاء من الانتهاء، 

وبعد هجوم روسي جاء بنتائج محدودة، يتوقع أن يدخل النزاع قريباً في مرحلة تستعيد فيها كييف زمام المبادرة. لكن موسكو استخلصت العبر من فشل الماضي وتراهن مرة أخرى على حرب طويلة الأمد تؤكد أنها ستنتصر فيها.

أسنان التنين

تمتد المنشآت الروسية من خيرسون في الجنوب إلى شمال شرق أوكرانيا أي بين 800 و 900 كلم. يشير برادي أفريك من معهد الأبحاث الأمريكي "إنتربرايز إنستيتيوت" لوكالة فرانس برس إلى تراكم "طبقات التحصينات والخنادق".

يوضح "هذا يشمل الخنادق المضادة للدبابات والحواجز وخطوط الدفاع المصنعة مسبقاً مثل "أسنان التنين" وخنادق للرجال".

ونشرت وكالة رويترز الخميس مادة موسعة عن هذه الدفاعات

تصطدم الهجمات الأوكرانية بالتالي بعدة جدران متتالية. يقول بيار رازو المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية (FMES) إن "هدف الروس هو تحقيق النجاح".

ويضيف "في الجدار الثاني، يميل المهاجم إلى التعثر وحتى إذا مر، فالثالث معقد".

أين ومتى؟

يقدم خط الجبهة عدة خيارات. يقول أندرو غالر المحلل في المعهد البريطاني جينز إنه "في أي استراتيجية دفاعية، تقوم بمحاولة استدراج المهاجم إلى المنطقة التي تختارها".

لكن مكان الهجوم المضاد قد لا يكون تقرر بعد. ويمكن أن يسبقه "شرك مع هجوم على نطاق محدود" لكي يدافع الروس عن أنفسهم مما "هو ليس الهجوم الأساسي".

في موسكو يشير فاسيلي كاشين من الجامعة الوطنية HSE من ضمن الخيارات إلى منطقة باخموت التي تشهد معارك عنيفة منذ أشهر، والجنوب. يقول "المعطيات التي بحوزتنا محدودة جداً".

والإثنين، توقع رئيس مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين هجوماً مضاداً في اليوم الذي يسيطر فيه مقاتلوه على باخموت مشيراً إلى 9 أيار/مايو، ذكرى النصر الروسي على ألمانيا النازية.

من جانب آخر، يذكر بيار رازو أيضاً بإمكانية الخداع بدون أن يستبعد "عملية خداع كبرى من جانب كييف لإشاعة الاعتقاد بأنهم ليسوا جاهزين".

الحشد الروسي

يعتمد الكرملين كما فعل منذ بدء الحرب، على خزان من الجنود يواصل التزايد عبر حملة تجنيد.

يؤكد فيليب غرو وفنسان توريه في دراسة لمؤسسة الأبحاث الإستراتيجية (FRS) أن "الاستعدادات الروسية حتى لو استنفدت جهودها لا تزال تملك ما يكفي من الاحتياطي من الرجال للمساهمة في امتصاص الصدمة". 

ويضيفان "اتخذوا ما يكفي من الإجراءات المضادة لتعقيد أي تقدم أوكراني بشكل كبير".

حتى جنود الاحتياط غير المدربين بشكل جيد يمكنهم على الأرجح الاحتفاظ بخطوط. يقول فاسيلي كاشين إن "أي هجوم أوكراني، حتى الأكثر فاعلية، لن يضع حداً لهذه الحرب".

أوكرانيا مرغمة

على الورق ومع كل المعدات الغربية، أصبحت كييف أفضل تسليحاً ممّا كانت عليه قبل عام. لكن قسماً من الأسلحة لم يتم إرساله بعد الى الجبهة وبعضها استبدل بعض التجهيزات الأوكرانية المدمرة.

وأكدت مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية على "مستوى عالٍ من الخسائر الناجمة عن حرب الاستنزاف لا سيما بين الضباط والجنود الأكثر خبرة" وكذلك على "قيود مشددة على استهلاك الذخائر".

وتستخدم أوكرانيا في الوقت نفسه أسلحتها التي تعود إلى الحقبة السوفياتية والمعدات الحديثة. هو تعقيد يبرز أهمية القرارات اللوجستية.

إن اختراق خطوط العدو ليس له معنى إلا اذا أتاح السيطرة على المنطقة المحتلة. ويحذر أندرو غالر قائلاً "كلما ذهب [الأوكرانيون] أبعد في السيطرة على أراض، كلما كانت شبكة الإمدادات طويلة".

فشل غير مسبوق

يعلم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن الغربيين بدأوا يواجهون صعوبات مالية وأن المساعدات تتم مناقشتها أكثر فاكثر، لا سيّما في الولايات المتحدة.

يقول بيار رازو "ليس لديه مجال للخطأ. لا يمكنه التحرك إلا حين يكون متأكداً من ضربته".

لكن أوكرانيا ومع التحضير لعمليتها عليها ان تواصل الدفاع عن لائحة أولويات: كييف وخاركيف والمحور اللوجستي بين المدينتين وحدودها مع بيلاروس والمحاور مع الحدود البولندية والرومانية وأوديسا والمحطات النووية المدنية.

من جهته، يكشف الكولونيل الفرنسي السابق، ميشال غويا، [الذي أصبح مؤرخاً] عن "اختراقين فقط في هذه الحرب: في بوباسنا من جانب الروس في أيار/مايو 2022 وخصوصاً في منطقة خاركيف من جانب الأوكرانيين في أيلول/سبتمبر".

لكنه يضيف "مواقف الجانبين، خصوصاً الجانب الروسي، حالياً، أقوى بكثير مما كانت عليه آنذاك".